عالمية

كيف تأثر دكتاتور ألمانيا بموت والدته .. ولماذا احتفظ بصورتها قبل انتحاره؟

مساء يوم السبت 20 نيسان/أبريل سنة 1889، رزقت كلارا بولتزل (Klara Pölzl)، المعروفة أيضا بكلارا هتلر والمقيمة حينها رفقة زوجها ألويز هتلر (Alois Hitler) بمدينة براوناو آم إن (Braunau am Inn) النمساوية على مقربة من الحدود الألمانية، بإبنها الرابع أدولف هتلر. ومع ولادة أدولف بصحة جيدة، سعدت كلارا كثيرا فخلال السنوات القليلة الماضية خسرت الأخيرة جميع أبنائها والذين فارقوا الحياة في سن مبكّرة.

وخلال طفولته، كان أدولف هتلر مقربا لوالدته حيث أبدى الأخير انجذابا هائلا تجاهها على عكس والده ألويز الذي لم يتردد في تعنيفه بشكل مستمر. وعلى حسب ما نقلته باولا (Paula Hitler) الشقيقة الصغرى للقائد النازي، اتجه ألويز لتعنيف ابنه أدولف بشكل شبه يومي وبالتزامن مع ذلك لم تتردد الأم كلارا في مواساة وتهدئة ابنها كل مرة عن طريق معانقته وتقبيله مانحة إياه عطف وحنان الأم الذي ترك أثرا هائلا في حياته. أيضا، مارس ألويز، الذي عمل بإحدى إدارات الجمارك، ضغطا كبيرا لإجبار أدولف على إتباع خطاه حيث آمن الأب بضرورة أن يحصل ابنه مستقبلا على وظيفة حكومية مشابهة. وخلافا لألويز هتلر الذي فارق الحياة يوم 3 من شهر يناير/كانون الثاني سنة 1903، ساندت كلارا طموحات إبنها أدولف والذي كان يحلم بمغادرة مقاعد الدراسة ليصبح رساما.
صورة لكلارا والدة أدولف هتلر في حدود سنة 1880

ويوم 14 من شهر يناير/كانون الثاني سنة 1907، اتجهت كلارا لطبيب العائلة إدوارد بلوش (Eduard Bloch) بعد أن أحسّت بآلام شديدة على مستوى صدرها طيلة الليلة الفارطة. ومع فحص حالتها، شخّص الطبيب حالة متقدمة من سرطان الثدي لدى والدة أدولف هتلر مما استوجب جراحة على وجه السرعة لاستئصال أحد ثدييها. وفي الأثناء، لم تحقق الجراحة النتائج المرجوة وبسبب ذلك تدهورت الحالة الصحية لكلارا بشكل سريع حتى أصبحت في النهاية طريحة الفراش وغير قادرة على النهوض.

ومع سماعه لخبر مرض والدته وصعوبة وضعها الصحي على لسان طبيب العائلة إدوارد بلوش، أجهش أدولف هتلر بالبكاء قبل أن يتمالك نفسه. وخلال نفس السنة، انتقل أدولف هتلر البالغ من العمر 18 سنة للعيش بالعاصمة النمساوية فيينا معتمدا على بعض المال الذي وفرته له والدته ومنحة اليتامى، حيث سعى الأخير حينها لدخول كلية الفنون الجميلة بفيينا ومواصلة دراسته بها. وأمام فشله في اجتياز اختبار القبول ونفاذ مدّخراته المالية، أجبر أدولف على العودة للمنزل ليستقر بجوار والدته خلال أيامها الأخيرة.

ومع عودته للمنزل، أخفى أدولف هتلر عن والدته، التي كانت تتلقى علاجا مؤلما ضد الخلايا السرطانية باستخدام اليودوفورم (iodoform)، حقيقة فشله في الانضمام لكلية الفنون الجميلة. وتزامنا مع ذلك، اتجه الأخير للاعتناء بأمه عن طريق المساعدة في قضاء الشؤون المنزلية كالتنظيف والطبخ.
صورة لإدوارد بلوش طبيب عائلة هتلر

خلال ساعة مبكرة من يوم 21 من شهر كانون الأول/ديسمبر 1907، فارقت كلارا بولتزل الحياة عن عمر يناهز 47 سنة بسبب تبعات إصابتها بسرطان الثدي. وأثناء نفس ذلك اليوم، حلّ الطبيب بلوش بمنزل العائلة بمدينة لينز (Linz) النمساوية ليوقّع شهادة الوفاة.

وعلى حسب ما نقله الطبيب إدوارد بلوش، كان أدولف هتلر في حالة يرثى لها حيث كان الأخير حزينا ومنهارا. وعن الحادثة، أكد بلوش أنه لم يشاهد طيلة فترة عمله إنسانا بلغ درجة الحزن التي كان عليها أدولف هتلر عند وفاة والدته. وطيلة الأيام التالية، حافظ القائد النازي على هذه الحالة حيث لم يتمالك أدولف هتلر نفسه إلا بعد فترة طويلة.

من خلال كتابه “كفاحي” الذي ألفه أثناء فترة سجنه بلاندسبرغ (Landsberg Prison) عقب انقلاب بافاريا الفاشل، عبّر أدولف هتلر مرات عديدة عن حبّه وتقديره لوالدته كلارا واصفا يوم وفاتها باليوم المروّع، كما ألّف القائد النازي سنة 1923 قصيدة عن الأم.

وطيلة فترة حياته، نقل أدولف هتلر صورة والدته أينما ذهب حيث علّقت صورتها بالعديد من غرفه ومكاتبه ببرلين وميونخ كما احتفظ أيضا بإحدى صورها خلال أيامه الأخيرة قبل انتحاره بمخبئه بالعاصمة برلين، المعروف بملجأ الفوهرر، التي وقعت لاحقا في قبضة السوفييت.

العربية نت