احذروا «النوبة الذهانية»: ليلة الزفاف قد تتحول إلى بحر من الدم
أرض واسعة مغطاة ببساط يستخدم في مثل هذه المناسبات، يكسوها قماش لامع يستخدم في الأفراح على الجانبين، وتعلوها لمبات ذات أنوار بألوان مختلفة، ومسرح خشبي، يجلس عليه فرقة من العزفين، بينما تتجه أنظار الحضور إلى أبعد زاويته التي يتواجد بها «كوشة الفرح»، حيث يجلس العريس وزوجته، يتهامسان بصوت لا يسمعه أحد من شدة صوت الموسيقى، بينما فرحتهما لا تخفى على الناظرين.
ومع نغمات المزمار والطبول، يتراقص الجميع فرحين بحفل الزفاف، وبمجرد انتصاف الليل يأخذ محمد محمود عروسه لينطلقا نحو عش الزوجية، ومن خلفهما النساء ترشقهن بحصوات الملح اعتقادًا بمنعه للحسد، مع تمني الجميع لهم بالحياة السعيدة والذرية الصالحة.
كان ذلك هو المشهد داخل أحد شوارع قرى مدينة الباجور، التابعة لمحافظة المنوفية، حيث تردد أهالي المدينة على قرية كفر القرنين لتقديم التهنئة في حفل زفاف أحد أبناء القرية.
وفي الصباح التالي كما جرى العرف في قرى مصر، يذهب أهل العروس للاطمئنان عليها وزوجها لتقديم كل ما ينقصهما، وهو ما قاما به أشقاء منار الأقرع لكنهم شعروا بالريبة عقب طرقهم لباب منزلها، وبعد وابل من الطرقات ظهر زوج شقيقتهم بشكل غير الذي رأوه بالأمس، فعينيه تحمل شرًا لم ير مثله من قبل، وملامح وجه مكتظة بالغضب، يحمل سكينًا بين يديه، بينما ملابس ملطخة كلها بالدماء.
لم يكن شقيقي العروسة ليشاهدا هذا المنظر دون أن يتسلل الهلع لنفوسهم على شقيقتهم التي دخلت عش الزوجية بعد أيام قليلة من بلوغها 18 عاما لينطلقا مهرولين للداخل، محاولين إنكار ما يشعرون به، وما يجول في خاطرهم، وفي اللحظات التي سمعت أذنيهم ارتطام الباب بما يشير لغلقه بقوة، رأت عيناهم أختهم الصغيرة غارقة في دمائها.
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور جميل فرويز استشاري الطب النفسي أن سبب إقدام الشاب الثلاثيني على هذه الواقعة يرجع لإصابته بإحدى النوبات النفسية الشائعة والتي تُعرف ضمن مصطلحات علم النفس باسم «النوبة الذهنية الحادة»، مرجحًا ارتباكه النفسي بعد أن تعرض لأول موقف جنسي حقيقي في حياته، وهو ما لم يكن مهيئا له بالشكل اللائق.
وأوضح «فرويز» في حديثة لـ «المصري لايت» أن أعراض النوبة الذهنية الحادة تؤدي لعدم انتصاب العضو الذكري لدى الرجال خلال ممارسة الجنس، بالإضافة لمصاحبتها لحالة من التوتر الشديد وهو ما قاده لتوجيه السباب لها، والاعتداء بالضرب المبرح عليها «مصاب النوبة دي مبيبقاش في دماغه وقتها أنه يقتل، فقط بيفرغ غضبه، ولكنه لا يعفى من المسئولية».
واسترسل استشاري الطب النفسي خلال حديثه ليفسر العوامل النفسية الأخرى التي دفعت ابن محافظة المنوفية لارتكاب الواقعة قائلا: «من المؤكد أنه كان بيتعالج نفسيًا وتوقف عن العلاج دون استشارة دكتور لشعوره بتحسن، لكن استعداده للإصابة بالمرض ظل كما هو»، مؤكدا أن كثير من المرضى النفسيين لا يعلموا خطورة التوقف عن تلقي العلاج بعد تحسنهم «المريض النفسي بيتحسن لأنه ملتزم بالعلاج لكن لما بيوقفه بيرجع تاني لنفس الحالة يمكن أسوء».
مختتمًا حديثة بأن المجني عليها حال ما لم تكن توفيت فأنها ربما كانت ستعاني من أثار ما بعد الصدمة، وهو ما كان يستلزم خضوعها لجلسات علاج النفسي ودوائي، مشيرًا بأن ما حدث للقاتل ربما يحدث للآخرين في ليلة الدخلة.
ومن ناحية أخرى كشف الدكتور طه أبو الحسن أستاذ علم الاجتماع أن قاتل الفتاة التي لم تكمل عقدها الثاني هو شخص غير سوي في علاقاته الاجتماعية مع أقرانه، بالإضافة إلى أن ارتكابه لهذه الواقعة مهما كانت المبررات النفسية إنما يؤكد على انعدام أخلاقه.
«لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم» حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم استشهد به أستاذ علم الاجتماع في حديثه ليلقي باللوم على أهالي الفتاة الذي وافقوا على زواج ابنتهم للشاب دون التأكد من سلوكه، إذ يرى أن الرجل يعرف بأخلاقه في الحي الذي يقطنه.
وأضاف أبو الحسن خلال حديثه لـ «المصري لايت» أنه حتى في حال لم تحدث واقعة القتل فإن الرجال من مثل عينة القاتل لا غير أمناء في كل معاملتهم، بالإضافة لاستغلالهم لما يمرون به من أمراض نفسية ليبرروا تكرار اعتدائهم على الآخرين.
ورأى «أبو الحسن» أن معظم أهالي الفتيات حاليا لا ينجحن في انتقاء من يحافظ على بناتهم، إذ يقعون ضحية الخداع، ببعض المظاهر الكاذبة كالتدين الزائد والذي لا يعني أن صاحبه على خلق: «أجوز بنتي لشخص عنده أخلاق ومجوزهاش لشخص عنده دين بلا أخلاق، لأن التدين الوسطي المطلوب جاي جاي إنما الأخلاق لا تشترى».
المصري لايت