مادورو يفصح لـ”سبوتنيك” عن حقيقة ما يجري في فنزويلا
التقت “سبوتنيك” مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وأجرت معه هذا الحوار:
سبوتنيك: هل لكم أن تحدثونا عما إذا كنتم تودون أن تطلبوا مساعدة من روسيا في هذه الأيام التي تواجه فنزويلا فيها وضعا متأزما؟ وهل صحيح أن موظفين في شركات حراسة خاصة روسية وصلوا إلى فنزويلا في مهمة تأمين رئيسها؟
مادورو: ما فتئت روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين تقدم شتى المساعدات إلينا، ونقبلها بامتنان. وعبرت لبوتين عن رجائي بأن تحافظ روسيا على الاتصالات معنا وتوفر الدعم الدبلوماسي والسياسي في منظمة الأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية. وقال بوتين في حديثه لي قبل أيام إن روسيا ستعزز التعاون مع فنزويلا في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والعسكرية وفي صناعة النفط والغاز. وفي ما يخص التعاون العسكري تمتلك فنزويلا معدات عسكرية روسية متطورة وأسلحة حديثة، وتم نشرها بشكل جيد، وتواصل كوادرنا العمل، وكانوا قد تلقوا التدريبات في روسيا. ولنا علاقات حسنة جدا مع بوتين في مجال التعاون العسكري.
سبوتنيك: هل تنوون طلب أسلحة جديدة؟
مادورو: لدينا خطط دائمة لتطوير التعاون وتطوير الدفاع الجوي والمدفعية والصواريخ. وسنواصل التقدم في هذا المجال دائما، وستأتي أحدث أسلحة العالم إلى فنزويلا.
سبوتنيك: متى؟
مادورو: تصلنا في كل شهر، وهناك تعاون في كل شهر. وهذا أمر طبيعي.
سبوتنيك: هل ترون مخاطر على التعاون بين روسيا وفنزويلا بعدما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات جديدة على PDVSA؟
مادورو: لا توجد أية مخاطر لأن روسيا دولة مستقلة سيدة والمؤسسات الروسية قوية جدا على المستوى العالمي، ولديها الكوادر الخاصة بها وموارد مالية وإمكانيات لوجستية. وPDVSA مؤسسة تابعة لدولة سيدة. ولأننا دولتان مستقلتان فإننا نقوم بالنشاطات الاقتصادية والاستثمارية اللازمة وننفذ المشاريع الكبيرة لإنتاج النفط. وكل شيء يخص التعاون بين روسيا وفنزويلا في مجال النفط والغاز يحميه درع متين.
سبوتنيك: هل لكم أن تقولوا ما إذا صدرت مذكرة توقيف بحق السيد غوايدو بعد أن أعلنت النيابة العامة أنها ستتخذ إجراءات بحقه؟
مادورو: هذا شأن دستوري يخص القضاء الفنزويلي. وأنا كرئيس للدولة أرى توجهًا إلى القيام بانقلاب وانتهاك الدستور. إلا أن هذا مجرد رأي رئيس الدولة. وعلى النائب العام أن يفعل وقد بدأ يفعل. ويتعين على المحكمة العليا أن تفعل وقد بدأت تفعل. ولا بد أن ينفذ القضاء الفنزويلي ما تقرره النيابة العامة والمحاكم.
سبوتنيك: هل هناك مذكرة توقيف؟
مادورو: على قدر علمي، لم يتم اتخاذ هذا الإجراء بعد. وسننتظر حتى إجراء العمليات الدستورية والقضائية الداخلية لنرى ماذا تكون النتائج. لا داعي للعجلة.
سبوتنيك: ما رأيكم في قرار الولايات المتحدة الأمريكية بوضع جزء من الموارد المالية الفنزويلية تحت مراقبة غوايدو؟
مادورو: يتنافى قرار الولايات المتحدة هذا مع أحكام القانون الدولي وهو قرار غير شرعي يصب في إطار محاولة مصادرة الموارد الفنزويلية وشركة فنزويلا. وننوي كشف ذلك. وأعتقد بأننا سنحرز الانتصار دفاعا عن شركة Citgo كونها ملكاً لشعب فنزويلا. إنه واحد من أخطر القرارات المتهورة الصادرة عن جون بولتون من الولايات المتحدة.
سبوتنيك: هل لكم أن تحدثونا عن تقييمكم للوضع الاقتصادي لفنزويلا؟
مادورو: نحن الآن بصدد معالجة الوضع المتأزم مجتازين العوائق، ونصد الهجوم على نظام الصرف ونظام التسعير. ولدينا برنامج وخطة. وكلي ثقة بأننا سنمضي قدما في تحقيق الاستقرار.
سبوتنيك: هل تنتظرون محاولة اغتيال جديدة؟
مادورو: سؤال صعب.
سبوتنيك: هل هذا ممكن؟
مادورو: أولا، أترك مصيري في يد الرب. أنا مؤمن بأن الرب يحميني… شعب فنزويلا يدافع عني باستمرار. عندنا جهاز أمني جيد. لكن لا شك أن دونالد ترامب أصدر أمره بقتلي، ووجه حكومة كولومبيا ومافيا كولومبيا بقتلي. وإذا حدث شيء ما فإن دونالد ترامب والرئيس الكولومبي إيفان دوكي سيتحملان المسؤولية عن كل حادث معي. وفي هذه الأثناء هناك حماية تقيني، ولدينا نظام أمني جيد. وليس هذا فقط، بل هناك حماية أكبر يؤمنها الرب الذي سيمنحني حياة طويلة.
سبوتنيك: هل يساهم حراس روس في هذه الحماية؟
مادورو: لا تعليق لدي على هذا الموضوع.
سبوتنيك: هل لديكم الاستعداد لتنظيم الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية المبكرة؟
مادورو: حبذا لو أجريت الانتخابات البرلمانية المبكرة، فهي شكل جيد للمناقشة السياسية وإدلاء الشعب بصوته. وكنت مستعدا للموافقة والتأييد لو جرت انتخابات الجمعية الوطنية في وقت مبكر.
سبوتنيك: وماذا عن الانتخابات الرئاسية؟
مادورو: الانتخابات الرئاسية جرت قبل 10 أشهر وفقا للمعايير الدستورية والقانونية.
سبوتنيك: بيد أن قسما من المجتمع الدولي يصر على وجوب الانتخابات الرئاسية الجديدة…
مادورو: هذا تصرف أحمق لبعض البلدان التي لديها هوس الالتزام بسياسة دونالد ترامب. نحن نعود إلى عهد الاستعمار الجديد عندما تُصدر إحدى العواصم الأوروبية وواشنطن أوامرها لبلد ما في آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي وأي بلد آخر. لكنهم لا يملكون أن يقرروا شيئا هنا. فقد حصلتُ على نسبة 68 في المائة من أصوات الناخبين. وفزتُ في الانتخابات الشرعية التي أجريناها بواسطة النظام الإلكتروني المكشوف بحضور المراقبين الدوليين. نحن نرفض الإنذارات والمطالب الاستفزازية من أي كان. لقد جرت الانتخابات الرئاسة في فنزويلا. وإذا كان الإمبرياليون يريدون الانتخابات الجديدة فعليهم أن ينتظروا حتى عام 2025.
سبوتنيك: ماذا قد يكون رد فنزويلا على زيادة القوات الأمريكية في كولومبيا مع العلم أن جون بولتون تحدث مؤخرا عن إرسال 5 آلاف جندي إلى كولومبيا؟
مادورو: أولًا أود أن أقول إن ما فعله جون بولتون شيء بهلواني. لقد ادعى جون بولتون وكأنه رئيس الولايات المتحدة أنه سيرسل قوات إلى كولومبيا. إنها حماقة بهلوانية. حتى الحكومة الكولومبية نفت ذلك في بيان رسمي عبر وزارتي الخارجية والدفاع. السيد بولتون أعرب على هذا النحو عن كراهيته وحقده على فنزويلا.
سبوتنيك: هل أنتم مستعدون للقاء السيد ترامب ودعوته إلى فنزويلا لمناقشة ما يجري؟
مادورو: بذلت طيلة السنين الماضية محاولات من هذا القبيل، وبعثت الرسائل إلى ترامب عبر وسائل الإعلام أن يكون هناك اتصال وحوار مع الحكومة الأمريكية بغض النظر عن الخلافات السياسية والثقافية والأيديولوجية. وخيل أن فتح الباب أمام ذلك ممكن. لكن بولتون حظر على دونالد ترامب أن يبدأ الحوار مع الرئيس مادورو. وأرى الآن أن هذا صعب. أنا مستعد للمحادثات مع دونالد ترامب في الولايات المتحدة وفنزويلا وفي أي مكان آخر. أنا مستعد لمناقشة أي موضوع. وأعتقد بأن الأمور ستتغير إذا التقينا وتبادلنا الحديث. لكنني أظن أنه لن يُسمح لنا.
سبوتنيك: ما هي، في رأيكم، البواعث وراء ما تفعله الولايات المتحدة في فنزويلا؟
مادورو: هناك عدة أسباب. السبب الرئيسي رغبة في الاستحواذ على نفط فنزويلا. يوجد في فنزويلا أكبر احتياطي من النفط في العالم، وربع احتياطي العالم من الغاز. لدينا احتياطي كبير من الماس والماء العذب والألومينيوم والحديد. نحن دولة غنية بمصادر الطاقة والثروة الطبيعية. وثمة أمر آخر يستحق الاهتمام عمره أكثر من 200 عام وهو أن فنزويلا وطن بوليفار. وكان المشروع الثوري الذي دشنه بوليفار يؤثر على أمريكا اللاتينية وبلدان حوض الكاريبي على مدى 200 عام. إنهم يريدون القضاء على روح بوليفار دينيًا وثقافيًا وسياسيًا واستئصال أفكاره لكي يسيروا دون مقاومة إلى تجديد استعمار بلدان أمريكا اللاتينية. وتعتبرنا الولايات المتحدة فناء خلفيًا لدارها. ونقول إننا لسنا فناء خلفيًا لدار أي كان. نحن جمهورية مستقبلة. ويمكن القول إن عندنا دفعة تاريخية عمرها 200 سنة لتحقيق الانتصار.
سبوتنيك: هل يمكن أن تعود الشركات الأمريكية، وعلى الأخص الشركات النفطية، إلى فنزويلا إذا تحسنت العلاقات؟
مادورو: تم تسجيل أكثر من ثلاثة آلاف شركة أمريكية في السجل التجاري في فنزويلا. وهناك شركات نفطية مثل “شيفرون”. وأقول للمستثمرين الأمريكيين في مجال النفط والغاز والسياحة والتكنولوجيا والذهب والماس إننا نرحب بهم رغم التوتر في العلاقات مع ترامب. فليأتوا ويعملوا في فنزويلا. لا يجوز أن يمنع هذا التوتر النشاط الاستثماري الأمريكي في فنزويلا.
سبوتنيك: وعد غوايدو بالعفو عن العسكريين الذين سيقفون إلى جانبه. ما هو الوضع في القوات المسلحة بعد هذا الاقتراح؟ هل هناك مَن لا يوافق حكومتكم؟
مادورو: موضوع القوات المسلحة موضوع حساس جدا في أي بلد. البيت الأبيض يدعو العسكريين إلى التمرد ورفض الاعتراف بي قائدا أعلى للقوات المسلحة ورئيسا للجمهورية. ودعا اليمين في فنزويلا العسكريين إلى انتفاضة مسلحة وقلب نظام الحكم بالقوة العسكرية. لم تشهد أمريكا اللاتينية شيئا كهذا أبدا. وشهدت أمريكا اللاتينية في القرن العشرين أكثر من مائة انقلاب. وعلى الرغم من أن جميع الانقلابات دبرتها ونفذتها الإمبراطورية الأمريكية إلا أن رؤساء الولايات المتحدة ووزراء خارجيتها والمسؤولين الآخرين لم يدعوا إلى القيام بأي انقلاب. وعندما قام بينوشيت بانقلاب في تشيلي فإن الحكومة الأمريكية أيدت الانقلاب في وقت لاحق. ولم يدع الرئيس نيكسون إلى ضرورة القيام بالانقلاب. وما نشهده اليوم يحدث للمرة الأولى في التاريخ. وهذا دليل على مدى يأس البيت الأبيض. إنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا بفنزويلا… هذا أمر في غاية الحساسية. ماذا أفعل أنا؟ أؤدي واجبات القائد الأعلى وفقا للدستور وأعمل على رص صف القوات المسلحة البوليفرية. وتقدم القوات المسلحة البوليفرية درسا مثاليا في الإخلاص والانضباط. ولا بد أن نحرز الانتصار ونحقق الاستقرار والسلام في فنزويلا.
سبوتنيك: قلتم إن الحوار مع المعارضة ممكن. مَن يستطيع القيام بالوساطة في حال إجراء الحوار؟
مادورو: هناك عدة حكومات ومنظمات دولية تعبر عن قلقها مما يجري في فنزويلا وتدعو إلى الحوار. حكومات المكسيك والأوروغواي وبوليفيا وروسيا والفاتيكان وبعض الحكومات الأوروبية تؤيد الدعوة إلى الحوار. وأنا أبعث الرسائل الرسمية لكي يؤيدوا الحوار في فنزويلا في أي مكان وبأي شكل يريدونه. أنا مستعد لمباحثات مع المعارضة تنصبّ في إطار مصلحة فنزويلا ومستقبلها والسلام.
سبوتنيك: هل ثمة رد من دولة ما؟
مادورو: القصد في هذه المرحلة إجراء محادثات خاصة فردية عبر الهاتف مع رؤساء الدول ووزراء الخارجية. وزير خارجيتنا ناشط جدا. نتوقع نتائج جيدة في أقرب وقت.
سبوتنيك: هل طلبت حكومتكم المساعدة المالية من حكومتي روسيا والصين في الأيام القليلة الماضية؟
مادورو: لنا علاقات مالية حسنة مع الصين وروسيا، وسوف تتطور في ما يخص، مثلا، تمويل التعاون في مجال القمح. إنهم يقدمون الدعم المالي ونحن نسدد قيمته في الوقت المناسب. وكان القمح الروسي ناجحا جدا في فنزويلا في مجال الأمن الغذائي. وتقوم الصين بتمويل الصناعة النفطية. ونأمل في زيادة الدعم المالي الصيني في الأشهر القليلة المقبلة. ونأمل في أن تدعم الصين وروسيا تنمية فنزويلا اقتصاديًا.
سبوتنيك: هل تستطيع حكومتكم أن تضمن رد القروض التي تقدمها روسيا والصين؟
مادورو: فنزويلا تدفع في وقت الاستحقاق دائما.