الحرب الإسفيرية.. الوطني في مرمى النيران
مع دخول التظاهرات والاحتجاجات شهرها الثاني، ظلت وسائل التواصل الاجتماعي أو ما أطلق عليه الخبراء (الإعلام الجديد) أحد أقوى الأسلحة التي يستخدمها تجمع المهنيين، منذ دعوته الأولى للتظاهرات في التاسع عشر من ديسمبر الماضي، وظل يتفرد بها في التغطية والتوثيق. المراقبون اعتبروا أن هذا الملعب كان له أثر كبير في استمرار الاحتجاجات وإكسابها بعدا إعلاميا خارجيا كبيرا، كانت نتيجته خصماً على إعلام الحكومة وحزب المؤتمر الوطني، لاعتمادهما على الإعلام الرسمي، والصحافة التي لا يرفض منسوبها بث ما لا تشاهده أعينهم، فضلا عن عدم قدرة الصحافة على مجاراة سرعة مواقع التواصل الاجتماعي.
سخط ومترتبات
استخدام وسائل التواصل الاجتماعي باعتقاد البعض شكل حالة من الرفض لدى شريحة واسعة من الشباب، وخلق مزاجا عاماً معادياً للحكومة وحزب المؤتمر الوطني، وهو ما كشف عنه رئيس الوزراء معتز موسى لدى لقائه بالصحفيين بصحيفة (السوداني) مؤخرا، وقوله إن وسائل التواصل الاجتماعي تبث الكراهية تجاه الحكومة وهو ما ينذر بكارثة.
وسائل التواصل الاجتماعي وفقا للوقائع جعل الأمر يبدو صعباً حتى في إدارة حوار من أي نوع في مثل هذه الأجواء الماثلة، فاضطر كثيرون إما لمجاراة حالة الغضب، أو الاحتفاظ بمواقفهم ريثما يُنفّث عن ذلك الغضب وتصبح الأجواء صالحة للحوار وتقبل المبادرات والحلول.
دفاع وتدريب
الوطني يبدو أنه استشعر حالة الغضب أو ربما التمس تأثيرها على ممارسته السياسية أو في عضويته، وسعى للإحاطة بعضويته ورفع روحها المعنوية، مستغلاً عملية البناء القاعدي والتنظيمي التي تنتظم أوساطه هذه الأيام، لانعقاد مؤتمره العام في شهر أبريل المقبل، وهذا ربما كان أحد أقوى الأسباب التي دفعت نائب رئيس الوطني بولاية الخرطوم كامل مصطفى لحث عضوية الحزب بالولاية للتصدي لما سماه (حرباً إلكترونية شعواء) تشن ضد الوطني، مشيرا إلى أن الحزب أكمل بناء شعب الأساس بأحياء الولاية نحو ألفَي شعبة بأكثر من مليون وسبعمائة ألف عضو.
حديث نائب رئيس الوطني بالولاية أن ما أخذه من جهة استشعاره لتأثير التناول الإلكتروني المتزامن مع الاحتجاجات على الحزب وصورته أمام الرأي العام، إلا أنه ربما يكشف عن عمل حزبي محكم قرر الوطني خوضه بالعاصمة الخرطوم خاصة بعد أن تحولت لمركز رئيسي للاحتجاجات والتظاهرات، بجانب أن الخرطوم بحكم تمثيلها لعاصمة البلاد، والمركز الاستراتيجي للسلطة والقرار السياسي، ظلت تجد اهتماما ملحوظا من وسائل الإعلام الأجنبية والفضائيات، فضلاً عن المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية التي يسهل عليها رصد وتقييم الأوضاع على وقع ما يحدث في الشارع.
تشويه متعمد
تساؤلات عدَّة ظل يطرحها كثير من المراقبين، حول مدى فاعلية مؤسسات المؤتمر الوطني لا سيما الإعلامية منها التي ظلت تتمتع بتمويل وكادر مقتدر لمواجهة مثل هذه الحملات ومدى معرفتها بما يجري. ويذهب رئيس قطاع الإعلام والمتحدث الرسمي للمؤتمر الوطني د.إبراهيم الصديق لـ(السوداني) أمس، إلى أن الحملة الإلكترونية تستهدف البلاد وصورتها وليس المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أنه وبناء على تقرير (واتساب) تصل السودان يوميا 240 مليون رسالة واتس منها 210 مليون رسالة من خارج البلاد. أي نحو 78% من خارج البلاد والباقي إعادة تدوير للرسائل الواردة، فضلاً عن نشر متوسط عشرة آلاف و6 رسائل تويتر (يومياً) يقوم بإرسالها 443 عضوا ونسبة إعادة الإرسال في السودان 96.2%، ما يعني بحسب إبراهيم أن أغلب المواد من خارج البلاد.
ويشير الصديق إلى أن الفيديوهات والتقارير الصوتية يتم إنتاجها في لندن، وتحديداً في استديو الحزب الشيوعي بلندن، ويتم إنتاجها أيضاً في معهد مشهور بأمريكا، ووصف ما يتم (بالحملة المرتبة) تتم حتى في اختيار المفردات وصورها والفبركات التي تتم فيها.
ويؤكد الصديق أن 99% من القيادات التي تدير هذه الحملة من خارج البلاد، بمن فيهم المتحدثون الذين تم الإعلان عنهم باسم تجمع المهنيين، فضلاً عن التمويل الذي نوه إلى أنه وصل من خارج البلاد للدورات التدريبية والبالغ قدرها 220 ألف دولار منها 105 آلاف دولار من أمريكا، و40 ألف دولار من أوروبا ومبالغ من دول أخرى، بجانب وصول كاميرات تصوير تقنية حديثة وماكينات تصوير للداخل، وأضاف: كل ذلك يستخدم في الشائعات التي تستهدف زرع الشكوك وزعزعة الاستقرار وزراعة الكراهية.
حصاد الأداء
الخبير السياسي د.صلاح الدومة يرى في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الإنقاذ هي التي بدأت بما هو قبيح، ويرى أن ما يحدث ما هو إلا رد فعل وإن كان جزء مما يتم تناوله ليس صحيحاً إلا أن ذلك لا يعني أن الجزء الآخر غير صحيح أيضاً؛ مؤكداً أن ذلك مترتب طبيعي لحكومة لم تقدم شيء وعملت على توطين الفساد المالي والإداري وكبلت الحريات، وأضاف: على الوطني أن يواجه ما هو متداول من فضائح بدلا عن الركون للقول إن التناول الإلكتروني ليس صحيحاً.
الخرطوم: عبد الباسط إدريس
صحيفة السوداني.
الحرب الإسفيرية على الوطنى لا أجد لها شبها سوى ظراط الشيطان عنما يفر عند إقامة الصلاة