منوعات

يمنيون محرومون من الحجّ

تحرم الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من أربعة أعوام شريحة واسعة من اليمنيين من أداء فريضة الحجّ لهذا العام، نظراً إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة وكذلك العوائق التي تفرضها النقاط الأمنية المنتشرة على طول الطريق المؤدّي إلى السعودية، بالإضافة إلى توقّف عمليات إصدار جوازات السفر منذ يناير/ كانون الثاني 2019 وحتى يوليو/ تموز المنصرم.

سلطان قائد، من سكان صنعاء، يخبر “العربي الجديد” بأنّه لن يتمكّن من أداء فريضة الحجّ، بعد فشله في توفير المال الكافي لدفع رسوم الحج وتكاليف السفر والإقامة. يضيف قائد: “منذ سنوات، أدّخر المال لأداء الحج. وهذا العام، فور الإعلان عن بدء تسجيل قائمة الحجّاج، قصدت أحد مكاتب الحجّ والعمرة لكنّني فوجئت بأنّ المبلغ المطلوب هو 10 آلاف ريال سعودي (نحو 2670 دولاراً أميركياً)، فقررت بالتالي إرجاء الأمر إلى العام المقبل، إذ إنّ المبلغ كبير جداً بالنسبة إليّ وجمعه في ظروف البلاد الحالية أمر صعب”.

من جهته، يقول خالد صالح، من محافظة المحويت، غربي البلاد، لـ”العربي الجديد”، إنّه باع قطعة أرض يملكها في بداية العام الجاري حتى يتمكن من أداء فريضة الحجّ هذا العام، غير أنّه تراجع عن الفكرة بسبب المضايقات التي يتعرّض لها المسافرون على الطريق عند النقاط الأمنية التابعة للأطراف المتقاتلة في اليمن. يضيف صالح: “نصحني أكثر من شخص بعدم السفر هذا العام حرصاً على سلامتي، لا سيّما أنّني أعاني أمراضاً عدّة، إذ إنّه من الممكن احتجازي في إحدى النقاط الأمنية وبالتالي إصابتي بمضاعفات صحية خطرة على حياتي”. ويشير صالح إلى أنّ “المسافرين يُحتجزون غالباً في النقاط المنتشرة على طول الطريق المؤدي إلى السعودية، ويتعرّضون للابتزاز المالي فقط. وهذا أمر يؤدّي إلى مضاعفة معاناة المسافرين وسط غياب للجهات الرقابية”.

أمّا عبد السلام شرف، من صنعاء، فيصف التوجّه إلى مكّة المكرمة لأداء فريضة الحجّ بـ”الحلم الذي لطالما تمنّيته وعجزت عن تحقيقيه”. يضيف لـ”العربي الجديد”، أنّ “همّي الأول والأخير اليوم توفير متطلبات أسرتي الأساسية من غذاء وكساء، لذلك فإنّ أداء الحجّ بالنسبة إليّ يُعَدّ من المستحيلات”. ويشير شرف إلى أنّ “إجراءات الحجّ صارت معقدة، وتكاليفها تضاعفت في خلال السنوات الأخيرة بالمقارنة مع ما كانت عليه في فترة ما قبل الحرب”. ويؤكد أنّ يمنيين كثيرين حُرموا هذا العام كذلك من أداء العمرة، من جرّاء القرار الأخير الذي أصدرته السلطات السعودية القاضي بإلزام كل مسافر بدفع مبالغ مالية كبيرة كضمان لعودته إلى اليمن بسرعة.

وكانت الحكومة اليمنية الشرعية قد أصدرت في بداية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قراراً يقضي بمنع التعامل بالجوازات الصادرة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وهو الأمر الذي اضطر عدداً كبيراً من سكان تلك المناطق إلى تحمّل مشقّة السفر إلى المحافظات غير الخاضعة لسيطرتهم من أجل إصدار جوازات سفر معتمدة. ثمّة مواطنون من بين هؤلاء كانوا ينوون أداء فريضة الحجّ هذا العام، لكنّهم فشلوا في الحصول على جوازات السفر المطلوبة قبل انتهاء فترة تسجيل الحجّاج.

محمد العقاري من هؤلاء، وهو من محافظة عمران في شمال البلاد. يقول العقاري لـ”العربي الجديد”، إنّه “بعد قرار الحكومة اليمنية في عدن القاضي بحظر جوازات السفر الصادرة من مناطق الحوثيين، قررت في مطلع يناير كانون/ الثاني الماضي، التوجّه إلى محافظة مأرب (شرق)، لاستخراج جواز سفر جديد حتى يسمح لي بالسفر لأداء الحجّ لهذا العام”. يضيف: “وصلت إلى مدينة مأرب بعد معاناة طويلة في السفر استمرت 18 ساعة من جرّاء التوقّف المتكرر عند النقاط الأمنية، وفي اليوم التالي قصدت مصلحة الهجرة والجوازات وأنجزت المعاملة في خلال يومَين على أن أعود بعد أسبوعَين لاستلام جواز سفري. وعندما ذهبت لتسلّمه، فوجئت بأنه غير جاهز نتيجة نفاد الأوراق الخاصة بالجوازات. فانتظرت أسبوعَين آخرَين على أمل توفّر الأوراق، لكن من دون جدوى. حينها، أيقنت أنّني لن أتمكّن من تسجيل اسمي في قائمة الحجّاج لهذا العام وعدت أدراجي، خصوصاً بعدما أكد لي أحد العاملين في مصلحة الجوازات أنّ الأوراق لن تتوفر قبل شهر أو اثنَين”. ولا يخفي العقاري حزنه وهو يسأل: “إذا كانت الحكومة المعترف بها دولياً غير قادرة على توفير أوراق للجوازات، لماذا حظرت تلك الصادرة من مناطق الحوثيين؟”.

في السياق، يقول خليل سلطان، الموظف في أحد مكاتب خدمات الحجّ والعمرة، لـ”العربي الجديد”، إنّه “على الرغم من الصعوبات التي يواجهها اليمنيون الراغبون في الحجّ، إلا أنّ ذلك لم يمنع مواطنين كثيرين من التسجيل لأداء الفريضة”، لافتاً إلى أنّ “أداء فريضة الحجّ بات محصوراً بالأغنياء فقط”. يضيف سلطان أنّ “إجمالي رسوم الحجّ لهذا العام يبلغ 8100 ريال سعودي (نحو 2150 دولاراً)، ويشمل أجرة النقل وبدل السكن في مكة المكرمة والمدينة بالإضافة إلى خدمات أخرى”، مشيراً إلى أنّ “السلطات السعودية فرضت بعض الإجراءات القاسية على اليمنيين الذين كانوا يرغبون في السفر لأداء مناسك الحجّ أو العمرة هذا العام، ومنها فرض 15 ألف ريال سعودي (نحو 4000 دولار)، على كل مسافر كضمانة يستعيدها عند عودته إلى اليمن في الوقت المحدد”. وهذا الشرط الأخير دفع كثيرين إلى التراجع لعدم امتلاكهم أموال الضمانة. تجدر الإشارة إلى أنّه في الأول من أغسطس/ آب الجاري، أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية الانتهاء من عمليات تفويج الحجّاج الذين بلغ عددهم نحو 25 ألفاً عبر منفذ الوديعة الحدودي بين اليمن والسعودية.

العربي الجديد