رأي ومقالات

40% نسبة انتشار الظاهرة في الريف .. كنا في حفل زواج (قاصر).!

لم تكن فاطمة البالغة من العمر 16 عاماً تتخيل أن تترك مقاعد الدراسة ويتحطم حلمها وهو دراسة الهندسة بعد أن أجبرها والدها على الزواج من رجل ستيني (أصلع) كسا الشيب أجزاء واسعة من جنبات رأسه، إلا أنه ميسور الحال لذلك وافق والدها على الزواج، شقت الزغاريد أرجاء المنطقة ورقص الناس على أنغام أغاني الحماس في تلك الأثناء جاء العريس المسن ممسكاً بيد فاطمة ويرقص بطريقة هستيرية ، لكن فاطمة كانت الدموع تملأ عينيها ، وعندما التففت صديقاتها حولها سألت الدموع على خديها وكانت دليلاً قاطعاً بأنها ليست مقتنعة بهذا الزواج ، بينما والدها يتمايل مع الموسيقى وكذلك والدتها.!

(1)
فاطمة ليست الطفلة الوحيدة التي تُنتهك حقوقها بل مثلها آلاف الطفلات كما قال الخبير القانوني د.المعز حضرة لـ(كوكتيل)، وأضاف أن الطفلات لا يملكن قرارهن في الزواج وتمارس عليهن ضغوط كبيرة وأحياناً يتعرضن للعنف الجسدي لإتمام الزواج إذا رفضن، مشيراً إلى أن زواج القاصرات يكثر في فترة الإجازة الصيفية وفي الغالب لا يكملن دراستهن الثانوية ، قاطعاً بأن مثل هذه الانتهاكات لا تصل جميعها للمحاكم أو الجهات الحكومية.!

(2)
رغم أن هذه الممارسة موجودة في مناطق كثيرة من ولايات السودان إلا أنه لا توجد دراسة حديثة في هذا الجانب، وآخر دراسة رسمية كانت قبل نحو 6 سنوات أكدت زيادة هذا النوع من الزواج بعدد من الولايات أوضحت أن 15 % من اللاتي تم تزويجهن تتراوح أعمارهن بين 10 -14 عاماً، وأشارت إلى أن نسبة زواج القاصرات بولاية غرب دارفور بلغت 58 %، وشرق دارفور 45 %، القضارف 48 %، جنوب دارفور 53.8 %، والخرطوم 27 %، وهناك دراسة أخرى قبل 9 سنوات أوضحت أن زواج القاصرات في المناطق الريفية بلغ 40 % في مقابل 28 % بالحضر.

(3)
زواج القاصرات منتشر في كثير من مناطق السودان ، ويقول المختصون إن الجهل والفقر من أكثر أسبابه ، كما أنه يعتبر من العادات والتقاليد لذلك فإن وجود قانون فقط ليس كافياً لمحاربة المشكلة ولا بد من التوعية. نائب رئيس البرلمان أحمد التجاني قال في ورشة حول حقوق الأطفال يجب على الأجهزة التنفيذية والتشريعية إجراء مزيد من الإصلاح القانوني على قضايا الأطفال، مؤكداً أهمية التركيز على تعليم البنات باعتباره من الوسائل التي تحد من زواج القاصرات. وسبق أن طالب رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي بضرورة إصلاح قانون الأحوال الشخصية لمنع زواج القاصرات ومنع إجبار النساء على عقد الزواج فهو عقد اختياري لا إجباري.

(4)
منتصف العام الماضي شغلت قصة نورا حسين الرأي العام المحلي والإقليمي ، بعد أن أصدر القضاء السوداني حكماً بالإعدام عليها لأنها قتلت زوجها. نورا التي تم عقد قرانها في عُمر 16 سنة وتم إكمال مراسم الزواج بعد أن بلغت الـ19 عاماً تعرضت للاغتصاب من قبل زوجها بمساعدة ثلاثة رجال آخرين، وعندما حاول اغتصابها مرة أخرى اعتدت عليه بسكين وتوفي متأثر بجروحه، وأصدر حكم بالإعدام شنقاً بحق نورا حسين البالغة من العمر 19 عاماً ، بعدها خفف الحكم بالسجن 5 سنوات، فيما اعتبرت بعض المنظمات الحقوقية أن الحكم عليها قاسٍ وغير مقبول وطالبت السلطات بإلغاء حكم الإعدام وضمان محاكمتها محاكمة عادلة، في السياق قال نائب المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية سيف ماغانغو في بيان إن نورا حسين ضحية والحكم الصادر ضدها قاسٍ لا يمكن احتماله. وأضاف أن عقوبة الإعدام غير إنسانية وأكثر قسوة ، داعياً لإلغاء هذا الحكم والتأكد من حصول نورا على الحق بمحاكمة جديدة وعادلة.

تروي الحكاية: وجدان طلحة
صحيفة السوداني