رأي ومقالات

27 فبراير 2019 .. كان الأنقلاب وقتها على نار هادئة


27 فبراير 2019 .. كان الأنقلاب وقتها على نار هادئة ..

كتب الأستاذ عبدالله على أبراهيم مقالآ ما القى الناس له بالآ ،ذلك المقال الأثير عن الفيل في غرفة السياسة السودانية ، و يقصد أن النخبة ” أفندية و أفندية مضادة ” ظلت تسمى الأنقلابات العسكرية بأسماء العسكريين الحزبيين الذين أحدثوها ، دون أن تنتبه لمسألة في غاية الوضوح أن الجيش نفسه ظل اللاعب الأول في معادلة السلطة و الثروة في السودان ، و أن أمر الأنقلاب و التغلب حاضر في تكوين العسكري السوداني حضورآ لا يضاهيه حضور .

في ذات الأتجاه كتب لي أحد الأصدقاء عن أسلاموية الجيش أو قل أخوانيته ، فرددت عليه بأن الحديث عن أدلجة الجيش ينفى تفكر صاحبه في أمر العقيدة العسكرية و قوتها ، و كيف أن أنتماء الضابط الي الجيش يغير في تركيبته النفسية ، و أمر ولائه ،و ميزان عقله للأمور ، و كيف أن “خوة” الكاكي و هذه “الأيدلوجيا” العسكرية تحكم قبضتها على أدمغة العساكر ..

المستجد الظافر بخطاب القبول و حين يدلف من باب الكلية الحربية ، فهو أنما يدلف الي عالم جديد ، عالم بلغته و مصطلحاته و تراتبيته الصارمة ، عالم يعاد فيه تعريف الأنا و الأخر و النحن ، أحد أصدقائنا المثقفين ذهب الي التدريب العسكري ل 9 أشهر و عندما خرج عاد ليخبرني عن أن مواعيدي مواعيد “ملكية” ساكت .

في ذات الأتجاه أيضآ فأن أغفالنا للجيش في ملعب السياسة فوت علينا أن ننظر للجيش كجماعة سياسية في هذه البلد ، أي الجيش كبنية تنظيمية قائمة علي التراتبية ،فاعلة و منتشرة في كل البلاد ،تحظى بمهابة الناس و أحترامهم ، و فوق ذلك مسألة الضبط و الربط العسكريين في مقابلة “ميوعة” النخبة المدنية و فوضويتها ، معادلة توضع للعامة و أمام العامة دائمآ تثقل كفة الجيش .

مرد هذا الكلام أن النخبة التى لا تتعلم من أخطائها تعيد النظر للأمور من ذات المنظار فهي من جهة ترفض الفصل بين الجيش و الأسلاميين و الفصل واقع منذ أمد بعيد ، لكن الجيش حكم بمشروعية الأسلاميين السياسية ، و حين أهترئت القى بها ..

و هي من جهة أخرى تجهل أن للجيش طموح سياسي لن يتخلى عنه ، يسانده في ذلك قوى أجتماعية تحاصصه النفوذ ، و تتناوب معه علي الأدوار ، في تحالف ما رتب له ، لكنها حكمة التاريخ الخفية ..

مشكلة النخبة الفيسبوكية هذه و حين ثارت فأنها ثارت ثورة حمدناها في البداية .. لأننا ظننا أننا بها ربما أمسكنا بقرني الثور و صنعنا تسوية تاريخية عالمة تفسح فيها هاتين القوتين الساحة لسهم ثالث .. لكن خاب ظننا و النخبة الأن تحيا الهتافية ، و تغرق في شبر الشعارات ، حتى أنها الأن لا تعرف من تحارب و من ستحارب في المستقبل ..

عبد الرحمن عمسيب