حسين خوجلي: عاجل.. قرار مفاجئ بنقل العاصمة إلى كسلا

إن كل التقارير الاستراتيجية والتخابرية عسكرياً وسياسياً وأقتصادياً تعلن بالصوت العالي أن شرق السودان أصبح الآن واحدة من أخطر بؤر الصراع القادم بالشرق الأوسط، لأهميته أفريقيا وعربيا والأكثر أهمية في صراع كسر العظم للقوى الكبرى فهو :
1/ يمتد على أطول شاطئ بالبحر الأحمر حيث يتموضع الصراع الدولي للسيطرة عليه خاصة وأنه يُشاطئ عدة دول مهمة وخطيرة منها المملكة العربية السعودية ومصر وقريبا من الأخريات
2/ وجود عدة موانئ تشكل بدائلا لدول كثيرة خدمة للتجارة العالمية ولأفريقيا التي تنطوي أراضيها على كثير من الثروات حيث تعتبر مواردا احتياطية للدول الكبرى الناضبة الثروات
٣/ كما أن الشرق يمثل المدخل الغربي البحري الأسهل لاختراق المملكة العربية السعودية ذات الثقل الروحي لمئات الملايين من المسلمين وصاحبة الاحتياطي الأكبر للنفط العالمي
٤/ اما بالنسبة لإثيوبيا الناهضة التي يراهن عليها الغرب لتكون القوة المسيحية الأقوى في محيط اسلامي متلاطم، فان موانئه تعتبر الأمنة لها خاصة إذا حدثت أي محاذير متوقعة أمنياً في جيبوتي وأريتريا واستيقاظ المارد الصومالي في اي لحظة خاصة ان تلك المنطقة تعج بالقواعد العسكرية لدول عظمى متصارعه
5/ كما أن الشرق السوداني يمثل أكبر سهل للغلال والحبوب الزهيدة التكلفة (الري المطري ) والتي تشكل الغذاء الرئيسي لأغلب سكان القرن الأفريقي خاصة أثيوبيا وأريتريا وجنوب السودان وبعض دول الجوار بغرب أفريقيا ومن المعلوم شح الاراضي الزراعية بالنسبة للجارة اثيوبيا ذات المئة مليون مواطن تهددهم المجاعات وما مشكل اراضي بني شنقول والفشقة ببعيد
٦/ بجانب أنه يمثل الامتداد البري والبحري لجمهورية مصر التي تطمع في أراضي ومياه لصيقة بأثيوبيا خاصة بعد نوبة الفزع الكبرى من إقامة سد النهضة
7/ فإذا قرأنا كل ذلك مع بعض أطماع الشركات المتعددة الجنسيات في كنوز البحر الأحمر ونفطه وغازه بجانب الثروات المعدنية الدفينة في سلسلة جبال البحر الاحمر والمناطق المجاورة لها والاراضي الزراعية الخصبة بسهل طوكر والقاش والامتداد البكر باعالي سدي عطبرة وستيت والاستثمارات السياحية الفريدة بالشاطئ العريق ندرك تماما الأهمية الاقتصادية لهذه المنطقة الحساسة
وللأسف فإن السودان صاحب الأرض والموقع الاستراتيجي والاقتصادي لهذه المنطقة الخطيرة يظل الأضعف نظراً وتخطيطاً وانتباهاً للمؤامرة والمصالح الحميدة منها والخبيثة التي . ويظل المخططون من القوى الأقليمية والعالمية يعبثون بالنسيج الاجتماعي للقبائل المنكوبة بهذه المنطقة ليل نهار وحصارها بمثلث الجوع والجهل والمرض ويتم الاخضاع عبر الاضطرار المفروض ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
وقد أصبحت هذه القبائل وهذه المناطق (كعبأخيل) في الجسد السوداني المنهك، بل أن الناظر للتكوين السكاني للمنطقة يُفجع لكثرة التنظيمات والقيادات التي يسافر هواها مباشرة صوب الآخر والعواصم الأجنبية
أننا عبر هذه المساحة ندق ناقوس الخطر في وجه الأحزاب والنخب السياسية اللاهية بلعبة الكراسي والمواقع والامتيازات الزائفة والغارقة في أوهامها التاريخية وعنترياتها التي ما قتلت ذبابة، وهم لا يدركون أن الواقع المعقد اكبر من أحلامهم وأطماعهم البائسة
بل أن ناقوس الخطر الأعلى صوتاً وضجيجاً يجب أن يُقرع في وجة المجلس السيادي ومجلس الوزراء ليتركا كل الذي بين يديهما من مهام صغيرة أو كبيرة ويتجهان بكلياتهما وإمكانايتهما نحو الشرق الكبير، فأزمات الوسط والشمال والغرب يمكن أن تُحتمل وأن تؤجل وأن يواجهها سكانها بالتفهم والصبر الجميل كما تعودوا.
إن الشرق بكوارثه الداخلية وأطماع أعدائه الخارجية يجعله المرشح الأول للسقوط وتحقيق حلم التفكك الذي يفرح به أعداء الأرض التي تشرق منها الشمس
وخذوها نصيحة مني أنه بسقوط الشرق سيسقط السودان العريق، وبسقوط الشرق يغلقون نافذتنا الوحيدة صوب العالم والبحار والمصالح والمثاقفة لنظل مجرد دولة صندوق لا قيمة لها
فإذا استطاع القرصان الاجنبي انتزاع البحر يسهل عليه انتزاع النهر والأرض والثروات وتبديد الإنسان
إن الحل العاجل الذي لا يحتمل التأجيل حتى لأسبوع قادم يتمثل في المراسيم الآتية:
أ/، أن يصدر الفريق البرهان قرارا عاجلا بحل الولايات الثلاث وإعلان اقليم الشرق الكبير وتحويل بورتسودان وكسلا و القضارف إلى مدن مركزية تخدم مشروع التواصل والتداخل والتنمية والتكامل في هذه الرقعة الاستراتيجية العامرة بالثروات والانسان
ب/ إصدار قرار عاجل بنقل العاصمة مؤقتاً إلى مدينة كسلا لإعطاء بعد نفسي ومعنوي لهذا الأقليم الخطير في العقلية الوطنية للسودان الكبير
ج/ وضع حجر الأساس فوراً واطلاق المرحلة الأولى لمشروع أنبوب المياه العملاق من النيل صوب الشرق الظامئ لحل مشكلة الانسان والتنمية إلى الأبد مع مشروع آخر لتحلية مياه البحر واصطياد مياه الأمطار وإطلاق شركة مساهمة عامة تدار بشفافية وكفاءة يساهم فيها السودانيون بالمهجر والرأسماليك الوطنية وعامة الشعب وتوكل لكفاءات يثق فيها الجميع. وتعلن مجموعة المساء بصحيفتها واذاعتها وقناتها رغم الفقر والقفر وشح المفردات مساهمتها في شركة المساهمة بألف دولار ابتداراً وبركة وان زدتم زدنا.
د/ إقامة شبكة طرق تخترق مناطق الزراعة الآلية بالقضارف وحل مشكلة الري والعمالة وأقامة قرى منتجة دائمة لتلك المشاريع مع تقديم خدمات الصحة والتعليم
ه/ حل مشكلات العرب الرحل وثروتهم الحيوانية الكثيفة وحمايتهم من تغول عصابات الحدود (الشفتة) وإقامة مراكز بيطرية وتحويل ثرواتهم من قيد الاحتفاظ الرومانسي إلى رحاب وواقعية الاستثمار والتصدير
و/ إقامة مشروعات زراعية وصناعية تحويلية لمائة الف شاب سوداني من كل ولايات السودان لبناء الوحدة الوطنية بين ابناء السودان الواحد واستيعابهم بالشرق الكبير لحل مشاكل الموارد البشرية والتخلخل السكاني وخلق روح جديدة للمنافسة وضخ شرايين شابة في جسد تلك الأرض الطيبة التي عانت من عقم الخلاء زمانا طويلاً
ز/ أقامة 3 (مدن مقدمة محورية) بالحدود منتجة ومكتفية وجاذبة تحمل ملامح السودان الجديد وهيبته للآخرين
ح/انشاء منطقة حرة بقوانين جديدة تتجاوز القوانين المقيدة بالمنطقة لجذب التجارة العالمية التي تخدم المنطقة العربية المطلة والداخل الأفريقي
ط/ فتح المجال أمام الاستثمارات العربية والعالمية في مجالات الزراعة والتعدين والنفط والسياحة والثروة الحيوانية على أسس اقتصادية واضحة وذكية تحمل مجموعة من الحوافز والتسهيلات التي تُغري رأس المال العالمي للمساهمة في تنمية المنطقة وتحرض على التصدير والتبشير بسنغافورة جديدة
أخي الفريق البرهان ليست هذه ضراعات ولا مخاوف ولا رجاءات ولكنها تحذيرات فأننا عبر الخبرة الاعلامية والنظر من خارج الصندوق نؤجل مرارا اطلاق رسالة نصر بن سيار إلى مروان وقد امتزج شعره و دمعه بموجات نهر بردى الواجفات:
أرى تحت الرماد وميض نارٍ : وأخشى أن تكون لها ضرامُ
فإن النار بالعودين تُزكى : وأن الحرب أولها كلامُ
وقلت من التعجب ليت شعري : أأيقاظ أمية أم نيامُ

حسين خوجلي