رأي ومقالات

الصادق الرزيقي: حول الاعتداء على الصحفيين

الصحفيون في كل مكان في العالم يتعرّضون للاعتداءات والقتل والاختطاف والضرب والتهديد والقهر والإخفاء القسري، وتتصدّى جهات دولية عديدة منها الاتحاد الدولي للصحفيين والاتحادات الصحفية الإقليمية والوطنية والنقابات والمنظمات الصحفية في بلدان العالم الفسيح، لوقف هذه التجاوُزات والاعتداءات ومُحاكمة من يتسببون فيها ولمنع إفلاتهم من العقاب، وتصدُر سنوياً تقارير من منظمات معنيّة بهذه القضايا منها الاتحاد الدولي للصحفيين، والمراصد الصحفية ومنظمة (مراسلون بلا حدود) و(لجنة حماية الصحفيين) حول حجم الاعتداء على الصحفيين في العالم والمناطق الأشد خطورة على حياتهم، والانتهاكات التي يتعرّضون لها.

وبلغ عدد الصحفيين الذين قُتلوا في العام 2018 في بلدان العالم المختلفة (80) صحفياً، بينما وصل عدد المُحتَجزِين المئات، ولا يمكن إحصاء عدد الصحافيين الذي يتعرّضون للضرب والإصابات المتنوّعة أو التهديد بالقتل أو الاختطاف. وطبقاً لذلك، تقول التقارير الدولية من المنظمات المعنية بحُرية الصحافة، إن في العام الحالي 2019 تشهد حرية الصحافة تراجُعاً كبيراً وتزداد حالات الاعتداء على الصحفيين لتخويفهم وإرهابهم وابتزازهم.

في الحالات التي شهدتها الأيام الماضية عندنا هنا من اعتداءات على ثلاثة من الصحفيين، وهم الأستاذ الكبير أحمد الشريف عثمان أمين أمانة الولايات بالاتحاد العام للصحفيين، وهو صحفي قضى سنوات طويلة من عمره في مهنة الصحافة، والأستاذ الهادي الأمين الذي تمّ الاعتداء عليه في بيت من بيوت الله، ثم زميلنا وأخانا الأصغر إبراهيم بقال الذي تعوّد لشجاعته على مثل هذا النوع من الاعتداء الغاشم من قبل، وهذه الحوادث الثلاثة تمثل خطراً فادحاً على حياة الصحفيين وعلى مهنة الصحافة وحريتها، لأن الغرض من الاعتداء على الصحفي هو إما إسكاته أو إخافته أو جعله يتراجع قسراً عن مواقفه، فعليْنا جميعاً كصحفيين بمختلف مواقفنا وآرائنا واتجاهاتنا أن نًدين بقوة هذا السلوك المشين، وأن نقف ضده ونعمل على ألا يفلت أي مُتعدٍّ من العقاب الرادع والحساب الزاجر .

ومن الغريب حقاً أن تتنامى عندنا في السودان مثل هذه الظواهر الغريبة والدخيلة على مجتمعنا الذي عُرف بالتسامُح والتغاضي عن الخلافات والخصومات التي تُولِّدها تعارُضات وجهات النظر والمواقف المُعلنة في الأقضية والمسائل المختلفة.

ولعلَّ أبرز ما نُلاحظه أن خطاب ولغة الكراهية والعُنف هي التي سادت في المجتمع وتعالت راياتها، وهي للأسف تتم عقِب حراك ثوري رفع رايات السلمية والابتعاد عن العنف..!

كما أن الغريب حقاً والمُحيّر جداً، أن الاعتداء على الصحفيين ظل يأتي إما من السلطات الرسمية وأجهزتها والحكومات وأدوات بطشها أو جهات أخرى مثل عصابات المافيا والتجارة والحركات المسلحة، وكل جهة تدّعي أنها مضرورة من مهنة الصحافة، إلا أنه في حالة الأخ الأستاذ أحمد الشريف عثمان فإن الاعتداء عليه وللأسف جاء من من الوسط الصحفي نفسه ومن زميل له لا يُقدّر مهنة الصحافة ولا يعرف قدسية زمالتها ولا خطورة ما قام به، ولا الخلق المهين والمشين الذي ألحقه بالمهنة ومن ينتسب إليها..

وفي حالة الأخ بقال، فإن الاعتداء تم التخطيط له مع سبق الإصرار والترصّد، حيث كان المعتدون يتابعونه ويلاحقونه حتى تم الانقضاض عليه، وكان يمكن أن يفقد حياته بين أيدي المعتدين وسكاكينهم، ولولا هذا اللطف الإلهي به لفقدنا زميلاً ليس لديه سوى قلمه ورأيه الذي يكتبه في الصحف أو على منصات التراسل الاجتماعي، والأخ الهادي لم يحترم من اعتدوا عليه حُرمة المساجد ولا شعيرة الصلاة التي يجب أن تُنقّى النفسَ من درن الغِل وظلام الغضب والتشفي.

علينا كصحفيين أن نقف مُتَّحدِين ضد هذه الظواهر وأن نتواثق جميعاً وبلا تردّد على كبح جِماحِها والتصدّي لها، والإقبال والمواصلة في البرامج التدريبية التي أعدها الاتحاد الدولي للصحفيين ونفّذها الاتحاد العام للصحفيين السودانيين عبر دورات تدريبية بالتعاون مع منظمة (اليونسكو)، وتم تأهيل صحفيين سودانيين كمدرّبين دوليين حولها هي (دورات السلامة المهنية للصحفيين)، وتم تدريب ما يزيد عن المائتي صحفية، وما يزيد عن الخمسين صحفياً من الرجال في العاصمة والولايات، كما يتعيّن علينا التعاوُن مع أجهزة الشرطة والجهات العدلية لمحاسبة المُعتدين على الصحفيين ومنع إفلاتهم من العقاب.

الصادق الرزيقي
الصيحة

تعليق واحد

  1. يقول المثل ( النار من مُستصغر الشرر ) وقد رأئ وسمع الكثيرين من أهل السودان بالإعتداءات الكثيرة والمُتكررة والمُمنهجة على البعض من أئمة المساجد وهم على المنابر وكذلك على البعض من الصحفيين والإعلاميين فى المساجد والمكاتب والطرقات .. إن مجرد التعبير عن الرأي أصبح جريمة فى هذا البلد حيث يعجز هؤلاء المعتدين عن مقارعة الحجة بالحجه بل يمدون أياديهم وأرجلهم بالضرب لكل من يخالفهم الرأي ويأخذون القانون بأيديهم ولا سيما أننا دخلنا مرحلة بناء دولة القانون والحرية والعدالة والسلام .. شهدت بنفسى وفى أحد مساجد أمدرمان وفى أول صلاة جمعه عقب عيد الفطر المبارك حيث تعذر على الناس الخروج للمعايدة لبعضهم البعض كما تعودنا ومنذ مئات السنين بسبب المتاريس التى أقامها البعض وفرضوا بها الإقامة الجبرية على المواطنين فى بيوتهم .. شهدت الإمام ينتقد ذلك التصرف ويعيبه على من قاموا به وحينها هب ثلاثه من الشباب وأرادوا الفتك بالإمام مُستنكرين قوله وكادت تحصل مجزرة حين هم المصلين بضرب هؤلاء الثلاثة لولا تدخل بعض العقلاء الذين أخمدوا تلك الفتنة فى مهدها .. وتكررت حالات الإعتداءات هذه وفى مناطق متفرقه من السودان ضد بعض الأئمة والبعض من أهل الإعلام مما يُنذر بخطر داهم نتمنى من الجهات المسؤولة أن تتحسب له اليوم وليس غداً لأن الأمر ليس بحوادث فردية بل هي عملية مُمنهجة ومنظمه لتخويف من يُخالف هؤلاء المعتدين الرأي .. هؤلاء هم من يشكلون خطراً على الأمن والطمأنينة فى الشارع السودانى خلال الفترة الإنتقالية ولحكومتها والتى إستبشر الناس بها خيراً وينتظرون منها الكثير .. أعتقد أن خطورة تلك الجماعات والغير مسؤوله أكبر من الخطر الذى يعتقده البعض من ما سُمي بالدولة العميقة وسدنتها ( الكيزان ) .