تحقيقات وتقارير

بعد وعد الرئيس بإطلاق سراحهم حرية الصحافة.. تحوّلات في المناخ الإعلامي

التوجيه الذي أصدره رئيس الجمهورية أمس الأول في لقائه بالإعلاميين بإطلاق سراح جميع الصحفيين الموقوفين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة ووضعه حيز التنفيذ به إشارات مؤكدة أنه سيتم إطلاق الصحفيين الذين تم اعتقالهم خلال الأحداث الأخيرة.

هذا القرار أحدث العديد من ردود الأفعال وسط المتابعين لقضايا الساحة الإعلامية وينظر له أيضاً بأنه خطوة إيجابية وفي الطريق الصحيح لإيجاد الحلول للأزمة السودانية. وأكد نقيب الصحفيين السودانيين، الصادق الرزيقي في تصريحات له إطلاق سراح جميع الصحفيين الذين احتجزوا خلال الاحتجاجات الأخيرة، خلال الساعات القليلة المقبلة. وقال الرزيقي، “ستطلق السلطات الأمنية سراح قرابة 8 صحفيين، كانوا قد احتجزوا خلال فترة الاحتجاجات الماضية”. وأضاف أيضاً: “كما سيتم السماح لمراسلي القنوات الأجنبية الذين أوقفتهم السلطات السودانية من العمل ومزاولة نشاطهم الصحفي”.

وحول الظروف التي أدت لإصدار هذا القرار الذي يراه البعض “بغير المتوقع” من قبل رئاسة الجمهورية بأن “هذه الخطوات جاءت بعد مبادرة من اتحاد الصحفيين السودانيين إلى الرئيس البشير، الذي استجاب لها، وأعلن إطلاق جميع الصحفيين المحتجزين.

وعد الرئيس

وحول هذا القرار يقول القانوني د. أبو القاسم صالح لـ(الصيحة) إن الرئيس البشير عندما يعد دوماً يفي بوعده وطالما أنه قال سيتم إطلاق جميع الصحفيين الموقوفين على ذمة المظاهرات الأخيرة فإنه سيفي بوعده وسيتم إطلاقهم لا محالة عبر توجيهه المباشر لجهاز الأمن إذا كان سبب الاعتقال يرجع لهم. وأعتقد أنه قد صدر سلفاً وبناء على ذلك يتم إطلاق السراح. وحول دواعي وأسباب الاعتقال يقول أبو القاسم إن الأمر يعود لأحد أمرين إما تحفظي أو بالمشاركة في المظاهرات، فالتحفظي دائماً لا يتخطى الأسبوع إذا كان أمر الاعتقال صادراً من أحد ضباط الأمن، أما إذا كان أمر الاعتقال من مدير الجهاز فإنه في الغالب لا يزيد عن الشهر أما إذا كان من الهيئة فإنه يصل لقرابة الـ(45) يوما. وإذا ثبت أن الشخص المقبوض عليه كان من داخل المظاهرات مشاركاً يتم فتح البلاغ من قبل الأمن.

مرحلة تحاور

ويرى د. أبوالقاسم حول المطالبة بحرية الصحافة والصحفيين، أن حرية الصحافة في الوقت الراهن تتوقف على المواد التي احتواها قانون الصحافة والمطبوعات الأخير، بيد أنه أكد أن لا حرية مطلقة في العالم كله، وتحديداً حتى عند الدول الديمقراطية في مسألة القضايا التي تمس الأمن القومي. وأبان القانوني د. أبو القاسم صالح أن الرئيس سيطلق سراح الصحفيين والمحامين الموقوفين الآن والمحبوسين على ذمة التحقيق، وذلك لأن الحكومة تتجه خلال الفترة القادمة للتحاور مع القيادات ومع كل الأحزاب والقوى السياسية وتحديداً الشباب الذين يقودون المظاهرات اليوم للتحاور والمشاركة بفعالية في الحوار السياسي الذي انتظم البلاد.

خطوط حمراء

فيما يرى د. أبوبكر آدم، أستاذ الإعلام بالجامعات السودانية، أن قرار الرئيس بإطلاق سراح كل المعتقلين من الحقل الإعلامي يصب في خانة الجهود المبذولة لإيجاد مخرج للأزمة السودانية الراهنة، وقال بأن القرار جاء في ميقاته في وقت تتجه فيه الحكومة وفقاً لقرار الرئيس بالجلوس ومحاورة الشباب، حيث أن الجو العام من متطلباته ضرورة مراعاة الخطوات التي تجنب عملية التصاعد المستمر لآفاق الأزمة التي ضربت كل المدن السودانية. وأكد أبوبكر أن العمل الإعلامي يتطلب جواً معافى ومناخاً ديمقراطياً حراً يتنافى مع عمليات التكبيل المستمرة واعتقال الإعلاميين وقال: حسناً أن الرئاسة اتخذت هذا القرار في هذا التوقيت تحديداً لأن أعين جميع الدول الآن محدقة على ما يجري في البلاد من إضراب ومظاهرات ألقت بالكثير من الأعباء والرهق الاقتصادي والسياسي وتداعياتها على الحكومة السودانية، مشيراً إلى أن القرار يصب في خارطة إبداء حسن النوايا المعمول به في طاولة المفاوضات، فيما يرتبط الأمر في هذه الحالة بأمر داخلي محض متجاوزاً كل التعقيدات التي يضعها البعض في بلاد شبيهة.

وطالب أبوبكر رئاسة الجمهورية بضرورة إطلاق الحريات الصحفية بدون رقابة قبلية وهي التي نص عليها الحوار الوطني وكانت أحد مخرجاته بالإجماع بجانب الحريات العامة وفرض المناخ الديمقراطي للممارسة السياسية السليمة المحكومة بالقانون والضمير والحس الوطني، مؤكداً أن أمر الوطن عند كل الشعب السوداني خط أحمر، لا يمكن تجاوزه بأي صورة.

تقرير : عبد الله عبد الرحيم
صحيفة (الصيحة) .