حوارات ولقاءاتمدارات

محمد لطيف: أنا ساهمت في صناعة الرئيس البشير .. فصلت من المؤتمر السوداني بتهمة الانتهازية


من الناس القلائل الذين يعرفون أدق ما يجري في البلاد، فهو كاتب صحفي تتشابك علاقته وصداقته بالرئيس المشيرعمر البشير ليكون خزنة أسرار.
(السوداني) حاورت الكاتب محمد لطيف الذي رد على اتهاماتنا بلهجته الصارمة التي لا تخلو من السخرية.
محمد لطيف نسيب الرئيس هل يضايقك هذا اللقب؟
إنتو حتبدو معاي الحوار كده؟!!

نعم، هل تعتبرالسؤال مزعجاً؟
لا أبداً.. هذا اللقب لا يضايقني لسبب بسيط لأنها الحقيقية وهذا تطور طبيعي في مسار حياتي، تزوجت بنجاة الزين وكانت زمليتي في الجامعة 1986م ووقتها كان ابن عمتها عمر حسن مجرد عميد بالجيش السوداني وتربطني به صداقة، وهو كان من الضباط الناشطين سياسياً وله صلة بالمجلس العسكري الانتقالي برئاسة محمد ميرغني وكنت في بداية عملي الصحفي اتردد على ذلك المجلس وعمر حسن يتردد عليه.

هل تريد إقناعنا أنك غير مستفيد من الرئيس؟
كثيرون يعتقدون أن الإنقاذ صنعتني ولكني أستطيع أن أدعي أنني من الذين صنعوا هذا الرئيس.

أنت صنعت الرئيس؟ كيف هذا الأمر ؟
كانت هناك عملية عسكرية شهيرة وهي عملية ميوم وبالمعيار العسكري لست كبيرة ولكن قيمتها بأنها أول انتصار للجيش السوداني بعد سلسلة من الهزائم، وكان مهندس العملية وقائدها العميد عمر حسن البشير والأمر كان له صدى إعلامي وكنت أنا سكرتيرالتحرير بصحيفة الأيام ، وبحكم علاقتي بالبشير رتبت حواراً معه ونشر على صفحتين، وهذا ما جعل للحوار صدًى.. كانت الأيام مصنفة مع اليسار وأقرب للحركة الشعبية وبالتالي أن تنشر حواراً مع أحد ضبابط الجيش كان أمراً مثيراً ومن تلك النقطة كانت البداية لتحضير عمر حسن البشير رئيساً للسودان .
هل يعقل أن يصنع حوار شخصاً… ألا تعتبر هذا غرور منك؟

أنا لم أقل إنني صنعته وإنما ساهمت في صناعته وهو لا ينكر هذا الأمر، ومحجوب محمد صالح وافق على نشر الحوار وأصبحت هناك نكتة شهيرة يرددها الرئيس البشير أن محجوب محمد صالح قال إن لديه خطأين في حياتو “إنو قدم الترابي للشعب السوداني بعد ثورة أكتوبر” و”إنو قدم عمر البشير للشعب بعد انتصار ميوم”

ماذا كان رد الرئيس على حديث محجوب؟
الرئيس من المعجبين بمحجوب محمد صالح ويقدر مهنيته ويردد هذه الواقعة باعتبارها من الطرائف ولذلك من حقي أن أدعي أنني ساهمت في صناعة الرئيس.

بعد مرور الزمن هل هي نفس الشخصية التي كنت تتعامل معها سابقاً؟
كان لدي سؤال محوري في ذلك الحوار حول علاقة الجيش بالحكم والديمقراطية وكان مما قاله إنه يؤمن بالديمقراطية ويري أن تترك الأحزاب لإدارة العملية السياسية في البلاد، ولايؤمن بتدخل الجيش. وأذكر أنه ذكر مثلاً ونشرناه في وقته ” اعطوا العيش لخبازه حتى وإن أكل نصه”، وذكرته بعد الانقلاب بهذا الحوار وقوله بأن اعطوا العيش لخبازه حتى وإن أكل نصه”، فضحك وقال لي لكن الخباز أكل العيش كلو.

منذ أصبح صديقك عمر البشير رئيساً أصبحت لاتنتقده في كتاباتك ؟
حساسية العلاقات الاجتماعية في بعض الأحيان تفرض ذلك كما أنني لا أستطيع أن أقول بأن الرئيس لم يخطئ منذ توليه الحكم.
ولماذا لا تكتب عن تلك الأخطاء ؟
إن كانت أخطاءً أتناولها بشكل عام
تنتقد نافع وعلي عثمان ولكن عند الرئيس تبتعد؟
دعك مني وقولي لي منو ينتقد الرئيس؟ الرئيس ليس دكتاتوراً ولكن الرئيس “صاحبي”، ومثلاً أنا علاقتي وطيدة بكم كصحفيين وإن حدث خطأ لن أنتقدكم في الصحف إنما سأتصل عليكم وأبلغكم به
هل توصل للرئيس انتقاداتك له بشكل مباشر؟
نعم إذا لاقيته.
هل تلتقيه كثيرًا؟
نعم.
هل يستجيب لانتقاداتك؟
نعم، ويستمع جيداً وأقول لك واقعة .. الزميل زهير السراج اعتقل لأنه انتقد الرئيس البشير وتم اعتقاله وذهبت للرئيس وقلت له الناس ستقول إنك اعتقلت زهير لأنه انتقدك، وهو لم يكن يعلم بالأمر، ومباشرة وجه بإطلاق سراح زهير وهو على المستوى الشخصي مستمع جيد لكنه يدافع عن وجهة نظره بشراسة.
أنت متهم بمعاداتك للمؤتمر الوطني ومناصرة الرئيس؟
هذا أمر غير صحيح.. أنا لست ضد النظام ولكن ضد الأخطاء والتجاوزات وأنا من أكثر الناس حرصاً على إصلاح النظام لأني محسوب عليه عشان “نسيب البشير”.
لكن تعد ضمن تيار البشير وليس الحزب؟
أنا لم أصنف نفسي وين.
الناس تصنفك ؟
هذا شرف لا أدعيه، وتهمه لا أنكرها.
البعض يقول إنك تستمد أعمدتك الصحفية من “الونسة الرئاسية”؟
طيب والمشكلة وين؟
هل هذا صحيح؟
أنا ممكن التقي أي شخص بالحكومة والمعارضة وأكتب.
لكن ليس مثل ملاقاتك للرئيس؟
صحيح.
هل تعتمد على معلوماتك بشكل مباشر من الرئيس البشير؟
لا وأنا لو نشرت كل ما أعلم لقامت قيامة السودان وأنا لي علاقات مع الرئيس ومسؤولين كبار وعلاقات مع زعماء المعارضة ويثقون بي.. وأنا أؤمن بنظرية محمد حسنين هيكل الذي يقول إن الصحفي الناجح هو الذي يحتفظ بـ80% من معلوماته وبإمكاني أن آتي بمانشيت من الرئيس… لكني لا التقي الرئيس كصحفي إلا أحياناً.
هل طلب منك الرئيس يوماً أن تكتبت عن موضوع معين؟
لاتعليق.
البعض يتهمك بإمساك العصا من الوسط، مثلاً علاقتك بالنظام وطيدة ولكن كتاباتك وكأنك معارض؟
كثيراً أسمع هذا الاتهام ولكني ما أزال أبحث عن العصا حتى أمسكها وأنا صحفي في الدرجة الأولى ولا أخلط بين ما أكتبه.

لماذا لا تنتقد أصدقاءك من المسؤولين مثل وزير الدفاع وأحمد هارون ؟
هذا ليس صحيحاً عندما انتقد الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين بعد سقوط هجليج، خرجت ودافعت عنه لأني أعرف معلومات لا يعرفها الناس وقلت إن وزير الدفاع عمل ما يجب عليه.. وهناك أناس يعتقدون أن عبد الرحيم هو من قدمني للرئيس وهذا ليس صحيحاً وتوجد رواية في بداية الإنقاذ أن الجبهة الإسلامية كلفته بأن يكون مع الرئيس وكنت أتعامل معه على هذا الأساس وبأنه “رقيب” وثانياً عرفت أنه رجل يحترم كل من يتعامل معه ويقدر الرئيس.
هل الرئيس يسمع النكات التي تطلق عليهم؟
أكثر مما تتصورون.
ماهو تعليقه علي النكات؟
يضحك فقط.
أنت تعد من الدائرة التي تنقل للرئيس ما يدور من أخبار المجتمع ؟
أنا علاقتي بالرئيس وعبد الرحيم لاتحتمل تصنيف، ولست ضمن مجموعة حولهما وأعلم أن أناساً كثيرين غير راضين عن هذه العلاقة .
في ناس حاسدنك في قربك من الرئيس البشير ؟
بكون طبعاً ويوجد كثيرون.
هل توجد قرارات كبيرة في البلد كنت تعلمها قبل أن تنشر؟
نعم.
مثلا الخطة الإصلاحية للبشير ؟
نعم كنت أعلم بها، وتناقشت معه فيها.
ماهي رؤيته في هذا الأمر؟
الفكرة كبيرة ومن خلال مناقشتي مع الرئيس أعتقد لم ينفذ إلا 25% من تصوره.
هل ننتظر مفاجآت من البشير ؟
وارد.
البعض إلى الآن لايصدق أن البشير لن يترشح مجددًا؟
المعلومة التي لدي أنه غير ناوي للترشح.
هل تتوقع أن يترشح؟
أتوقع لكنه سيترشح لاعتبارات كثيرة تحيط بالبلد والقوى السياسية.
أنت تمتلك مركزاً إعلامياً، وهو طيبة برس، وهناك أنشطة مشتركة مع وزارة الدفاع.. لماذا؟

أنا أتحدى أي جهة تثبت أن لطيبة علاقة عمل بأي مؤسسة تتبع للدفاع أو عبد الرحيم.
لكنك تقيم أنشطة طيبة في نادي الضباط خاصة في رمضان؟
نحن عندما عملنا خيمة الصحفيين اتصلنا بنادي الضباط.
أنت متهم بالاستفادة من علاقتك بالرئيس ؟
أنا لا استفيد من هذه العلاقة وصحيفتي الأخبار أغلقت لأسباب مالية.
رغم تجربتك الصحفية لكنك فشلت في إقامة صحيفة ناجحة؟
صحيح واعترف بذلك.
لماذا؟
أنا أتحمل المسؤولية، وصحيح أن العجز المالي السبب لكن هذا لاينكر مسؤوليتي لأنني لم أتعامل معها بشكل جاد والمشروع فرض علي ولكن أنا دفعت الثمن من سمعتي ووضعي الأسري والمالي وما زلت ملاحقاً بمديونية لهذا الخطأ القاتل.
البعض يتهمك بأنك عنصري وتنحصر بين الدناقلة ونسابة الرئيس؟
أنا أبعد ما أكون من العنصرية.
يقال بأنك الشخص الذي يدخل البيت الرئاسي من غير إذن؟
أنا أدخل منزل البشير من قبل ما يصبح رئيساً.
هل تم منعك من دخول بيت الضيافة ؟
مرات كثيرة ولكن أعرف أن هذا لاعتبارات.
أنت منتمي كنت للمؤتمر السوداني ولكن تم فصلك للاشتباه بعلاقتك بالنظام؟
صحيح وأخرجوا بياناً، وقالوا إنني منذ نعومة أظافري انتهازي.
هل هذا صحيح؟
السبب أنني دعيت من مستشار السلام د.غازي صلاح الدين إبان تفاوض نيفاشا ومعي 15 خبيراً وطنياً لزيارة مقر المفاوضات والدعوة كانت ممولة من الإيقاد، وفوجئت بقرار من رئيس الحزب بعدم السفر. وقلت لهم إن الدعوة لم تاتِ لأني عضو المؤتمر السوداني وإنما كصحفي. وبعد ما سافرت صدر بيان وقرر بتجميد نشاطي.
ماذا فعلت في نيروبي ؟
المفارقة أنني في نيروبي التقيت بوفد الحركة الشعبية وعقدنا اجتماعاً وكان السؤال الأساسي للحركة الشعبية إنكم تخليتم عن التجمع الوطني وبدأتم حواراً مع الحكومة واقترح أحدهم أن نعمل تصوراً لمطالب المعارضة في الداخل ورشحت أن أكتب تصوراً وأن ارسلها لتشرك في التفاوض ورجعت الخرطوم ووجدت خطاب بتجميد نشاطي في الحزب.
بعد إن اتضحت نواياك هل حزب المؤتمر السوداني طالب برجوعك؟
صحيح رجعوا وقالوا ليس لديهم مانع في رجوعي للحزب وعقدوا اجتماعاً وقالوا نتجاوز ما جاء وفي لحظة ما صدر قرار بالفصل أيضاً وقالوا إنه تم إلغاء الفصل وقلت لهم هل ألغيتم قرار الفصل والإدانة وقالوا نعم باستثناء إبراهيم الشيخ أصر على أن الإدانة قائمة وأنا رفضت وقلت لهم حزبكم ما لازمني.
هل لديك علاقة بياسر عرمان ؟
نعم وهي ليست جريمة.
هل قدت وساطة فيما بينهم والنظام؟
تركيبة المسرح السياسي متغيرة ولم أعمل شيئاً وأنا لدي تكليف معكوس حيث توجد جهة في الداخل تطلب مني مخاطبتهم.
ألا تخاف إذا حدث تغيير سياسي أن توصف من سدنة النظام؟
وارد طبعاً.
ألا تخاف من هذا الوصف؟
هناك واقع.
هل أنت سادن للنظام؟
ماذا يعني هذا الأمر وسدنة النظام هم المستفيدون من النظام وحريصون على استقراره.
ألست حريصاً على استمراره ؟
أنا حريص على استقرار السودان وأنا أراهن على رغبة النظام في التغيير واستجابة الآخرين أما إذا أبدى النظام عدم جدية في التغيير لا لأحد يتمسك به.
هنالك أحداث كبرى مثل مظاهرات سبتمبر الماضي كيف كان البشير يتعامل معها من قرب؟
هو لم يتخوف منها وكانت توجد تصورات وتقديرات أمنية رسمية متوقعة أن تخرج 103 مظاهرات في الخرطوم.
لديك أسرار مرتبطة بالنظام هل نتوقع مذكرات ؟
هنالك أشياء أنا فخور بها وأنا أستطيع أن أدعي أنني ساهمت بشكل مباشر في إعادة وزراء الحركة الشعبية من إضرابهم الشهير في الفترة الانتقالية ونجحت في عقد أول لقاء من أحمد هارون وياسر عرمان ولدي أسرار لم ياتِ الوقت لأنشرها
هل يمكن أن نطلق عليك محمد حسنين هيكل السودان؟
لا أنا لست هيكل السودان وأنا ليس كل ما أعلمه أكتبه..
لينا يعقوب
خالد أحمد
من أرشيف صحيفة السوداني 2014