رأي ومقالات

لازالت حكومة حمدوك (حكومة الكفوات) لم تتجاوز تعليق غسيلها علي شماعة النظام السابق

(السودان) … جبل الكحل ..!
(جبل الكحل .. هدنو المراويد) ، كثيرنا يسمع بهذه العبارة ، دون ان يدرك معناها القريب والبعيد ، غير ان الخطر المحدق بالسودان يهدد وجوده (جبلا شامخا) ، فالتجاذبات وتقاطعات المصالح الداخلية بين مكونات الحرية والتغيير فيما بينها من جهة ، وتقاطعات المصالح فيما بينها وشريكها المجلس العسكري من جهة اخري ، والتقاطعات فيما بينهم وغيرها من القوي السياسة الاخري من جهة ثالثة ، وتضارب الاجندات فيما بين هؤلاء وحركات الكفاح المسلح من جهة رابعة ، فضلا عن تقاطعات المصالح الدولية والإقليمية في البلاد من جهة خامسة ، جميعها تهدد السودان بمصير (جبل الكحل) .
الولايات في السودان لا حول ولاقوة لها ، إذ يعيش اهلها من أزمة لأخري تنقصها التنمية والخدمات ، وقد ضاقت بأهلها سبل المعيشة فانتفضت الدمازين ونيالا وغدا الابيض والفاشر والقضارف وغيرها لان حكومة (الكفوات) لم ترق حتي الآن لمستوي تطلعات انسان الولايات ، تجددت ظاهرة التفلتات والنزاعات القبلية وتفشت الامراض المكتسبة والمواطن يموت سمبلة والقادم أسوأ ، تعتبر تظاهرة كسلا الهادرة نهاية الاسبوع الماضي أخطر تطور ، قدمت خلالها الجماهير مذكرة ملتهبة عبر فوهة ألبندقية ، تطالب فيها بحظوظ الولاية وحقها كاملا في قسمة السلطة والثروة ، ورفع اهلها لافتات تدعو لتقرير مصير ولايات شرق السودان ، وربما تخرج غدا (بورتسودان والقضارف) ويعتبر أخطر تطور والاول من نوعه بشرق البلاد .
أصابع الإتهام في كسلا تشير إلى زعيم قبلي معروف ويقال إنه شد الرحال إلي تلكم الدولة الخليجية التي تقود سياسة المحاور فأصبحت بعبعا مخيفا تهدد الامن والاستقرار بالمنطة ، فالرجل عميل ويتخذ من دولة جارة معلومة مقرا له ، وهي بذاتها عميلة معروفة لمخابرات دولية معلومة تقود مخططا إقليميا معروفا ايضا .
وفي إتحاه آخر إشتد الصراع علي الاسافير بين مملكتين وهميتين (الجبل الأصفر ، كوش) فقد نصبت الأولي نفسها علي أرض قالت انها ذات سيادة لها تقع بين (السودان ومصر) في منطقة بير طويل) ، قالت الثانية أنها تمتلك السيادة علي ذات الرقعة الجغرافية ولها اكثر من (الف ومائة) شخص أكملوا تسجيلاتهم للحصول علي جنسية مملكة كوش ، واصفة انما يدور في منطقة بير طويل ب(المؤامرة المرتب لها ضد الدولتين ، مع الاسف حتي الآن (السودان ومصر) لا زالتا في مرحلة الصدمة ، وربما ينفتح الباب لتكهنات وجدل قد تقود لمواجهات .
لازالت حكومة حمدوك (حكومة الكفوات) لم تتجاوز تعليق غسيلها علي شماعة النظام السابق ، فيما لازال بعض وزرائها مجرد نشطاء مكانهم (خلف اللساتك والمتاريس!) ، ياليت لو تجاوب السيد رئيس الوزراء حمدوك شخصيا ولو قليلا مع مصطلح (المعارضة المساندة) الذي اطلقه البروف إبراهيم غندور الرئيس المكلف للمؤتمر الوطني ، مبادرة لأجل الوطن ، وليست مثل خطة (الكتاحة وغيرها) من الخطط الماكرة الهوجاء فضلا عن خفايا واسرار سياسة المحاور والعمالة والارتزاق .
الحال في ولاية النيل الازرق ليس بأفضل من كسلا ، فقد نشطت مجموعة تتبع للحركة الشعبية – شمال (الحلو) تدعو بصورة لافتة وبقوة لتقرير مصير النيل الازرق ، انفاذا لمقررات مؤتمر كاودا الاستثنائي 2017 ، وبالطبع تنبطق ذات مخرجات المؤتمر في كاودا علي جنوب كردفان ، غير أن المقلق بروز مكون في دارفور يدعو لتقرير مصيرها وبالطبع نتساءل مثلما يتساءل عبد الواحد نور تقرير مصير من من؟ اي من الذي يمتلك الحق ليسلب الناس حقوقهم ؟، وتلك بذاتها مشكلة (مستر نو) ، فقد اعلن الرجل رئيس حركة جيش تحرير السودان رفض الحركة القاطع للجلوس للتفاوض مع حكومة حمدوك منتصف اكتوبر المقبل ، بينما تواصل الجبهة الثورية اجتماعاتها بالقاهرة للتدوال حول اعلان جوبا واعلان المبادئ الموقع بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح ، وبالتالي ربما تواجه المفاوضات جملة من التحديات مالم تطرأ تطورات اخري تختلج من تحت طاولة المجتمع الدولي ودهاليز الإتحاد الافريقي .
الواقع أن الجوار الاقليمي (العربي والافريقي) وتوجهات المجتمع الدولي جميعها متقلبة الاهواء والإتجاهات وتتحكم فيها المصالح المشتركة في ظل عالم متغير الثوابت والمبادئ وسيكون حافل بالمفاجآت ، لاسيما وان جارتنا الشمالية الشقيقة مصر والتي تربطنا معها اواصر الجغرافيا والتاريخ ، تمر بظروف عصيبة فانطلقت المظاهرت تطالب برحيل رئيسها السيسي ، حتما ستخلق توترات وستلقي بظلال سالب علي محيطها العربي والافريقي والدولي لاسيما السودان ، وقد جاءت في وقت يتوقع ان تتصاعد فيه التوترات في دولة الامارات والسعودية بسبب احداث أرامكو والتي ادت لخفص انتاجها من النفط 50% وبالتالي سيؤثر ذلك علي المشهد الدولي سياسيا واقتصاديا والسودان بصفة خاصة .
المشهد في السودان يسير إلي تعقيدات واحتمالات ليست جيدة ، فالمجتمع الدولي بدا غير متحمسا بعد ان كان حمدوك مثل (ام العروس) ، فرنسا (جرت سك) غير مقبول ولفرنسا دورها المحوري في كافة قضايا السودان والإقليم ، كما جاءت زيارة الرجل لمصر فاترة ، بينما تبدو امريكا تلعب علي الحبلين ، ومهمومة بصراعها مع إيران والتحولات الانتخابية الاسرائيلية فضلا عن الاحداث في مصر ، بينما العالم مقبل علي أزمة غذائية بسبب التحولات المناخية وعجز في المحروقات ، والأزمة وصلت في السودان الحلقوم في وقت يدرس فيه المجلس السيادي رفع الدعم عن المحروقات كأحد الحلول للأزمة السودانية وقد بدأ اللعب بالنار ، بلا شك ان جميعها مؤشرات سالبة علي الاوضاع في السودان تهدد مصير (جبل الكحل) .
بقلم : ابراهيم عربي
عمود الرادار … الاحد 22 سبتمبر 2019 .

‫2 تعليقات

  1. اقول حاجة واحده يا كاتب المقال اكل ……………………. تبن