مصر.. دستور على مقاس السيسي يرسّخ الدكتاتورية
في الوقت الذي يحاول فيه المتظاهرون في كل من الجزائر السودان السير ببلدانهم نحو تأسيس حكومات انتقالية تعبر عن إرادة الشعوب، يبدو الوضع في مصر مختلفا تماما، فالشارع صامت ولا يتحرك، إزاء أية تغييرات تقوم بها السلطة وآخرها مصادقة البرلمان على التعديلات الدستورية التي تتيح للرئيس الحالي الاستمرار في منصبه حتى عام 2030.
وبينما يُحكِم النظام المصري قبضته، يلقى قرار البرلمان -الموافق بأغلبية الأصوات على التعديلات الدستورية- الشجب والرفض من قبل المنظمات غير الحكومية التي تعتبر الأمر “تحولا نحو أحد أشكال الشمولية” كما أنه يهدد علاقات القاهرة مع حلفائها من الدول الغربية.
وتحت عنوان “مصر.. دستور على مقاس الرئيس السيسي” نقلت الكاتبة فيرجيني روبار -في مقال نشر بصحيفة ليزيكو الفرنسية، عن المستشار الخاص للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية دينيس بوشار قوله- إن نظام السيسي يعتبر مستقرا ولكنه قمعي للغاية، أكثر بكثير من نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي تسامح مع المعارضة الرمزية.
وذكرت الكاتبة أن الإسلاميين -والأصوات الأكثر ليبرالية والمنظمات غير الحكومية وعلى اختلاف توجهاتها- تشجب التعذيب والاختفاء القسري والرقابة على وسائل الإعلام التي يمارسها النظام الحالي.
تعديلات.. تضييقات
وفضلا عن أن التعديلات الدستورية أكدت أن مدة رئيس الجمهورية الحالي تنقضي بانقضاء ست سنوات من تاريخ إعلان انتخابه عام 2018، مع إجازة انتخابه لمرة تالية -مما يعزز بالتالي احتمال بقاء السيسي في السلطة حتى عام 2030- فقد منحته صلاحيات أخرى تتعلق بتعيين القضاة والمدعين العامين.
وعلى صعيد التعديلات المتعلقة بدور الجيش، نصت التعديلات على أن مهمة القوات المسلحة تتمثل في حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، وصون الدستور والديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة ومدنيتها.
وبحسب كلير تالون المديرة السابقة لمكتب الشرق الأوسط بالفدرالية الدولية لحقوق الإنسان فإن هذا الأمر “لم يعد خطوة جديدة في توطيد نظام استبدادي، بل (شهد) تحولا نحو شكل من أشكال الاستبداد”.
وعلى الرغم من سعي السيسي إلى تعزيز مكانة القاهرة ودورها في التحالفات الأجنبية، واعتباره حليفا للغرب لتصميمه على هزيمة الإرهاب فإنه يبدو أقل شعبية من ذي قبل.
وفي هذا السياق، يقول بوشار “لقد تدهورت العلاقات بين القاهرة وواشنطن، خاصة مع الكونغرس ووسائل الإعلام الأميركية” مشيرا إلى أن رحلة السيسي الأخيرة إلى العاصمة الأميركية -حيث التقى الرئيس دونالد ترامب- كانت أقل من المتوقع.
قواعد الدكتاتورية
وفي مقال آخر تحت عنوان “السيسي يرسي قواعد الدكتاتورية” قال الكاتب ستيفان أوبراد بصحيفة لومانيتي إن نواب البرمان المصري أهدوا الرئيس المارشال سلطات كاملة تمكنه من البقاء في السلطة حتى 2030.
وبيّن الكاتب أن التعديلات التي منحت للرئيس -الذي وصل لسدّة الحكم عبر انقلاب عسكري نفّذه في يوليو/تموز 2013- تفتح الطريق أمام دكتاتورية حقيقية، في بلد “موصوم بالعار” بسبب اتهام النظام بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من خلال التعذيب والاختفاء القسري وسجن المعارضين وتنفيذ أحكام الإعدام وتكميم الصحافة.
وفي مؤتمر صحفي عقدته الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، قال المختص بالشأن المصري مؤسس صحيفة أوريان 21 الإلكترونية آلان غراش إن إحالة التعديلات الدستورية على الاستفتاء الشعبي ما هي إلا محاولة لستر “عورات النظام”.
قبضة حديدية
وأضاف غراش أن الملصقات التي تروح للتعديلات الدستورية تملأ شوارع القاهرة، بينما يحظر توزيع أي منشورات مضادة للتعديلات، وكل من يخاطر بذلك به ينتهي به المطاف في السجن، مشيرا إلى أن معلومات تشير إلى القبض على 120 شخصا ينتمون إلى أحزاب معارضة قانونية وغيرها من الجماعات المؤيدة للديمقراطية الأيام الأخيرة.
وفضلا عن إلقاء الضوء تجاه ما يحدث في مصر، لفت الكاتب إلى مسؤولية فرنسا في ما أسماه “الانحراف الدكتاتوري في مصر” فباسم الحرب على الإرهاب تغاضت باريس على الانتهاكات المرتكبة بملف حقوق الإنسان، وهو خطأ ارتكبته في السابق.
ومنذ تسلمه السلطة عام 2013 استفاد السيسي بشكل كبير من “دعم” قصر الإليزيه، فقد قامت فرنسا بوضع أركان النظام القمعي السيساوي، وفقا لما أكده توني فرتين من مرصد التسلح في فبراير/شباط الماضي لصحيفة لومانيتي.
وأضاف فرتين أنه على سبيل المثال صنعت فرنسا المدرعة شيربا ليتم اختبارها في شوارع القاهرة خلال قمع مظاهرات سلمية.
الجزيرة الاخبارية