عودة الأمين العام للمؤتمر الشعبي انقشاع ضبابية الحزب أم استمرار تأرجح المواقف؟
تقلّبات سياسية كبيرة ومياه جرت تحت جسر (المؤتمر الشعبي)، منذ أن غادر الأمين العام و(خليفة الراحل د. حسن عبد الله الترابي) قبل ما يقارب شهرين، ومع بداية الاحتجاجات إلى ألمانيا مستشفياً، وما بينهما سلسلة أحداث. جهات أشارت إلى أن د. “علي الحاج” أجرى فحوصات طبية عقب الوعكة التي تعرض لها مؤخراً. وكان قد وصل إلى تركيا أمس الأول واجتمع مع مبعوث الرئيس البشير ووزير ديوان الحكم الاتحادي حامد ممتاز، ويتوقع عودته اليوم. فيما ينتظر أن يترأس علي الحاج، اجتماعاً مع الأمانة العامة حول تطورات الأوضاع السياسية بالبلاد، فيما يتساءل كثيرون عما قد يحمله د. علي الحاج في حقيبته من أوراق قد تبين معها مواقف حزبه التي ظلت تتأرجح منذ فترة بين الانسحاب من حكومة الوفاق، وبين عدم القفز من المركب الغارقة، خاصة وأن أولى محطات د. الحاج كان الاجتماع الذي جرى بتركيا مع الوطني والذي لم يفصح عن تفاصيله …
*تأرجح المواقف ….
شهدت فترة غياب د. الحاج تفاقم الأوضاع داخل التنظيم (الحليف للحكومة) بسبب تباين المواقف والآراء السياسية لقياداته حيال الاحتجاجات التي انتظمت البلاد، وانتقد معها عدد من كوادر الحزب أسلوب القمع للمتظاهرين السلميين من قبل الحكومة فيما شارك عدد مقدر من قواعد المؤتمر الشعبي في الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة، وتعرض كادر الحزب الشبابي المعروف هشام الشواني لإصابات أثناء المظاهرات مما دفع بكوادر شبابية من (الشعبي) إلى تقديم استقالات جماعية من الحزب احتجاجاً على موقف القيادة وإصرارها على مواصلة المشاركة في الحكومة.
خيارات مفتوحة
ولعل قيادة الحزب سبق أن هددت بالانسحاب من الحكومة وأعلنت عن خيارات قد تلجأ إليها حال لم يستجب حزب المؤتمر الوطني الحاكم لتوصيات الحوار، وقال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي إدريس سليمان، إن أكثر من 70 في المئة من توصيات الحوار الوطني بشأن معالجة الأزمة الاقتصادية لم تر النور من قبل الحكومة. ولم يستبعد خروجهم من حكومة الوفاق، تاركين كل الاحتمالات مفتوحة.
ومع ذلك خرج عضو الهيئة القيادية بحزب المؤتمر الشعبي، محمد الأمين خليفة، نائب رئيس مجلس الولايات، برؤية مغايرة وهي تمسّك حزبه بالحوار الوطني والمحافظة على وحدة البلاد، وحكومة الوفاق الوطني، قائلاً “لن نترك السفينة تغرق لأنها إذا غرقت سنغرق جميعاً”.
وقال إن حزبه لم يتمكن من إسقاط النظام بالقوة رغم تحالفه مع عدد من القوى السياسية اليسارية واليمينية وبعض الحركات المسلحة، لذا اتجه إلى أهدى السبل في الانتقال السلمي للسلطة واتخاذ الحوار طريقاً ومنهجاً.”
تفسير بالهروب
الملاحظ أن سفر د. علي الحاج، كان في بدايات المظاهرات مما أدى إلى تأويله وتفسيره على أنه هروب.. مما استدعى القياس بحالات مشابهة أو المقاربة بين مغادرته الحالية والأخرى في مظاهرات سبتمبر 2013م، بيد أن القيادي بالمؤتمر الشعبي وعضو المكتب السياسي عوض فلسطيني نفى ذلك لاحقًا في حوار مع إحدى الصحف، وأكد أن د. الحاج، كانت لديه مواعيد مع طبيبه الخاص في بون في الثامن عشر من يناير الماضي، ونفى صحة ذلك القياس، مؤكداً أن الحاج سيحل بالخرطوم قريباً.
*مأدبة برلين
يلاحظ أن د. الحاج رغم وجوده في برلين مستشفياً، إلا أنه ظل يدير شؤون الحزب من الخارج، وربما ما حدث من لغط صاحب مأدبة العشاء التي دعا لها عدد من قيادات الحركات المسلحة والجبهة الثورية، وعدد من الرموز الإسلامية سواء في الرصيف أو من المؤتمر الشعبي وغيرهم من الموجودين في أنحاء أـوربا، التقوا فيها وأداروا نقاشاً حول هموم الوطن ومشكلاته. وكان من أبرز الحضور جبريل إبراهيم وعدد من قيادات الحركات المسلحة، وتفاكروا معه في كثير من القضايا، من بينها التظاهرات التي خرجت من الخرطوم والولايات وردود الفعل التي جوبهت بها من قبل السلطات الأمنية، كما تحدث الحاضرون في اللقاء عن مجموعة من الخيارات، وطرحت العديد من الرؤى المتباينة.
وحسب صحيفة “الشرق الأوسط”، فإن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج، دعا قرابة 40 من الإسلاميين المنتشرين في أنحاء العالم، معارضين وموالين وأكاديميين وعاملين في منظمات دولية، وبينهم قادة حركات مسلحة محسوبون عليهم، وتقدم لهم بمبادرة تطالب بتقديم تنازلات جدية يتيح لما أطلقوا عليه “التيار الإسلامي” موطئ قدم في مستقبل البلاد السياسي، ووصف اجتماع برلين قيادات الثورة بأنهم “من جيل صغير”، يمكن أن يظل حارساً لفكرته لأربعة أجيال على الأقل، وإن الإسلاميين حال فشلهم في معالجة عاجلة سيصبحون خارج المشهد السياسي لثلاثة أجيال على الأقل”.
*الغائب الحاضر …
يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي، أبوبكر عبد الرازق في حديثه لـ(الصيحة)، أن دكتور علي الحاج كان غائباً بجسده فقط وحاضراً في كل مراحل اتخاذ القرار بمشاركته عبر قنوات التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصالات الحديثة، وأكد أن د. الحاج الآن يتمتع بصحة جيدة، وأنه غادر مع بدايات اندلاع الاحتجاجات في الخرطوم ما يقارب الثلاثة شهور وعقب قرار الأمانة العامة للحزب بضرورة سفره لأجل اكمال شفائه، عقب ملازمته الفراش الأبيض حينها.
وبسؤاله عن قراءته لتباين المواقف السياسية بعودة الأمين العام، قال: لا أتوقع أن يكون هنالك جديد أو تغيير في المواقف، لأن منهج اتخاذ القرار يقوم على رؤية مستقبلية وليس ردود فعل، وقال: نستقرئ الأوضاع جيداً، وندرك أن الأحداث الحالية إلى زوال، وأردف: نحن داخل الحكومة، وداخل الحوار، لا نحيد عن مواقفنا .
ودمغ أبوبكر من رفعوا أصواتهم بالانسحاب من الحكومة بالعضوية غير الفاعلة، وقال من يسكبون الحديث على الأسافير بمغادرة الشعبي هم في حقيقة الأمر لا يشغلون مواقع داخل الحزب (أصحاب ولاء عام) نصفهم خارج السودان، وقال: خرج من قبل من كان أخاً لنا الرشيد الطاهر، عندما رأى الدرب طويلاً ، وأردف: (الشعبي مسيرته التاريخية ماضية، لا يهمه من تخلفوا أو من يودون التخلف)
*توضيح رؤية الحزب…
ذهب أمين أمانة الشباب بالمؤتمر الشعبي محمد عباس في حديثه لـ(الصيحة) مقراً بحدوث تضارب وتباين في الآراء داخل الحزب على خلفية الاحتجاجات والتظاهرات الأخيرة، وقال إن التعبير كان يأخذ مناحي مختلفة بين الرفض والقبول، ورأى أن عودة د. الحاج ستوضح رؤية الحزب بطريقة أكثر وضوحاً.
وقال إن الحاج ظل متصلاً بالحزب وقياداته، ومشاركاً في القرارات، لذلك اعتقد عباس بعدم وجود سقف للتوقعات بين كوادر الحزب حول تغيير المواقف لعودة د. علي الحاج، وأردف: لا أظن أن هنالك جديداً، وأن القرارات تخضع لمؤسسات الحزب.
* عدم تأثير
المحلل السياسي بروف حسن الساعوري، قال لـ(الصيحة)، إن عودة الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي لن تؤثر كثيراً في مواقف أو قرارات الحزب نسبة لأن هذه القرارات تنبع من المؤسسية ولا تخضع لآراء الأمين العام أو غيره.
الخرطوم: نجدة بشارة
صحيفة الصيحة
المؤتمر الشعبي مات بقتل الترابي وما يجري الآن هو السلخ والتكسير بأيدي القتلة أنفسهم فحظا سعيدا.