مقالات متنوعة

بثمارهم تعرفونهم ..!!


إحدى الجامعات الخاصة وقد تكون وصفت نفسها بأنها (وطنية) رغم مخالفتها لواحدة من أهم صفات من يحبون أوطانهم وأهلهم!! هذه الجامعة تشهد منذ فترة مظاهرات متكررة يترتب عليها أحداث عنف بين القوات الأمنية وكثير من طلابها وطالباتها، هي نفسها الجامعة التي شذت وشطح القائمون عليها عندما اشترطت على الطالبات المقبولات بها عدم لبس النقاب وعدم لبس القفازات في محاضرات العملي، واشترطت عدم لبس العباءة حتى القدمين، وأمرت الفتيات بلبس البلوزة أو التنورة حتى الركبة والبنطلون!!
هكذا بلا حياء كتبوا في موقع الكلية في دليل قبول الطلاب والطالبات: (نمنع الطالبات من لبس النقاب في الكلية، ونمنعهن من لبس القفازات في محاضرات المعامل).

فاضطرت من ترغب في الدراسة فيها أو من تم توزيعها بواسطة وزارة التعليم العالي من المنتقبات إلى البعد وترك الدراسة بالكلية، حيث لم تستجب إدارتها لنصح الناصحين المتكرر ولا طلب الطالبين المقنع بالعدول عن هذا الشرط الباطل..
وكنت قد ناصحت في عدد من الرسائل الخاصة القائمين على هذه الكلية في شخص مؤسسها الذي عمل في كليات خارج السودان تدرس فيها الطالبة الجامعية كثيراً من المحاضرات في كل التخصصات العلمية حتى الطب والصيدلة والمختبرات الطبية وغيرها بواسطة الشبكات التلفزيونية ــ دراسة عن بعد بواسطة الشاشات ــ فضلاً عن موضوع لبس النقاب.

ولم يستجب لنصحي الذي أحتفظ به في مكاتبات بيني وبينه عبر البريد الإلكتروني.. ولما أراد أن يغلق علي الباب قال لي: (أنا زاهد في قبول الطالبات المنتقبات في الكلية وغير راغب وقبولهن لدي ليس مؤثراً!!) .. ثم تساءل قائلاً: (إن عدد الطالبات المنتقبات كلهن في السودان كم؟ فأنا لست بحاجة إلى قبولهن!!) وذكر نسبة مئوية لعدد الطالبات المنتقبات في التعليم العالي في بلادنا ولا أعلم حتى الآن كيف توصل إلى نتيجته التي ذكرها .
وبعدها كتبت مقالاً نشرته بعمودي بهذه الصحيفة (الحق الواضح) بعنوان: (كلية خاصة على الطريقة الفرنسية)، وكان ذلك قبل أكثر من خمسة أعوام، وقد نشرته بصفحتي في (الفيسبوك) وحظي بتعليقات كثيرة من كثير من الإخوة والأخوات خاصة من لهم تجارب مع هذه الكلية في هذا الجانب.
فإن هذه الكلية قد سارت ــ بكل جرأة ــ على الطريقة الفرنسية في موقفها من (النقاب) ولم تقف موقف كثير من دول الكفر الأخرى التي لم تمنع النقاب إعمالاً لمبدأ الحرية الشخصية.

وبين فترة وأخرى كنت أسمع ــ للأسف الشديد ــ عن إحياء الحفلات الغنائية وساعات الطرب داخل هذه الكلية التي تعسفت وطردت المنتقبات المقبولات بها إعمالاً لشرطها الباطل دون أدنى مراعاة لحقوقهن الشخصية في مظهر وسلوك إرهابي لا يمت إلى العلم والتعليم بصلة. وهذا السلوك المشين الذي لم أجد من يقرهم عليه من العامة أو الخاصة حتى وزارة التعليم العالي لا يوافقهم ما هو معلن في أنظمتها على ما اتخذوه من إجراء مضموناً وشكلاً.. بل من العجائب أني كنت أراجع قبل عامين قسم التعليم الأهلي بوزارة التعليم العالي بشأن التصديق لكلية جديدة بإحدى الولايات، وإذا بإحدى الموظفات المسؤولات عن إكمال متطلبات التصديق بل التي لها أمر مراجعة ملفات التقديم للحصول على إذن لفتح الكليات الجديدة امرأة (منتقبة)!!
ولما رأيت في الأيام الماضية سلوك بعض طلاب وطالبات هذه الكلية في ما تنقله الوسائط في هذه الأيام وما يرى من تصرفات وما يسمع من عبارات في مظاهراتهم المتكررة لم أجد غرابة في ذلك!! حيث أن الشطح يولد شطحاً، وحقاً: بثمارهم تعرفونهم!! وليت إدارة هذه الكلية التي أصبحت فيما بعد جامعة تعلم أن كلية خاصة مثل كليتهم غالبية طالباتها منتقبات لم تتوقف بها الدراسة بعد الإذن باستئناف فتح الكليات الخاصة يوماً واحداً.. وهذا درس عملي كاف أرجو أن يفيدوا منه حتى وإن لم يفيدوا من دروس النصح التي قدمت لهم في سنوات طوال.. والسعيد من وعظ بغيره فكيف بمن لم يتعظ بنفسه؟!

د. عارف الركابي
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد