منوعات

فقد بصره بسبب ضربة (نبلة)… عمر…حكاية شاب (كفيف) يحفظ القرآن ويمتلك أحلاماً (مبصرة)


نعمة البصر من أعظم النعم التي وهبها المولى عز وجل لعبده و هو القادر بأن يحرم منها آخرين لحكمة يعلمها هو، وفاقدي البصر أي (المكفوفين) حرمهم الله من تلك النعمة إلا أنه بقادر أن يعوضهم عنها بأشياء قد لا يمتلكها الشخص المبصر وهي نعمة البصيرة التي قد لا يملكها كل شخص من المبصرين، وتأقلم الكفيف مع واقعه هو نوع من الصبر على الامتحان الذي وضعه فيه المولى عز وجل خاصة إن ولد به ما يجعله أكثر تقبلاً للقضاء والقدر والرضاء بواقعه، وهناك أشخاص ولدوا مبصرين إلا أنهم تعرضوا لحوادث مختلفة كانت سبباً لفقدانهم البصر إلا أن معظمهم كانوا أصحاب تحدٍ وطموح، ومن بين هؤلاء الشاب عمر الذي ظل منذ صغره متحدياً لإعاقته البصرية التي عانى منها من بعد ما كان مبصراً بسبب إصابة تعرض لها، إلا أن عزيمته لم تفتر وظنه لم يخب بأن القادم أفضل و أجمل.

(1)
من جانبها حرصت (كوكتيل) على الالتقاء بالطالب عمر محمد علي عمر، وهو شاب في العقد الثالث من عمره يدرس بمرحلة الأساس، إصابته بـ(العمى) كانت نتيجة إصابته بضربة في العين وقتها كان صغيراً في السن وتطور الأمر بأن أصبح (كفيفاً)، وإبتدر الشاب عمر حديثه لـ(كوكتيل) قائلاً: (أتيت لهذه الدنيا وأنا مبصراً لا أعاني من أي أمراض وأدخلت السعادة وسط أسرتي وكنت فرحاً بها و أنا أتقدم في العمر بسرعة ليكون حولي مجموعة من الأصدقاء الذين ظللنا نلعب سوياً في الحي بعيون مليئة بالتفاؤل والأمل ولم أتخيل أن يأتي يوم أحرم فيه من تلك النعمة الجميلة بالرغم من أنني لم أكن أعرف قيمتها في تلك السن وكنت وقتها أبلغ من العمر سبعة أعوام.)
(2)
ويوضح عمر الكيفية التي جعلت منه شخصاً (كفيفاً) قائلا: (في أحد الأيام وأثناء لعبنا في الشارع مع مجموعة من صبية الحي قام أحدهم بتصويب (النبلة) التي كان يلعب بها خطأ نحو عيني فأصابتني ونزفت دماأ كثيراً وأثرت عليها كثيراً و لم تجدِ معها العمليات فأصبحت لا أري بها نهائياً أي أصبحت عمياء لتلتهب العين الأخرى و تتأثر بما حدث للأولى، ليتم إجراء عدة عمليات إلا أنها جميعها باءت بالفشل لأفقد البصر في العينين منذ ذلك الوقت و حتى الآن.)
(3)
ويواصل: (بعدها اختلفت حياتي اختلافاً كبيراً وكانت فترة صعبة بالنسبة لي لأن هناك متغيرات كثيرة ستطرأ في حياتي وستغير من مجراها و كان لا بد لي من مواجهتها بإيمان و صبر كبيرين وكان وأن حدث ذلك وأحمد الله أن رأيت و جهي والدي قبل أن أصاب بالعمى فأحرم من مشاهدتهم ومعرفة ملامحهم، مضيفاً: (قد يكون وقع الخبر وقتها علي أسرتي صعباً للغاية إلا أننا نرجع ونقول إنها أقدار مسطرة منذ أن كنا نطفة في أرحام أمهاتنا.)
(4)
واختتم حديثه: (لقد درست الخلوة بعد ذلك وهو الأمر الذي أسهم في سرعة حفظي للقصائد والقرآن بعد دخولي المدرسة وذلك عن طريق اللمس.. تعلمت ترتيب الحروف والكتابة والآن أدرس بالصف الثامن في بحري وأنا أسكن مدينة أمدرمان الثورة، أتحرك بصورة عادية بالمواصلات دون أن يقودني شخص بالرغم من أنني أحياناً أتعرض لمشاكل وآخرها أثناء الاحتجاجات الأخيرة ووقتها كنت في الشارع العام وتعرضت لبمبان كثيف فظللت أتخبط و لا أدري أي وجهة اتجه كان موقفاً عصيباً.)

حوار:محاسن احمد عبدالله
صحيفة السوداني.