لماذا بقي الرئيس البشير بعد إنقلاب الجمعة رئيساً “شكلياً” لحزب المؤتمر الوطني؟

مهما شكك البعض فإن الذي حدث ليلة الجمعة 22 فبراير 2018 هو انقلاب “أبيض” كامل الدسم من قبل الرئيس السوداني عمر البشير ضد حزبه، وادارة ظهره له تماماً، والعودة إلى ثكنته العسكرية ومن يثق بهم، وازاحة آخر رجالاته المخضرمين من أعضاء مجلس قيادة الثورة والإنفراد بالقرار السياسي.

وبذا يكون ” عملياً ” قد تخلى الرئيس البشير عن رئاسة المؤتمر الوطني بإنفراده بتعيينات دستورية من العسكريين حكاماً للولايات، ورئيساً للوزراء، ومن سيأتي بعدهم، دون خروجها ولأول مرة في تاريخ مسيرة المؤتمر الوطني، من مكتبه القيادي، وإنما خرجت مباشرة من مكتب الرئيس بالقصر.

وبقي الرئيس “شكلياً” رئيساً للوطني لأن تخليه عن ذلك رسمياً سيدخله في إشكالات دستورية لمجيئه لهذا المنصب في آخر انتخابات مرشحاً للحزب .

البشير عين من يثق فيهم وفي أدائهم بغض النظر عن توجهاتهم، ولأول مرة يأتوا لمناصبهم غير منشغلين بأعباء حزبية، ولم يعد ولاة الولايات رؤساء للمؤتمر الوطني بولاياتهم لأول مرة كما كان في السابق، كما لم يعد معتمدو المحليات رؤساء للوطني بمحلياتهم، لذا سارع الوطني لسد هذا الفراغ وتكليف النواب رؤساء للحزب بالولايات.

وكان الرئيس ساخطاً في إجتماعه الأخير على ترشيح الحزب لمن تولوا مناصب في التعديلات السابقة، وكان أداء معظمهم متواضعاً ساهم في تفاقم الأزمة الحالية.

وظل الرئيس يزيح في كل مرحلة، القيادات ذات الثقل في الحزب، التي قد تقف أمام قراراته ابتداءً من الشيخ الترابي، مروراً بـ علي عثمان ونافع و غازي وغيرهم، لينفرد بقيادات ضعيفة أتى بهاً نواباً له، ليركلهم أخيراً جميعهم من طريقه ويلجأ للجيش ومن يثق فيهم والمقربون إليه مثل إيلا، وأحمد هارون الذي سيعود قريباً في منصب آخر بالمركز ، وغيرهم.

وتشير جميع الشواهد أن كلما اختلف الرئيس مع حزبه، خرج بصلاحيات أوسع، إلى أن وصل اليوم لينفرد بها تحت قبعة “قومية” وحضن الجيش، راكلاً بالحزب الذي لم يعد “حاكماً ” بعد بيان “الصيرورة ” .

بقلم : ابومهند العيسابي