الصادق الرزيقي

بين الأزهري وإبراهيم أحمد عمر!!


نفتأ نتحدث عن الفساد الضارب الأطناب وعن القطط السمان التي قدمت لها تعريفاً مختلفاً عن ذلك الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية والذي قصرها على الأفراد دون المؤسسات، فقد قلت إنها (شركات القطاع العام) التي سماها رئيس الجمهورية بشركات (النهب المصلح) والتي تعذر إخضاعها لمبدأ ولاية وزارة المالية على المال العام لسبب لا يعلمه أحد من العالمين!

> في زماننا هذا للأسف قل من يقدمون المثال في التجرد ونكران الذات، وسأروي لكم واقعة جاءتني عبر الواتساب من صديقي واستاذي في الاتصالات المهندس معتصم العجوة، ولكن قبل ذلك أود أن أذكر مثالاً للتقشف نحتاج الى ان نعممه على كل الدولة.

> قبل نحو ثمانية اشهر دعا بروف ابراهيم احمد عمر رئيس الهيئة التشريعية القومية بشعبتيها (المجلس الوطني ومجلس الولايات)، دعا قيادة البرلمان المكونة من نواب الرئيس ورؤساء اللجان ونوابهم الى اجتماع فاجأهم فيه بقراره خفض سفرياته من الدرجة الأولى الى الدرجة السياحية، وكان وقتئذٍ يعتزم السفر الى جنيف للمشاركة في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي (IPU) الذي يضم رؤساء برلمانات العالم أجمع.
> ثار جدل داخل الاجتماع حيث احتج عدد من رؤساء اللجان بأن ذلك يقلل من مكانة السودان ومن رئيس البرلمان الذي سيشعر بالحرج عندما ينزل من سلم الدرجة السياحية ويكون في استقباله قيادات الاتحاد البرلماني الدولي.

> اصر الرجل الزاهد وكان قراره الحاسم بمثابة الزام لجميع قيادات واعضاء البرلمان بأن يحذو كل منهم حذوه!
> كانت كلفة تذكرة السفر الى جنيف بالدرجة الاولى تتجاوز تسعين الف جنيه، بينما كانت كلفة الدرجة السياحية حوالى واحداً وعشرين الفاً (حوالى الخمس)، فكم بربكم تبلغ كلفة سفريات جميع قيادات البرلمان خلال العام؟ ثم كم سيوفر من المال لو طبق ذلك القرار على مجلس الوزراء وعلى كل الدستوريين على مستوى الدولة وعلى وكلاء الوزارات والمديرين وكبار قيادات الشركات الحكومية؟
> كان من الممكن أن يطبق مثل هذا القرار في كثير من مجالات الصرف الحكومي مثل السيارات والوقود وغير ذلك ولكن!
> من اجل المقارنة انقل لكم قرائي الكرام رسالة المهندس معتصم العجوة التي حكاها الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه عن تقشف وبساطة الزعيم إسماعيل الازهري فالى القصة:
عطور وملابس إسماعيل الأزهري!

> في إحدى زيارات المغفور له بإذن الله العم أمين التوم لابنه دكتور عبد الله في أبو ظبي، دار بيننا حديث عما كان يُنشر ويتواتر آنذاك عن استشراء الفساد، وفي هذا السياق ذكر لي العم أمين أنه بعد سقوط الحكومة القومية التي تشكلت في فبراير 1956م برئاسة المرحوم إسماعيل الأزهري، ائتلف حزبا الأمة والشعب الديمقراطي وشكلا في يوليو 1956م حكومة برئاسة المرحوم عبد الله خليل، وأسندت له هوـ أي العم أمين ـ وزارة شؤون رئاسة مجلس الوزراء.
> وحسبما روى العم أمين، فإن أول ملف وضع أمامه بعد توليه تلك الوزارة، كان مذكرة من المراجع العام قال فيها إنه لن يعتمد ميزانية رحلة رئيس الوزراء آنذاك المرحوم إسماعيل الأزهري لحضور مؤتمر باندونق، لأن في بياناتها مخالفة. أما المخالفة فقد كانت شراء عطور وثياب من ميزانية الرحلة!
> بعد تروٍ استدعى العم أمين المرحوم الأستاذ محجوب الضوي، وهو من جيل الأزهري وزميله في بعثة بيروت، وفي التدريس بكلية غردون، وكان يعمل في رئاسة مجلس الوزراء بعد تقاعده عن العمل في وزارة المعارف. طلب العم أمين التوم من محجوب الضوي أن يحمل مذكرة المراجع العام إلى الزعيم الأزهري في منزله بأم درمان، وأن ينقل إليه تحيات واحترام ابنه وتلميذه بالكلية أمين التوم، ويلتمس توجيهه في كيفية التعامل مع مذكرة المراجع العام.
> في اليوم التالي عاد محجوب الضوي برسالة شخصية من الأزهري إلى أمين التوم، يشكره فيها على وفائه وتقديره لاستاذيته، وعلى حسن تصرفه. أرفق أزهري مع الرسالة مبلغ المخالفة. كما ذيلها باعتذار عن المخالفة، وذكر أنها تمت بدون علمه. من ثم سُدد مبلغ المخالفة في خزينة مجلس الوزراء، وأُرسل الايصال إلى المراجع العام وأغلق الملف.
> ربما تكون في صدور كثيرين غيري أحداث شيقة مثلما رويت، فأدعوهم من خلال بابكم هذا لتسجيلها، فلعلها تكون بمثابة اعتذار من جيلنا إلى الجيل الذي ولى، فقد ظلمناه ومازال بعضنا يظلمه. إن ذلك التاريخ قد قبر ولكن تبقى منه عظة الدرس والعبرة.

الطيب مصطفى
صحيفة الإنتباهة


‫5 تعليقات

  1. جيل الازهرى ورث ميزانيه فائضه وين الطرق وين البنيه التحتيه قضوها كلها صراع على الكراسى .
    جيل الاستقلال هو اساس الانهيار

  2. المقارنة بين الأزهرى وابراهيم احمد عمر هى اشبه بين من يقارن بين الخير والشر .. النزاهة والأخوان خطان متوازيان لا يلتقيان .. يا رجل بطل زررراط .. تسقط بس !!!