مقالات متنوعة

ضياء الدين بلال يكتب : الفتنة الكبرى .. الخطر الأكبر الذي يُهدِّد أمن الدولة


واهم من كان يظنُّ أن التغيير العميق الذي حدث، كان يمكن أن يتم بكلِّ سهولة ويسر.

سقوط سلطة استمرَّت لثلاثين عاماً ممسكة بمقاليد ومفاتيح الحكم، بزلزالٍ سياسي من الطبيعي أن تَتْبعه ارتدادات عنيفة وانهيارات داوية.

غالب المؤشرات ترشح الأوضاع إلى تصعيد خطير، يضع البلاد على شفا جرف قابل للانهيار.

ما حدث بقاعة قرطبة، وما ارتُكب من اعتداءات في حقِّ أفراد ومؤسسات ومظاهر الفوضى والانفلات؛ جميعها لم تكن خارج دائرة التوقع.

في مصر القريبة، عقب انهيار حكم حسني مبارك، حدث ما هو أسوأ من الذي يجري الآن.

كلُّ ما يحدث الآن من تفلتات وتجاوزات مُستهجَنٌ ومُدانٌ، ولكنه مُتوقَّع.

الخطر الأكبر الذي يُهدِّد أمن الدولة واستقرارها، بل وجودها، حدوث تشقُّقات عميقة للأجهزة العسكرية والأمنية.

الفرق بيننا ومصر، أن مؤسسات الدولة هناك راسخة وقوية، لذا كانت قادرةً على امتصاص ارتدادات الزلزال السياسي، دون أن تتصدَّع أبنيتها.

الإضراب الذي تمَّ داخل قوات الشرطة من قبل الرُّتب المُتوسِّطة والصغيرة، أظنُّه الأوَّل في تاريخها منذ إضراب الأربعينيات في عهد الاستعمار.

المُذكِّرة المرفوعة من ضباط جهاز الأمن والمخابرات، وما تحوي من رسائل وتهديدات، هي الأولى في تاريخ الأجهزة الأمنية المُتعاقبة على السودان.

مع تصاعد الخلافات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، ليس من المُستبعد أن تنتقل العدوى إلى القوات المُسلَّحة.

المُفارقة الغريبة والمُثيرة للدَّهشة، أن القوى الوحيدة التي تبدو أكثر تماسكاً وحصانةً من الخروج عن نسق الانضباط هي الدعم السريع.

قبل انحياز المُؤسَّسات العسكرية لخيار الشعب في الحادي عشر من أبريل كتبنا: حفظ دماء المواطنين وحماية أرواحهم وصون وحدة القوات النظامية يجب أن يقدم على أي شيء آخر.. الحلول الأمنية ستعقد الوضع وستدفع بالبلاد إلى حرب شوارع لا تُبقي ولا تَذَرْ.

لا بدَّ من حلٍّ سياسيٍّ سريعٍ وعاجلٍ يُجنِّبُ البلاد ما حدث في دولٍ أُخرى، أرادت الحرية، فإذا بها تفقد الأمن والأمان.

الآن، بعد تصعيد الأمس، تعود إلى الواجهة ذات المخاطر التي حذَّرنا منها.

أيُّ محاولة من المجلس العسكري لفضِّ الاعتصام بالقوة ستُفاقم الوضع وستزهق خلالها كثيرٌ من الأرواح.

وأي خطاب تحريضي من قوى التغيير لاستمالة ضباط داخل القوات النظامية للانقلاب على المجلس ستفتح باباً واسعاً لاشعال فتنة كبرى تحجز للبلاد مقعداً مُتقدِّماً في قطار الجنون.

-أخيراً-

لا خيار آمن سوى التوافق على حلول سياسية سريعة، تُجنِّبنا كل هذه الشرور.

المشهد السوداني


‫3 تعليقات

  1. كلام عين العقل

    لكن لماذا كل هذا التلكؤ من المجلس العسكري ألا يهمهم مصلحة البلاد أم لهم أجندة أخرى

    ولماذا التفاوض تحت التربيزة يجب أن يخرجو التفاوض للجميع لكي يعلم الشعب من المخطئ وينحاز للجهة الصادقة

    1. توجد مشكلة واحدة فقط فى هذا المشهد يا أخ بكرى وهى أصرار تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير على أحتكار السلطة وأقصاء كل التنظيمات السياسية بحجة انها كانت مشاركة فى حكومة الأنقاذ رغم أن رئيس تجمع المهنيين نفسه كان قد عمل وزيرا” فى الأنقاذ لمدة خمس سنوات وهم يردون على ذلك بانه عمل وزير بموجب أتفاقية نيفاشا ولا يعترفون بان الاحزاب التى شاركت بعد ذلك ويريدون أقصائها قد شاركت ايضا” بموجب اتفاقيات مع الحكومة .. يعنى حلال لهم اتفاقياتهم وحرام على الآخرين أتفاقاتهم ..