تقنية معلومات

هل يشكل موقع “تويتر” بديلا عن الصحافة في المستقبل؟


بعد سلسلة من الأخبار التي أثقلت كاهل الإنترنت الشهر الماضي وخصوصا مع ولادة ثورة الشعب الإيراني على الإنتخابات الإيرانية الأخيرة على شبكة الإنترنت ومع خبر وفاة ملك البوب الأمريكي “مايكل جاكسون”، أصبح من الواضح لدى مستخدمي الإنترنت ومتابعي الأخبار أن هناك قوة إخبارية بزغت فجأة في فضاء الشبكات الإلكترونية، قوة أبعدت الأضواء وبشكل لافت عن المحطات التلفزيونية ووكالات الأنباء العالمية والصحف والشبكات الإخبارية ومواقع الإنترنت وكل ما يمكن للفرد أن يستمد المعلومة أو الخبر منه.

لقد استطاع موقع “تويتر” خلال الشهر الماضي أن يعلن المنافسة الحقيقية مع وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لبث الأخبار الحية لحظة وقوعها دون انتظار الإذن من المسئول كما في وسائل الإعلام الأخرى، بل أن أغلب مشاهير العالم توجهوا إليه ليستمدوا الأخبار منه بدلا من الوسائل التقليدية التي اعتادوها للحصول على الرسالة الإخبارية المباشرة من وإلى الجمهور. بل أن استخدام تويتر تعدى مستخدمي الإنترنت العاديين ليبسط نفوذه على الكثير من الصحفيين الذين كانوا يترقبون آخر الأخبار منه لصنع قصتهم الخبرية.

ولم يحدث موقع “تويتر” صدمة على مستوى وسائل الإعلام فحسب بل أنه شكل صدمة أخرى في عالم “الإنترنت”، فالإنترنت تحول إلى وسيلة إعلامية معترف بها بعد عدة سنوات من نشأته وبعد سنوات من نشأة العلاقة بينه وبين المستخدمين، ولكن “تويتر” تحدى الإنترنت أيضا واستطاع أن يصبح أقوى وأشهر وسيلة إعلامية في “إيران” وأشهر وسيلة إخبارية للإعلان عن التجمعات وحركات المظاهرات في الشوارع الإيرانية، وأصبح مثل الهاتف النقال الذي يحادث شعبا بأكمله بعد الاحتجاجات الشعبية الإيرانية الأخيرة، كما أصبح “تويتر” الوسيلة الإعلامية الأولى بعد وفاة المغني الأمريكي”مايكل جاكسون”، وأنشأ الكثير من الأشخاص مجموعات ذات علاقة بوفاته وثروته ووصيته، بل أن أحد المجموعات في “تويتر” تناقلت أشاعة مفادها أن جاكسون زور موته الذي كان يخطط له منذ زمن بعيد وذلك لتحقيق الملايين بعد خبر وفاته بعد أن بيعت 415 ألف أسطوانة في لوس أنجلوس بعد خبر وفاته.

لقد عبر الكثير من الأمريكيين عن استيائهم من شبكة “CNN” الإخبارية والتي كانت تبث تغطيات سطحية عما يجري في إيران الأمر الذي جعلهم ينتقلون إلى “تويتر” ليكونوا على علم بالأخبار من قلب الحدث بسبب وجود بحر من ردود الأفعال يكفي لنسج القصة الخبرية في الخيال والمشاركة في الاستفسار والسؤال والإجابة عن كل الأمور الخافية وبأسرع وقت ممكن.

وقال الكاتب والمحلل في الشئون الإتصالية “روس دوسون”: “أود أن أشير إلى مارشال ماكلوهان حينما قال أن وسائل الإعلام هي إمتداد لحواس الإنسان، وأريد أن أوضح أن تويتر استطاع أن يمتد بحواسنا إلى الملايين من الناس من موقع الأحداث الجارية”.

لقد استطاع “مستخدمي تويتر” أن يراهنوا على خلق قوة إعلامية جديدة في فضاء وسائل الإعلام، ف”تويتر” هو الإعلام النابع من أيدي الناس العاديين وليس نابعا من صحفيين أو إعلاميين أو مختصين في المجال الإعلامي، وعلى الرغم من أن “تويتر” يسمح للشخص أن يتواصل بشكل مباشر جدا مع الأشخاص الآخرين، إلا أنه وفي نفس الوقت يسمح بأن يباعد المسافة بين الأشخاص كليا.

وعلى الرغم من سرعة إنتشار الأخبار على “تويتر” إلا أن لهذه السرعة مساوئ أيضا، فالشخص لا يستطيع السيطرة على مصداقية الأخبار التي تنتشر بسرعة، ولا يستطيع التمييز بين ما هو صادق و ما هو ملفق!

وبعد وفاة المغني “مايكل جاكسون” توالت التقارير والأخبار الكاذبة التي سرعان ما انهالت بسرعة البرق على الكثير من وكالات الأنباء والتي بدورها عانت الكثير من الجهد والتعب من أجل التدقيق للبحث عن الحقيقة، كما انتشرت الكثير من الشائعات عن وفاة مشاهير آخرين من خلال تقارير وأخبار بثت عبر موقع “تويتر” وانتشرت لتصل إلى وكالات الأنباء العالمية من أجل التضليل وفقدان المصداقية.

ويقول بعض المحللين أن “تويتر” سيدمج بين الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى محدثا ثورة إعلامية جديدة، وقد ظهر هذا واضحا وجليا بعد “تجربة إيران” وهو أمر لا يمكن لأحد أن ينكره، كما ستبرز الحاجة إلى المزيد من المنسقين والمحليين والمدققين في عالم وسائل الإعلام التقليدية من أجل التحري عن صحة الأخبار المنتشرة على “تويتر”، ومن أجل إضافة قيمة إعلامية جديدة لتجربة إعلامية وليدة.

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام تتفادى الإعتراف بثورة “تويتر” الإعلامية وذلك في ظل المنافسة القوية التي ظهرت على السطح، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة “هل سيصبح تويتر بديلا عن الصحافة يوما”؟

المصدر :ايلاف