سياسية

الوطني يجرد حسابه.. مبررات الخطوة

تصريح وصف بالمثير عقب إعلان رئيس المؤتمر الوطني المفوض مولانا أحمد هارون لدى مخاطبته حشداً لقطاع الطلاب بالمركز العام للحزب بأن “الحساب ولد”، وأن عليهم الجلوس على الأرض لجرد حساب (30) عاماً. التصريح حمل في طياته تساؤلات عدّة، فضلا عن حدة اللهجة التي جاءت بالتزامن مع الأحداث الأخيرة التي تشهدها البلاد.

ماذا يقول الحزب رسميا؟
الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني إبراهيم الصديق يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن تصريحات هارون جاءت مخاطبة لأفراد الحزب تهيئة لتطوير التجربة السياسية به وإنفاذا لعملية الانتقال السياسي والتعامل معه، وأضاف: في حال أن التصريحات عنت جرد حساب تجربة الإنقاذ في حكم السودان فإن الإنجازات التي تحققت يصعب حصرها من بنى تحتية وخدمات وقاعدة أساسية للدولة تتألف من أربعين حزباً يشاركون في الحكم بما فيهم الناطق الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين محمد يوسف الذي كان يشغل منصب وزير للعمل بالدولة؛ وأضاف أن حال التجربة السياسية في السودان كحال أي تجربة بشرية أي أنها تكون عرضة للنجاح والإخفاق، الأمر الذي يخضعها للنقاشات والتداول.

لماذا الآن؟
هجوم كثيف تعرض له الحزب الحاكم منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية، واتهامات بالكثير مما قاد إلى ما تشهده الساحة الآن، فضلا عن تفشي ما يوصف بخطاب الكراهية، وهو ما يرد عليه قيادات الحزب وعضويته بأن الشارع السوداني لا يمكن التعبير عنه بفئة معينة، وأنه يجب تحري الدقة في الوصف.
مراقبون اعتبروا أن التوقيت الذي جاء فيه تصريح هارون مناسب لجهة أن كثافة الاتهامات حيال الحزب تقطع الطريق على مستقبله السياسي، ويراهنون على أن الوطني يمكن أن يبرز إنجازاته في الثلاثين عاما ماضية.
ويذهب القيادي بالمؤتمر الوطني د.ربيع عبد العاطي في حديثه لـ(السوداني) إلى أن جرد الحساب مسألة مستديمة وتصريح هارون لم يعبر عن محطة أو مرحلة معينة فالحساب يأخذ مجراه ولا يتوقف على تصريح لا يعدو إلا أن يكون كلمات عبر عنها.
عبد العاطي يرى أن حكومة الإنقاذ حققت خلال الثلاثين عاما المنصرمة إنجازات عظيمة في كل المجالات كالاتصالات والكهرباء التي قفزت لمعدلات عالية في التوليد مقارنة بما قبل الإنقاذ وكذلك إنشاء الكباري والسدود والبنى التحتية بوجه العموم، مشيرا أيضاً إلى النهوض بمجالي التعليم والصحة، وأجمل بقوله عن النقص في كل تلك الإنجازات بأنه لا يوجد نجاح مطلق وبعض الإخفاقات كمشروع الجزيرة لا تحمل على الإنجازات العظيمة.

تقييم الموقف
المحلل السياسي د.الحاج حمد يرى في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن التصريح يأتي في محاولة لتهدئة الشارع العام ودعوة جلية للحوار مع أي طرف. مؤكدا وجود إنجازات بما في ذلك تطور قطاع التصنيع الحربي، غير أنه اعتبرها لا تتناسب مع ثلاثين عاما من الحكم، وأضاف: حكومة الإنقاذ عادت إلى ما بدأت بإصلاحه وهو التضخم المالي، عازيا ذلك إلى المتاجرة بإمكانيات الدولة وإلى الرؤية الخاطئة للمستقبل.
وأوضح حاج حمد حجم الإخفاق في اتفاقية سلام الدوحة بعدم تمكن التوقيع مع عناصر رئيسية في الصراع بالإضافة إلى ديمومة هشاشة المنطقة ذات الصراع المسلح والمعاناة من آثار الحرب مقارنة بحديث هارون عن أن هذه القضية لا تحتاج لإضاعة الوقت وفقد الأرواح وتعريض أمن البلاد واستقرارها للخطر.

السياسة الخارجية
جرد حساب 30 عاماً للمكاسب السياسية الخارجية للسودان وصفها عبد العاطي بالرصيد الثلاثيني الجيد، منوها إلى نجاح السودان في الحصول إلى عضوية منظمات إقليمية ودولية وتقلد مناصب سامية، معللا عدم نجاح العلاقات مع بعض الدول بتضارب المصالح حيث أن هناك من لا يريدون للسودان أن يتقدم لأنه غني بالموارد الطبيعية وقبلة للأطماع.
د.أحمد وقف على بعد مسافة مقدرة من قول الأخير، وأضاف: حكومة الإنقاذ لم تستغل الفرص جيداً وقدمت تنازلات لم تحقق من خلالها مكاسب سياسية على الصعيد الدولي حيث زجت بنفسها في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في الصومال واليمن بالمجان، فضلاً عن التنازلات الداخلية.

الخرطوم: هبة علي
صحيفة السوداني