حوارات ولقاءات

مالك عقار : نحن مع تسليم البشير للمحكمة الجنائية و إلحاقنا بالمجلس التشريعي قد يكون مثل تمومة الجرتك


رئيس الحركة الشعبية شمال، مالك عقار :

لا نمانع من تكليف ولاة مدنيون قبل السلام

الحكم الذاتي هو الحل لقضية الحرب في المنطقتين

ونحن مع تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية فوراً ودون تردد

أمريكا ترى أن يتم إعلان بنبذ الحرب وينتقل التفاوض للخرطوم

إلحاقنا بالمجلس التشريعي قد يكون مثل تمومة الجرتك

موقف الإتحاد الافريقي من عملية السلام موقف المتفرج لا الفاعل

تحقيق أهداف الثورة يبدأ بوقف الحرب

سوف أدعم تقديم قيادة جديدة ومتفق عليها لقيادة إقليم النيل الأزرق

منذ أن كان هو قائد القطاع العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان على الحدود السودانية الإثيوبية جنوب ولاية النيل الأزرق حتى قيسان في تسعينيات القرن الماضي، اقتحم ابن الانقسنا، القائد مالك عقار رئيس الحركة الشعبية- قطاع الشمال، أضابير المقاومة السياسية المُسلحة، فأضحى رقماً يصعب تجاوزه في أية معادلة سياسية قائمة على مخرجات الحرب والسلام. وشكل عقار في منتصف العام 2017 في النيل الأزرق بمعية رفيق دربه ياسر عرمان جناحاً موازياً للحركة الشعبية في جبال النوبة بقيادة عبدالعزيز الحلو، ومنذ ذلك التاريخ أصبح عقار مفاوضاً باسم الحركة الشعبية في النيل الأزرق في كل مباحثات السلام. (الجريدة) أدارت معه حوار عبر الأثير، وقوفاً على آخر التطورات المتعلقة بعملية السلام، فضلاً عن التحسس عن كثب لكل آراء الحركة الشعبية في عدد من القضايا السياسية الراهنة.

* نبتدئ من حيث انتهت لقاءات الجبهة الثورية السودانية الأخيرة في أديس أبابا مع المبعوث الأمريكي دونالد بوث .. (ما جديدكم قبل الذهاب إلى جوبا لاستئناف التفاوض) ؟

في البدء نرحب بصحيفة (الجريدة) و قرائها الكرام ونحن نطل عبرها لجماهير الشعب السوداني بعد غياب استمر لسنوات أثناء وجود النظام السابق لتضييقه على الحريات الصحفية ومنع حرية التعبير و بهذه المناسبة اتقدم بالتحية لثورة ديسمبر المجيدة شباباً وشيباً نساءً ورجالاً الذين جعلوا هذا ممكناً بالتضحيات الجسام ومنازلة النظام سلمياً حتى سقط فلهم التحية جميعاً. في أديس أبابا التقت قيادة الحركة الشعبية بالمبعوث الأمريكي دونالد بوث واطلعناه علي سير العملية السلمية في السودان ومفاوضات السلام التي تجري في جوبا واطلعناه علي ما تم في الفترة السابقة من خطوات تمثلت في إعلان جوبا الذي وقع في سبتمبر الماضي والاتفاق السياسي وإعلان وقف العدائيات اللذان وقعا في أكتوبر الماضي واستمعنا إليه مرة أخرى مع رفاق في قوي الكفاح المسلح.

* وما الذي دار بينكم بالضبط؟

تركز النقاش في نقطتين ، حيث أكد لنا المبعوث أن الأوضاع تغييرت في السودان و أن الحكومة الانتقالية المكونة بين قوى إعلان الحرية و التغيير و المجلس العكسري لديها رغبة أكيدة في إنهاء الحرب و تحقيق السلام في السودان و كان رأيه بأن ننتهز هذة الفرصة ، و من جانب آخر ذكر لنا رغبة الولايات المتحدة في أن يكون التفاوض داخل السودان و لا تري داعٍ بان يتم التفاوض خارج السودان، فقط يتم اعلان بنبذ الحرب و بعد ذلك تتجه الأطراف المعنية إلى الخرطوم حيث يتم التفاوض هناك.

* وكيف كان ردكم؟

من جانبنا أوضحنا له في اللقاء الخاص مع الحركة الشعبية و الآخر الذي ضم الفصائل الأربعة المسلحة المكونة للجبهة الثورية تطابق رغبتنا مع رغبة الحكومة الانتقالية في إنهاء الحرب و تحقيق السلام بمعالجة مسبباتها، و نقدر مقترح الولايات المتحدة في نقل المفاوضات إلى الخرطوم لكن هنالك عقبات قد تحول دون تنفيذ تلك الرغبة في الوقت الحالي ويمكن أن يتم ذلك بعد التوصل إلى اتفاق إطاري يحدد القضايا الهامة للتفاوض .

* وماذا عن النقطة الثانية التي أثارها المبعوث الأمريكي؟

النقطة الثانية التي أثارها المبعوث الأمريكي هي أن الجبهة الثورية قد تسببت في تعطيل نقل السلطة للمدنيين بتمسكها بما اتفق عليه في إعلان جوبا في الفقرة الخاصة بعدم تعيين الولاة و المجلس التشريعي إلا بعد التوصل لاتفاقية السلام، و في هذا الصدد أوضحنا له بأن للسلام استحقاقات و من ضمن هذه الاستحقاقات المشاركة في تنفيذه و كنا نرى أن تعيين الولاة قبل التوصل لاتفاق السلام قد يكون معيق للوصول إليه خاصة أن بعضاً من هذه الأقاليم بها نزاع وأملنا أن تؤول قيادة هذه الأقاليم إلى قوى الكفاح المسلح لكي تقوم بواجبها في تنفيذ اتفاقية السلام ، لكننا علي الرغم من ذلك نحن في الحركة الشعبية مرنون في هذا الأمر و لا مانع لدينا في أن يكلف ولاة مدنيون ينتهي تكليفهم فور توقيع اتفاقية السلام. أما فيما يختص بالمجلس التشريعي نحن نري بأن المجلس التشريعي سلطة مهمة لبناء الدولة و تشكيله قبل السلام ربما يلغي المشاركة الفعلية للجبهة الثورية و قوى الكفاح المسلح الأخرى فيه، و بتشكيله قد تحسم قضايا مهمة ونحن غياب مثل اللائحة التي تحكم أعمال المجلس و قيادة المجلس و غيرها و إلحاقنا قد يكون مثل( تمومة الجرتك) لذا نرى من الأصلح و الأقوم لاستكمال أهداف الثورة إرجاء أمر تشكيل المجلس التشريعي لحين تحقيق السلام حتي تكون قوي الكفاح المسلح و الجبهة الثورية جزءً من مراحل تشكيل المجلس التشريعي و خاصة أن مجلسي السيادة و الوزراء قد يقوما بمهامه و بالتالي لا يوجد فراغ دستوري.

* رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي موسي فكي أكد لكم دعمه لعملية السلام ، ما المطلوب بالضبط من المفوضية ؟

لقائنا مع السيد/ موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي أتى ضمن سلسلة اللقاءات التي أجريناها في أديس أبابا والتي في مجملها تصب في دعم عملية السلام في السودان حيث نرى أن موقف الإتحاد الافريقي موقف المتفرج لا الفاعل ، و تحدثنا معه عن المنبر التفاوضي و كان رأيه أقرب إلى رأى المبعوث الأمريكي في أن يكون التفاوض في الخرطوم، و أوضحنا له ما أوضحناه للمبعوث الأمريكي وألمح بحياء إمكانية استضافة الاتحاد الافريقي للمفاوضات في مقره الرئيسي بأديس أبابا إذا رغبت الأطراف في ذلك، و أوضحنا له بأن جوبا ما زالت هي الخيار و طلبنا منه دعم منبر جوبا بالسكرتارية الفنية و هو ما طلبناه أيضاً من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان نيكولاس هيثم و ممثل الاتحاد الأوروبي للسودان السيد الأكسندر راندوس.

* هل هنالك إجماع حقيقي بين كل قوى الكفاح المسلح علي أن تكون جوبا هي مقراً للمفاوضات ؟

الرئيس سلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان تقدم بمبادرة للجبهة الثورية السودانية و قوى الكفاح المسلح الأخرى والحكومة الانتقالية للتوسط في العملية السلمية و قد استجابت للمبادرة أغلب الأطراف عدا حركة تحرير السودان / عبدالواحد و تم افتتاح المنبر التفاوضي رسمياً بحضور عدد من رؤساء دول الجوار و تم التفاوض المباشر بين الأطراف المعنية و تم التوقيع على ثلاثة اتفاقيات بجوبا بين الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية وهي إعلان جوبا و الإعلان السياسي وإعلان وقف العدائيات وهنالك جولة قادمة في ديسمبر المقبل ، كل هذه الوقائع تؤكد أنه ليس هنالك رفض مطلق لجوبا من حيث المبدأ ، وأعتقد أن هنالك ملاحظات حول المنبر تتلخص في القدرات الفنية و يمكن حلها بالسكرتارية الفنية من الأمم المتحدة.

* لكن حركة العدل والمساواة تراهن على الدوحة ، و بينما ترى حركة مناوي بأن الدوحة انتهت بنهاية نظام البشير .. ما موقفكم أنتم ؟

عذراً هذا السؤال يوجه للرفاق في حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان وأعتقد هم الأجدر بالتعبير عن مواقفهم حيال هذا الأمر، لكن ما أود أن أوضحه لكم بأنه ليست هنالك أي دولة غير دولة جنوب السودان قد قدمت لنا دعوة أو مبادرة صريحة فيما يختص بمنبر التفاوض.

* أنتم تحدثتم عن رغبتكم في حكم ذاتي للمنطقتين ، ألا يكون هذا المطلب بمثابة تعقيد لعملية السلام ؟

التسمية أحيانا قد تثير بعض التساولات و قد تحمل المصطلح لديهم ما هو غير صحيح ، ما نقصده بالحكم الذاتي هو نفس المعني الذي ورد في الوثيقة الدستورية و دستور 2005 م و لأن التجربة أثبتت أن هنالك صعوبة في حكم السودان بمركزية قابضة لذلك لابد من منح السلطات للأقاليم بما ذلك حق التشريع و الحكم الذاتي هو المخرج والحل لقضية الحرب في المنطقتين، لأن كل الحروب في السودان من أحد أسبابها الأساسية المركزية القابضة التي تصنع الأزمات في الخرطوم وتصدرها للأقاليم وتفرض سيطرتها الكاملة إقتصاديا وسياسيا … الخ وتسلب الأقاليم حقوقها وهذا سبب من أحد المسسببات الأخرى لإشعال الحروب واستمرارها فالمخرج هو حكم ذاتي بصلاحيات واسعة بما في ذلك حق التشريع في ظل دولة موحدة يحفظ للمنطقتين خصوصيتهما.

* لماذا التخوف من المركز ؟

بالعكس أن المركز هو الذي يخاف لأن بنية الدولة السودانية قامت علي بنية مركزية قابضة في الخرطوم علي إقصاء الهوامش من مركز السلطة ونهب مواردها ويجب تفكيك بنية مركز السلطة لصالح كل السودانيين وبناء سودان جديد قائم على العدالة والمساواة والمواطنة بلا تمييز

* ألم تنجح الثورة السودانية في تغيير المعادلة القديمة القائمة علي حاكمية المركز وتهميش الهامش ؟

نجاح الثورة السودانية التي أسقطت النظام البائد هي بداية حقيقية لتغيير شامل وهذا التغيير يجب أن يحقق أهداف الثورة وشعاراتها المتمثلة في حرية وسلام وعدالة وتحقيق أهداف الثورة يبدأ بوقف الحرب و إنهائها بتحقيق السلام العادل والشامل والمستدام ومعالجة قضية النازحين واللاجئين، و نحن نشعر بأن هنالك فرصة حقيقة إذا ما استثمرت لتحقيق السلام في السودان.

* مطالبات هنا وهناك بضرورة تسليم البشير للمحكمة الجنائية.. إلى أي اتجاه يقف مالك عقار؟

نحن في الحركة الشعبية مع العدالة وإنصاف الضحايا ومحاكمة الجناة وتسليم الرئيس المخلوع البشير للمحكمة الجنائية الدولية فوراً دون تردد لينال جزاءه .
أما رأيي الشخصي بأن يحاكم البشير في السودان بذات القوانين التي وضعها بنفسه و عذب بها الشعب السودان و يشرب من نفس الكأس المر الذي سقاه للشعب.

* عدم تجانس قوي الحرية والتغيير بين مكوناتها كيف يمكن تفسيره ؟

يفسر لعدم وجود هياكل قيادية تدير التحالف خاصة و أن التحالف كبير من حيث الحجم و متباين من حيث الفكر و البرامج و هذا التحالف مهم أن يستمر متماسكاً لاستكمال أهداف الثورة.

* تمسك لجان المقاومة في الأحياء بأهداف الثورة ألا يوحي بأن المكون العسكري والحرية والتغيير هم أقل هامة من الثورة؟

لكل مكونات قوي الثورة أدوارها وإسهاماتها في إنجاح الثورة واسقاط نظام البشير والتمسك بأهدافها سيظل قضية استراتيجية تهم كل السودانيين الحادبين علي التغيير.

* كيف تنجح قوات الدعم السريع في تغيير صورتها الشائهة عند جمهور الثورة؟

الدعم السريع مكون من مكونات الثورة السودانية وقد ساهم ولعب أدواراً إيجابية في الثورة ومعالجة بعض التجاوزات هي مسؤولية قيادة الدعم السريع و على قوى الثورة مساعدة الدعم السريع في ذلك.

* هل بأمكاننا أن نرى مالك عقار والياً علي النيل الأزرق مرة أخرى ؟

سوف أدعم تقديم قيادة جديدة ومتفق عليها لقيادة إقليم النيل الأزرق، و هذا ما قلته صراحة في المؤتمر القيادي للحركة الشعبية الذي انعقد في الفترة من 16/ أكتوبر إلى 13 نوفمبر 2019م و الذي ناقش قضايا عديدة قُدمت خلال عشرون ورقة تختص بقضايا الساعة و من ضمنها ورقة رئيس الحركة (تجسير الماضي و الحاضر ) وورقة نائب رئيس الحركة (نحو ميلاد ثان لرؤية السودان الجديد) و خلص المؤتمر بتوصيات و قرارات عديدة من بينها انتقال قيادة الحركة لجيل جديد و إعادة هيكلة مؤسسات الحركة و تنظميها و الموقف التفاوضي و قضايا المرأة حيث قرر المؤتمر تمثيلها بنسبة 40% بهياكل الحركة و رفع توصية للمؤتمر العام بتمثليها بنسبة 50% .

* وماذا عن بقية التوصيات؟

أمن المؤتمرون على وحدة السودان علي أسس جديدة حيث ترى الحركة أن حق تقرير المصير لا يعالج مشاكل السودان بل يعمقها و يزيدها. كما أمن المؤتمرون علي العمل علي توحيد الحركة، كما ثمن مشاركة قيادات الحركة باقليم جبال النوبة /جنوب كردفان و تعتبر هذه الخطوة بداية مبشرة تبعث الأمل في توحيد الحركة و كما كان لحضور زعيم قبيلة البرون بالنيل الازرق الرفيق الأستاذ/ عمر الشيمي و مساهماته ومساعيه الجادة في توحيد أبناء النيل الأزرق و رتق النسيج الاجتماعي الذي تمزق بسبب الحرب الداخلية التي صاحبت الانقلاب. كذلك أمن المؤتمرون علي ضرورة الالتزام بالتفاوض علي العملية السلمية لتحقيق و بناء السودان الجديد القائم علي الوحدة و المواطنة بلا تمييز. و قرر المؤتمرون إرسال وفدُ نسوي من مناطق النزوح و اللجوء إلى الخرطوم للتبشير بالسلام و مناقشة قضايا المرأة مع رفيقاتهن بمناطق سيطرة الحكومة و أيضاً هنالك وفدان آخران هما وفد وقف العدائيات و فتح المسارات الانسانية و وفد سياسي بقيادة نائب رئيس الحركة الشعبية.

حوار: عبدالناصر الحاج
صحيفة الجريدة