سياسية

الحكومة المدنية.. حلم السودان المنتظر

لم يكن في حسبان الشعب السوداني الانتظار طويلاً لتكوين حكومة مدنية تلبي تطلعاته وآماله، فقد خرج عن بكرة أبيه محتجاً على الوضع الذي وصل إليه السودان ومطالباً بإزاحة النظام الذي استمر في الحكم ثلاثين عاماً، ومنذ سقوط النظام البائد في 11 من أبريل ظل الشعب السوداني يطالب بتكوين حكومة مدنية معترضاً على حكم العسكر الذي حكم السودان لفترة طويلة عبر حكومات متعاقبة منذ الاستقلال.
يرى عدد من المراقبين أن هنالك تحديات في تكوين حكومة مدنية تستطيع ممارسة الديمقراطية في السودان، وعزوا الأمر إلى أن السودان يحتاج إلى الكثير من الإصلاحات أولاً خاصة في أجهزة الدولة عموماً، الدولة المدنية حسب ما قال د. محمد عبد الله هي دولة يحكمها الدستور (العقد الاجتماعي) وتشكل منظومة التشريعات والقوانين مرجعية حاكمة لتنظيم التوازن والتلازم بين السلطات والصلاحيات وطريقة التداول على السلطة، كما أنها تضمن حق المواطنين بممارسة حرية الرأي والتعبير والتنظيم، والأمة هي مصدر السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية أو التقنينية من خلال ممثليها، وهم أعضاء البرلمانات فيها، حيث يهيمن القانون على كل مكونات الدولة أفراداً وسلطات، وتُفوض السلطة الحاكمة بقيادة الدولة تفويضاً مقيداً لا مطلقاً نحو مصالح الوطن والمواطنين، وأشار إلى أن المعايير التي تجعل الدولة مدنية خمسة اعتبارات هي: تمثيلها إرادة المجتمع، كونها دولة قانون، انطلاقها من نظام مدني يضمن الحريات ويقبل التعددية وقبول الآخر، قيامها على اعتبار المواطنة أساساً في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين فيها، أخيراً التزامها بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.

مفاوضات الفرقاء
وتجري الآن مفاوضات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير لتسليم السلطة لمدنيين، ووقع الأطراف بالحروف الأولى على الاتفاق السياسي بوساطة أفروأثيوبية على أن يتم التوقيع على الإعلان الدستوري بعد تشاور واتفاق الطرفين، كما تجري مفاوضات بين قوى الحرية والتغيير والحركات المسلحة ممثلة في الجبهة الثورية.
تكريس التخلف
قال القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي شمس الدين أحمد صالح في إفادته لـ(أخبار اليوم) أمس إن السودان مؤهل لقيام حكم مدني في السودان، ويرى أن من الطبيعي أن يكون الحكم مدنياً في جميع أرجاء العالم والاستثناء هو الحكم العسكري، وقال إن حكم العسكري صالح إلى حد ما في الفترة ما بعد الاستعمار وما قبل الحرب الباردة، لكن بعد الحرب الباردة أجمعت كل الدول على أن الحكومات العسكرية القابضة لم تفعل سواء تكريس التخلف والديكتاتورية إلى جانب إثارة الانتماءات ما دون الوطنية والقومية (قبلية، جهوية، طائفية.. الخ). وأوضح أن الاستبداد والكبد يفتت المجتمعات وينشر الفساد ويرفع ميزانية الأجهزة الأمنية القمعية على حساب ميزانية الخدمات والتنمية بمفهومها الشامل.
سلطة مدنية
وأشار إلى أن الحكومات العسكرية لم يعد مرغوباً فيها على المستوى الدولي والإقليمي ولا يعترف بها ولن تعفى من ديونها ولن تتعاون معها، وأكد أن أشواق الشعب السوداني كبيرة في قيام سلطة مدنية، وأوضح أن السودان بعد الاستقلال عاش 63 عاماً منها 52 عاماً حكماً عسكرياً و11 عاماً حكماً مدنياً في ثلاث فترات، ولفت إلى أن الشعب السوداني وصل لقناعة بأن لا سلطة غير المدنية.

حقوق الإنسان
ويقول: الشعب السوداني بوعيه العميق قادر على إقامة السلطة المدنية وتحقيق دولة القانون والمؤسسات المنتخبة حرة الإرادة وبناء دولة حقوق الإنسان والمواطنة وبناء دولة حقيقية متطورة ومتقدمة تلعب دورها الرائد في محيطها الحضاري العربي والجغرافي الإفريقي، وأكد أن الحراك السابق كشف بجلاء وعي هذا الشعب العميق وأسلوبه الحضاري السلمي المتقدم والمتفرد أمام الآلة القمعية للنظام السابق حتى أذهل العالم أجمع.
بيئة ملائمة
وبيّن أن السودان فيه من الكوادر المؤهلة للحكم المدني ما يفوق مؤسسات الحكم نفسها لكن تنقصهم الحرية والفرص والبيئة الملائمة للحكم، وأوضح أن التحديات التي تواجهه قيام حكومة مدنية ديمقراطية تعبر عن تطلعات الشعب كثيرة منها تحديات إقليمية ودولية مرتبطة بمصالح دول وجماعات لها علاقات متشابكة مع تلك الدول الإقليمية والدولية، إلى جانب تحديات داخلية على رأسها بقايا النظام السابق، وقلة خبرة بعض أعضاء المجلس العسكري والتجاذب هنا وهناك وعقلية المحاصصة عند البعض.

أخبر اليوم