عالمية

عام على قتل خاشقجي .. إسطنبول الحرة “تنتصر” للصحفيين العرب

يصادف الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، الذكرى السنوية الأولى لمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، في جريمة هزت ضمير العالم

رأى صحفيون وخبراء عرب أن إسطنبول عززت مكانتها منارة للإعلام العربي الحر، وأفشلت مساعي تكميم أفواه الصحفيين، وفق ما خطط له قاتلو الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل عام.

ويصادف الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، الذكرى السنوية الأولى لمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، في جريمة هزت ضمير العالم.

وأشار صحفيون وخبراء عرب إلى فشل من يقف خلف الجريمة بالوصول إلى أهدافهم، بتكميم أفواه الصحفيين الأحرار، وعلى العكس زاد الإصرار على قول الحقيقة بعد أن ذاقوا في تركيا طعم الحرية.

يقول الكاتب والصحفي المصري ياسر عبد العزيز، إن “ما حدث لجمال خاشقجي ظلم عظيم، أن يهاجم الفكر بهذه الوحشية لا يصدق، التاريخ يؤكد أن القلم لا يقصف مهما اشتدت الحرب عليه، والكلمة باقية مهما حاولت الأنظمة إسكاتها”.

ويضيف، للأناضول، “الأنظمة الغبية فقط هي من تتخذ من العنف وسيلة لإسكات الكلمة، ولأنهم أغبياء فلا يتعلمون من دروس التاريخ، فهذا القمع وهذه الوحشية لا تجدي نفعا على الإطلاق”.

وأوضح أن خاشقجي تحول من مناضل محلي إلى أيقونة لنضال الصحفيين عربيًا وعالميًا، ولم نشعر نحن الصحفيون العرب بنعمة الحرية إلا في كنف تركيا، وهذه شهادة كاتمها جاحد.

عبد العزيز تحدث عن مكانة تركيا في الحريات بالقول “لم تتدخل الحكومة التركية يوما في عملنا، ولم توجهنا في قضية، ولم تحجر يوما على رأي، ونمارس عملنا بأريحية كبيرة لم نحظ بمثلها يوما في بلادنا”.

واعتبر أن تلك الحرية التي يعيشها الصحفيون في تركيا دفعت أحدهم إلى محاولة تشويه الصورة الجميلة ببقعة من الدم، فاختار تنفيذ جريمته قتل الصحفي الحر جمال خاشقجي بإسطنبول، ظنا منه أنه سيورط تركيا وسيفلت من العقاب.

وختم بالقول: أقسمنا أن نحافظ على شرف هذه المهنة ونقاتل من أجل الحقيقة وسنتتبع القتلة ومكممي الأفواه مهما طل الزمن، وستظل دماء خاشقجي لعنة على قاتليه، ونبراسا لكل أحرار الإعلام والصحافة في العالم.

من ناحيته، قال الصحفي السوري أحمد كامل، عضو رابطة أصدقاء جمال خاشقجي، “هذه الجريمة شجعت الناس على الكلام، وأثبتت أنه من المحال إسكات أصوتهم، ولو امتلأت السجون”.

وأشار إلى أنه عقب اغتيال خاشقجي بدأ الجمهور بقراءة ما كان يكتبه بروح جديدة وبعقل جديد، وصرنا نقرأ مقالاته بطريقة أخرى، بعقلية ونظرة جديدة، وبت عارفا ما يقصد بعد أن قرأت كامل مقالاته، فالجريمة حققت عكس ما يراد منها مطلقا.

ونوه بأن تأثير الجريمة امتد عبر العالم بأكمله، فحتى في الأرجنتين كان للقضية متابعين، والكل يعرف أن خاشقجي هو الصحفي المظلوم، وهو حدث مفصلي بتاريخ السعودية، وقدم لنا صورة جميلة عن المجتمع والصحافة والإنسان بالسعودية.

كامل تحدث عن فشل تشويه سمعة إسطنبول وخنق الصحفيين بالقول: “كل يوم يتم تخويف الناس في إسطنبول بأن الأنطمة أذرعها طويلة، نحن 10 آلاف صحفي حر عربي بإسطنبول، فإن ذهب واحد أو اثنين لن يصير شيء، نحن مستعدون للتضحية مقابل إظهار صوتنا للعالم”.

وأوضح أن الصحفيين العرب في تركيا قدم اغلبهم من بلدان تنعدم فيها الحريات، فوجدوا أنفسهم أمام مساحة كبيرة من الحرية، وبالتأكيد تمسكوا بها، ولن تغير الجريمة من هذا الموقف.

وختم قائلا “الحرية هي أجمل شيء بالوجود، وتستحق التضحية بالدم والأموال والغربة، لأنها القيمة العليا في حياة البشر”.

وتقول الصحفية التونسية عايدة بن عمر، إن “خاشقجي كان ضحية غدر، وقتله معادي للحرية، ويعني ممارسة الكبت والقمع والاضهاد”.

وأشارت إلى أن “تلك الجريمة مهما وصفت لن نجد جملة معبرة، هي تذكرنا بوحشية النازيين، والفاشية، وسفاحي الدم عبر التاريخ”.

بن عمر أوضحت أنها تقيم في تركيا منذ 8 سنوات، وتنعم بأمان لم تجده في أوروبا، ويشاركها الرأي الكثير من الأصدقاء من أفريقيا الذي قدموا إلى تركيا هربا من الاضطهاد.

وشددت الصحفية التونسية على أن الجريمة كانت وبالًا على مرتكبيها، بينما ظلت تركيا بصورتها المرسومة بأذهاننا، البلد الحر.

من جانبه، يرى الكاتب والباحث اليمني ياسين التميمي أن “مرتكبي الجريمة اختاروا إسطنبول في سياق مؤامرة حقيقية، لإظهار المدينة كمكان محفوف بالمخاطر”.

وأشار إلى أن الهدف كان إسكات الصوت الحر الصادر من هذه المدينة، وهو المنبر الوحيد المتاح لبلدان الربيع العربي للاستمرار بمهتمهم باستعادة الحرية والديمقراطية في بلدانهم.

وقال إن “ذكرى الجريمة تعود بإصرار أكبر من محبيه والماضون بخطه، وهو خط يدعو للتمسك بالحرية والديمقراطية، والتعايش”.

وأضاف أن الراحل كان ليبراليا محافظا ومؤمنا بحق الإنسان في الديمقراطية، وكان يريد التغيير والإصلاح في بلاده، فتعرض للقتل بطريقة بشعة في قنصلية كان يفترض أن يدخل إليها آمنا كمواطن.

ونوه بأن “الجريمة عززت من مكانة تركيا، وأظهرتها كدولة ملتزمة تجاه الحقوق والحريات، ولا زالت تركيا تبحث عن المجرمين، وتسعى لعقابهم”.

وقتل خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، في قضية هزت الرأي العام الدولي وأثارت استنكارًا واسعًا لم ينضب حتى اليوم.

وفي يوليو/ تموز الماضي، نشرت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان تقريرًا أعدته مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء، أغنيس كالامار، من 101 صفحة، وحمّلت فيه السعودية مسؤولية قتل خاشقجي عمدا.

وأكدت كالامار وجود أدلة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين سعوديين كبار، بينهم ولي العهد محمد بن سلمان.

وكالة الأناضول