علي محمود حسنين.. رحيل شيخ المناضلين
تعتبر صورته وهو يسجد لله في مطار الخرطوم عقب عودته للبلاد هي الأشهر بعد غباب طويل دام عشر سنوات في الغربة ،صورة تعبر عن حبه الكبير للوطن، وكأن في سجدته كان يناجي تراب الوطن بأنها العودة الأخيرة ليكون نضاله داخل الوطن مع الثورة في طريق الحرية والديمقراطية هكذا رسم المحامي والسياسي علي محمود حسنين، نهاية مسيرته السياسية في ذاكرة الوطن وانتقل إلى جوار ربه بعد عمر ناهز الثمانين عاما قضاه ما بين القانون والسياسة والعمل والنضال ،حيث تم تشييعه أمس بميدان الاعتصام بالقيادة في موكب مهيب وورى الثرى بمقابر أحمد شرفي.
تعزية ومواساة
تسابقت جهات عديدة في اصدار بيانات و برقيات التعزية والمواساة في فقيد البلاد، ، أولها من المجلس العسكري الانتقالي الذي وصف رحيل حسنين بالفقد الكبير لرمز من رموز الوطنية السودانية، والداعي للحرية والديمقراطية ، كما نعاه حزب الاتحادي الديمقراطي، ووصفه بأنه خسارة للحزب والوطن وفقدا للسياسة وجاء في البيانات ايضا نعي حركة جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة السودانية، ونعى قوى إعلان الحرية والتغيير وتجمع المهنيين والعديد من الأحزاب السودانية.
سيرة ومسيرة
حسنين من مواليد 19 يونيو 1938 منطقة أرقو بالشمالية، درس المدرسة الوسطى في القولد ثم المدرسة الثانوية في وادي سيدنا، ثم التحق جامعة الخرطوم بكلية القانون لديه بكالوريوس القوانين جامعة الخرطوم، وماجستير القوانين جامعة نورث وسترن في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، المهنة محامي منذ 1963 وعن دراساته فوق الجامعية فلقد التحق بجامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان رئيس اتحاد طلاب في دورتين وقبلها نائباً لرئيس الاتحاد، وكذلك نائب رئيس اتحاد الطلاب العالمي بحكم رئاسته لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم، ثم الأمين العام لاتحاد الطلاب الأفارقة فوق الجامعة في الأمريكتين PASOA ومقره الولايات المتحدة، وبحكم الموقع أصبح عضواً في العديد من المنظمات ذات الأصول الأفريقية، وشارك في النضال ضد التفرقة العنصرية وقتها وقابل العديد من رجال التحرير من أفريقيا في الفترة من 1960/1962.
مشوار سياسي
عقب الانتفاضة 1985 كون الحزب الوطني الاتحادي وانتخبه المؤتمر العام رئيساً للحزب، وقدم الحزب مبادرات من بينها مشروع القصاص الشعبي وقانون تسجيل الأحزاب وميثاق الدفاع عن الديمقراطية الذي وقعت عليه في 17/11/1985 كل القوى السياسية والقوات المسلحة فيما عدا الجبهة القومية الإسلامية. توحد الحزب الوطني الاتحادي مع الحزب الاتحادي الديمقراطي عقب انقلاب الجبهة القومية الإسلامية على السُلطة في 30/6/1989 وأن ننتخب في عام 1992 رئيساً للمكتب التنفيذي للحزب الاتحادي الديمقراطي وشارك مع زملائه في النضال ضد نظام الإنقاذ. أحد قيادات التجمع الوطني الديمقراطي (1989 – 2006) وحضر مؤتمر أسمرا من داخل السودان عام 2000.في عام 2004 اُنتخب نائباً لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي في مؤتمر القناطر الخيرية وحتى الآن. رئيس مجموعة التجمع الوطني الديمقراطي لدى مفوضية الدستور بعد اتفاق القاهرة عام 2005 وقدم تعديلات جوهرية في وثيقة حقوق الإنسان، اُعتمد منها 29 تعديلاً جوهرياً. اعد وقدم عشرات الأوراق في العديد من المؤتمرات والسمنارات والورش داخل السودان وخارجه. خاطب مئات الندوات والتجمعات والقى مئات المحاضرات وشارك في الكثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية كما قابل عشرات الوفود الرسمية والشعبية من العديد من الدول. وكان عضو البرلمان عن التجمع الوطني الديمقراطي (2005 – 2006) كمعارضة برلمانية، واستقال من البرلمان لأن المؤتمر الوطني الحاكم لم يحتمل نقده وحرمه من التحدث عندما كشف فساد السلطة في أمور عدة من بينها فساد وزير الداخلية في عمارات الرباط.
الجبهة الوطنية العريضة
هو مؤسس الجبهة الوطنية العريضة وانتخبه المؤتمر العام للجبهة الوطنية العريضة (الذي عُقد في لندن 22-24/10/2010) رئيساً للجبهة والتي تهدف إلى إسقاط نظام الإنقاذ وعدم التحاور معه وإقامة دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية دون اعتبار للعرق أو الدين أو الثقافة وتكون الإرادة الحُرة للمواطنين مصدراً للتشريع.
السجون والاعتقالات
له رحلة طويلة مع السجون والاعتقالات حيث تم إبعاده عن القضاء عام 1962 لأنه أمر بالقبض على وزراء ومسؤولين في جرائم أخلاقية أيام انقلاب عبود. وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قراراً بمنعه من مزاولة مهنة المحاماة بعد أن اُبعد من القضاء ثم عاد بعد عام وسُمح له بالمزاولة.ُ واعتقل ثلاث مرات في عهد حكم عبود العسكري (1958 – 1964). كذلك اُعتقل وسُجن أيام حكم مايو العسكري (1969 – 1985) لمدد وصلت سبع سنوات في أوقات متفرقة. واعتقلته سُلطة الإنقاذ العسكرية الشمولية لمدد تجاوزت ثلاث سنوات كان في معظمها في حبس انفرادي. واُعتقل لتأييده المحكمة الجنائية الدولية وهُدد بالقتل. وكان خارج السودان معارضاً تحت راية الجبهة الوطنية العريضة ثم حضر للسودان عقابيل ثورة ديسمبر للمشاركة فيها من داخل الوطن حتى توفاه الله بالأمس الجمعة التاسع من رمضان حيث شيعه الشعب إلى مقابر أحمد شرفي، بعد أن تمت الصلاة عليه بميدان الاعتصام بالقيادة.
بروفايل: عيسى جديد
اخر لحظة