تحقيقات وتقارير

تعديل الدستور.. تأجيل النظر فيه لوقت لاحق


كان من المنتظر أن يعقد اجتماع في البرلمان، لمناقشة تعديل الدستور لاتاحة فرص الترشح لمدد مفتوحة للمرشح الرئاسي. وهو الاجتماع الذي دعت له اللجنة الطارئة لدراسة مقترح التعديلات الدستورية التي أعلنت من قبل ، ووفقاً لقناة العربية ، فإن اللجنة الطارئة، ستعقد اجتماعها في البرلمان، لمناقشة إمكانية تعديل الدستور لمد فترات الرئاسة لمدد مفتوحة.

وقالت اللجنة السودانية الطارئة إنه ستتم مناقشة التعديلات الدستورية التي تمكن من الترشح للرئاسة لمدد مفتوحة دون مزيد من التفاصيل. ولكن لظروف طارئة أجل الاجتماع لوقت لاحق.

*خيارات الشعب

ولأن الرئيس عمر البشير، قال إنه يحترم قرار الشعب السوداني في اختيار رئيسه عبر انتخابات حرة، مشيراً إلى أن صناديق الاقتراع هي الوسيلة الوحيدة للتغيير. موضحاً في خطاب شعبي بولاية النيل الأبيض: (من يحكم السودان هو قرار المواطن السوداني.. عبر صناديق الاقتراع.. و2020 ليست بعيدة، بقيت سنة واحدة ويختار الشعب السوداني من يحكمه). وأضاف: (تأكدوا نحن مع خيار الشعب السوداني ونحترم قراره.. وأرجعنا السلطة إلى المواطنين من أجل أن يختاروا رئيسهم وحكومتهم ونوابهم في انتخابات حرة.. تكونوا أنتم أسيادها إن شاء الله).

*دواعي التأجيل

فيما يرى مراقبون أن تأجيل اجتماع البرلمان، لمناقشة إمكانية تعديل الدستور، فيه إشارات لعدد من الأسباب منها إتاحة الفرصة للقوى السياسية لإدارة حوار حول الانتخابات، إلى جانب أن إعلان تعديل الدستور في هذا الوقت قد يُفسر تفسيرًا خاطئاً من جانب المعارضة ، وقطع الطريق أمام أي اتجاه للهجوم على الوطني بدعوى الهرولة نحو الانتخابات، ويرى البعض أن إعلان تعديل الدستور قد يزيد من الغبن السياسي.

*موافقة مبدئية

ولكن معظم القوى السياسية، كانت موافقة على إعادة ترشيح البشير ولا تجد ممانعة في ذلك، وكان المفكر الإسلامي، رئيس حركة الإصلاح الآن، د. غازي صلاح الدين العتباني، كشف في تصريح سابق عن مواقف جديدة فيما يلي ترشيح الرئيس البشير، مؤكداً أنه لن يعترض على ترشيح الرئيس عمر البشير لدورة جديدة في حال توافقت القوى الوطنية على ذلك، باعتباره خطوة نحو الكمال، وليس الكمال بعينه، لافتاً إلى أنه تخلى عن نظرته المثالية للواقع الانتخابي. الرئيس البشير نفسه أكد عدم رغبته في الترشح لانتخابات 2020م، وأعلن عن ذلك في أكثر من محفل أو حوار إعلامي عن رغبته الأكيدة في مغادرة سدة الحكم بعد فترة رئاسة دامت أكثر من ربع قرن من الزمن، غير أن بعض الأصوات داخل المؤتمر الوطني، وحتى حلفاء الوطني في ذلك الوقت، علت أصواتهم بالتمديد للبشير لدورة رئاسية جديدة، ومن أبرز الأصوات التي نادت بإعادة ترشيح البشير، القيادية بالاتحادي الديمقراطي المسجل إشراقة سيد محمود قبل فترة بمدنية نيالا. إلى جانب أحزاب الحوار الوطني مجتمعة.

وحذا الحزب الاتحادي جناح أحمد بلال حذو بقية القوى، حيث رشح بدوره البشير لينافس في انتخابات 2020م.

*جدل التغيير

ولكن الجدل السياسي المثار حول تغيير الدستور لإعادة ترشيح البشير من قبل بعض القوى السياسية يقابله بالضرورة جدل قانوني من ناحية أخرى، حيث يرى المحامي كمال عمر عبد السلام في تصريحات سابقة بعدم دستورية ترشح الرئيس البشير لدورة قادمة، وهو رأي يتفق معه فقهاء قانونيون، الذين يرفضون تعديل الدستور ، وما يصاحبه من جدل.

*أمر عادي

في المقابل، يقول المحامي بارود صندل إن أمر تعديل الدستور ليس أمراً معيباً، بل هو أمر عادي، ويمكن تعديل الدستور متى ما طالبت الجهات المختصة بذلك، والمطالبة بتعديل الدستور لا تتعارض مع روح القانون. وأضاف بأن دستور السودان مرن ويتم تعديله في أي وقت لاسيما وأن التعديلات تأتي من رئاسة الجمهورية ويتم إيداعها البرلمان بغرض إجازتها واستشهد صندل بتجربة دولة تشاد التي قامت بتعديل الدستور أكثر من مرة بغرض استمرار رئيسها إدريس ديبي في الحكم. ولا يستبعد صندل أن يحدث ذات الأمر في السودان. وقال لا يوجد شيء اسمه دستور دائم بل هنالك دستور جامد وهي عبارة عن مجموعة من الدساتير التي مرت عليها عقود طويلة دون تعديل.

*إفلاس سياسي

واتفق محمد عبد الله الدومة مع صندل في حديثه، وقال إن الحديث عن تعديل الدستور لإعادة ترشيح البشير لدورة جديدة يشير لانعدام الكودار والخيارات داخل المؤتمر الوطني بدليل تمسكهم بترشيح الرئيس البشير لأكثر من دورتين. فيما قال المحلل السياسي عبد اللطيف محمد سعيد، إن الحكمة تقتضي عدم المضي قدماً في إجراءات تعديل الدستور، لأن ذلك سيقود إلى مزيد من التوتر السياسي في البلاد.

الخرطوم: صلاح مختار
صحيفة الصيحة.