حوارات ولقاءات

التعايشي : الثورة انتهت بشراكة ولا يمكن للمكون المدني أن يعمل بمعزل عن العسكري ..!!


عضو المجلس السيادي محمد حسن التعايشي :

(ما في معالجات من غير معاناة والموضوع داير صبر والشعب هو الذي سيقرر)!!

لم أستغل السيارة (الإنفينتي) وحراس القصر يطلبون مني إنزال القزاز لهذا!!

دكتورة فدوى ناشدتني بعدم التراجع!!

هذه شراكة ولا يمكن للمكون المدني أن يعمل بمعزل عن العسكري!!

(أما موضوع الدم بحن للدم أنا ماسمعت بيهو قبل كدا ودا تماهي غير جدير بالرد عليه)!!

ادارة الدولة شيء، وادارة مشاعر الناس شيء آخر!!

الثورة انتهت بشراكة أقل من التطلعات!!

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي وهي تتداول ملابسات ترشيحه من قبل تجمع المهنيين لا سيما وأن الدكتورة فدوى عبدالرحمن علي طه دفعت باستقالتها من قائمة المرشحين وهي على أعتاب المجلس السيادي، قناعة منها بأحقية (طالبها) محمد حسن التعايشي بالمنصب لما يتمتع به من قدرات تؤهله لشغله، بالرغم من تحفظه على الحوار في هذا التوقيت المفصلي الهام، إستجاب بعد إلحاح باجرائه، ومع ذلك حصرناه بأسئلة مباشرة وجريئة وصادمة، بدأت بامتطائه السيارة (الإنفنيتي) وإن كان قد نفى من قبل ذلك، وخذلانه للدكتورة فدوى وقبوله المنصب، وعلاقته بحميدتي (الدم بحن للدم)، وبيان هيئة محاميي دارفور الذي أشار لاستمالة العسكريين للمدنيين بالمجلس السيادي، وتأييده لرفع الدعم وغيرها من الأسئلة التي ستجدون تفاصيلها في هذا الحوار.

*الكل كان يتوقع إستقالة التعايشي وفاء لموقف الدكتورة فدوى عبدالرحمن علي طه، التي رفضت القبول بعضوية السيادي لملابسات ترشيحكم ما تعليقك؟

– المبدأ الذي أرسته الدكتورة فدوى عبدالرحمن علي طه مهم في ربط العملية السياسية بالأخلاق، وهو سلوك يتماشى مع شخصيتها فهي ملتزمة بالديمقراطية والمدنية ومطلوبات التغيير، لاسيما وهي مربية فاضلة، وحتى في قراءتها للتأريخ لا تميل لتأليه الشخصيات بقدر ما هي ميالة للقراءات الكلية للأوضاع ، وبالتالي مواقفها إزاء كل القضايا ليست مواقف تنطلق من الاحتجاجية كما تفهمها بعض الناس.. خصوصا في هذه القضية موقفها ليس مبنيا على تحيز شخصي، بل هو احتجاج على ممارسة معينة، وأنا ما كان (عندي) رغبة في المشاركة في أي منصب او موقع بالسلطة الانتقالية، والموقف (دا) اعلنتوا اكثر من مرة ورفضت لمن حاولوا اقناعي بتغييره، دار بيني وبين فدوى نقاش طويل وكان (في) شروط لأعود من لندن، وناشدت شخصي ما أتراجع واقبل بالترشيح.

*ضجة واسعة أثيرت حول السيارة (الانفينتي) التي خصصت لكم ..التعايشي رفض الفخامة إلا أن البعض يشككون ويشيرون لإمتطائكم لها؟

ضحك ملء شدقيه، و(تابع) بالقول: الموفق العام والأساسي بالنسبة لي، موقف مرتبط بارساء ثقافة الزهد في العمل العام، والسيارة (الانفنيتي) لا تؤثر على ميزانية الدولة، وهذه ليست القضية الاساسية التي عبرها تعالج أزمة الانفاق الحكومي التي خلفها النظام البائد، فقضية الانفاق الحكومي مرتبطة بتضخم الجهاز السياسي والمدني، والصرف على الحرب والامن فضلاً عن الفساد الحكومي والارتشاء، اما القضايا (بتاعت إنك ما تركب سيارة أو سيارتين تلاتة دي مسائل غير مرتبطة بخفض الانفاق، وإنما مرتبطة بتهذيب السلوك العام للانسان الذي يشغل الوظيفة العامة)، وهذا هو المبدأ الأساسي، الناس لا ينبغي لها أن تسير وراء تبسيط المواقف، والموقف هذا ليس مبسطاً وإنما عميقاً فالوظيفة العامة لا ينبغي أن تضع مساحة كبيرة أو حاجزاً بينك وبين الجماهير، فالموظف العام يجب يكون جزءاً من المجتمع البسيط، وأنا عشت في الغرب ومدرك تماماً ماذا تعني السلطة للوزير في بريطانيا، فهو يركب الدراجة (العجلة)، وكذلك القطار، (زيو وزي أي زول عادي ودي حاجة عادية جداً وما بتقلل من أهميته، ودا كان المبدأ بتاعي في رفض السيارة (الانفينتي)، والحاجة التانية انا هسه بركب سيارة عادية كسيارات المواطنين وما شايف السيارة بتديك اي ميزة وأنا سعيد جدا بالقصة دي، وبقيف في الشارع وبشيل ناس بعربيتي وما بيكونوا عارفين الزول الشالهم دا منو).. لكن السلوك العام في السودان يحتاج إلى تغيير من هذا النوع، وصراحة أنا الآن خصصت لي سيارة عادية، لدرجة أن أفراد الحراسة في بوابة القصر يستوقفوني في الباب ويطلبون مني (أنزل القزاز، وبنزلو، ولما يقولو لي امشي بمشي، وما منزعج من القصة دي لأنو دي الثقافة التي أود أن أرسي دعائمها)، مسألة الوظيفة العامة ليست مرتبطة بالانقاذ فقط، لكنها أي (الانقاذ) بالغت في تضخيم الوظيفة العامة وتأليه الناس، وأنا الآن عندما أذهب الى السوق أو أجلس لاحتساء الشاي عند (ست شاي)، (الناس بتستغرب)، في حين أن القصد ماهو الانحدار بالوظيفة العامة، بقدر ما هو مرتبط بتغيير مفهوم الناس للوظيفة العامة، وهذا هو المبدأ الذي إتبعه، فأنا ليس لدي اعتراضاً على الناس الذين يركبون (الانفينتي)، وهذا موقف شخصي بالنسبة لهم، لكن أنا أرى ان الموظف العام في البلد (دي) مفروض يركب عجلة ويمشي بها المكتب.

*هل صحيح تم استقطابك من قبل المكون العسكري بالسيادي؟

مع كامل احترامي وتقديري لتصور الناس، لكن هذا الكلام غير صحيح وغير أمين، ولحد كبير سطحي، المجلس السيادي ليس مؤسسة هلامية، المجلس مؤسسة معروفة بحسب الوثيقة الدستورية، وليس هناك مجالا للتماهي او عدم التماهي، فهذه المؤسسة منصوص عليها في الدستور وصلاحياتها معلومة، ولكن (دا) ما السؤال والسؤال هو ما اذا كان ممكن لأي طرف أن يشتغل بمعزل عن الطرف الآخر؟ فالمجلس السيادي به مكون عسكري من خمسة اشخاص ومكون مدني من ستة اشخاص، وعنده اغلبية متفق عليها هي الثلثين، بمعنى لا يستطيع المكون العسكري أن يتخذ أي قرار داخل المجلس السيادي الا اذا ضمن ثلاثة من المدنيين، ولايستطيع المدنيون ان يتخذوا قرارا بمعزل عن العسكريين الا اذا ضمنوا اثنين منهم، لذلك مافي مجال لأن يشتغل العسكريون لوحدهم أوالمدنيين لوحدهم، وطبيعة الشراكة التي نعمل من خلالها هي التي تفرض ذلك، وتفترض على الناس أيضاً ضرورة ايجاد سبل للعمل المشترك، بما يحقق أهداف ما تم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية، وماتم تأطيره في الاتفاق السياسي، أنا بفتكر المدنيين والعسكريين اظهروا درجة عالية من الالتزام بقضايا التغيير، واظهروا درجة عالية من القدرة على العمل كشراكة واحدة، وانا بفتكر (دي واحدة من الحاجات المهمة جداً)، الفترة الانتقالية تستدعي تفهم الناس لطبيعة الشراكة التي تمت، حتى تتحقق واجباتها، فالفترة الانتقالية قائمة على هذه الشراكة، والمجلس السيادي مهامه مفصلة، والجهاز التنفيذي مهامه معلومة أيضاً، وهناك اجتماعات دورية مشتركة مابين الجهاز التنفيذي وما بين المجلس السيادي، والقصد منها تعزيز الشراكة السياسية، التي نتجت بموجب الاتفاقيات الموقعة، يجب أن تمضي الشراكة المؤسساتية ما بين السيادي والتنفيذي حتى لا يكون هناك انقساماً بين المؤسسة السياسية والتنفيذية، و(برضو) بفتكر (إنو) الحكومة التنفيذية بقيادة حمدوك والمجلس السيادي أبدوا درجة عالية من النضج السياسي ما مكنهم العمل في اطار موحد وانسجام تام وكامل وهذا لم يكن متوقعاً من بعض الناس بأن لا يكون هناك تنازعاً بين السياسي والتنفيذي.

*مقاطعة.. يعني لا توجد أي بوادر نزاع، أو سيطرة للعسكريين على المدنيين خاصة فيما يتعلق بالعلاقة بينك وحميدتي (الدم بحن للدم)؟

لا يوجد اي نزاع أوخلافات من هذا القبيل، ممكن يحتج دكتور حمدوك رئيس الحكومة التنفيذية، أو أحد وزرائه، ولا اعتقد ان اي واحد فيهم ممكن يسكت اذا تم التغول على سلطاته، و(دا) بتم بوعي وادراك سياسي ونضج وادراك لحساسية الوضع الراهن بتجرد موضوعي، حتى تحقق اهداف الثورة عبر الحكومة الانتقالية، (أما موضوع الدم بحن للدم انا ماسمعت بيهو قبل كدا ودا تماهي غير جدير بالرد عليه).

*مقاطعة (دا) اتهام و(كلام) من عامة الناس والناس بتفترض (إنو) حميدتي استمالك؟

أنا مؤمن بقضايا التغيير في السودان، وملتزم بها منذ زمن طويل جداً، واذا الانسان (ماعندو) القدرة على العمل مع الآخرين في مؤسسة يفترض أن يراجع نضجه السياسي، والانسان إذا غير ملتزم بقضاياه المؤمن (بيها) مثل قضايا التغيير وقضايا الثورة السودانية يجب أن يراجع التزاماته الوطنية، وانا ملتزم بالقضيتين.

*أراك تتجاهل الحديث عن فض الاعتصام؟

انا شديد الحساسية تجاه قضايا العدالة، والعدالة لا تتجزأ، ويجب على السياسيين ان يكونوا حذرين جداً من التأثير على مبدأ احقاق المسئولية القانونية والقضائية وتمكينها بأن تعمل في اطار مستقل، وانا ملتزم تماماً بهذه المبدأ، والسياسي من واجبه أن يضمن وجود لجنة مستقلة أو مؤسسة معنية بالتحقيق حول حادث معين ويوفر الادوات المعينة لهذه اللجنة، لتعمل من غير أي تدخل أو تأثير عليها، وأنا مهمتي كسياسي ومسئول في المجلس السيادي، أتأكد من أن هذه اللجنة ليس هنالك محاولات للتأثير الحكومي عليها، وعلى سير أعمالها، وكذلك مهمتي أن هذه اللجان يجب أن تشكل وتمضي في اتجاهاتها لتحقيق العدالة، وأنا ليس مع الرأي الذي يقول من حق السياسي التدخل في الشان القضائي والأمني، ونحن في دولة ديمقراطية يحكمها الدستور ومبادئ ثورة، وفي نهاية الأمر أنا أعتقد ان اللجنة المسؤولة عن التحقيق تستطيع ان تبين من هو الجاني؟ ومن هو البرئ؟ وعندما ترفع اللجنة تقريرها للقضاء لكل حادث حديث، وانا ليس مع السياسي الذي يسير الضجة والازعاج في بلد يجب ان تقوم على المؤسسية.

* هل قضية الشهداء باتت غير مهمة بالنسبة لكم في المجلس السيادي؟

من ناحية فردية لا يستطيع أي أحد في السودان أن يزايد على إنسانية الناس، أنا بني ادم وشديد الحساسية على حقوق الناس، ولذلك حتى لو الناس حاولت تزايد، أنا بفتكر ما من اللياقة المزايدة على أخلاق الناس وانسانيتهم، وعليه ما من حق الناس اصدار احكام خاصة بهذا الشكل، أما من الناحية العامة واجب المشاركين في المؤسسات السيادية والتنفيذية ان يكونوا متأكدين من ان هنالك لجان تعمل وتم تشكيلها على أسس صحيحة وتعمل في بيئة مستقلة وموفر لها الادوات التي تمكنها من الوصول الى نتائجها بشفافية، كذلك نكون متأكدين على أن النتائج تأخذ طريقها الى القضاء، وكما أسلفت هذه مسئولية السياسي وشاغل الوظيفة العامة في السيادي أو التنفيذي.
(شوفي) يا استاذة ادارة الدولة شيء، وادارة مشاعر الناس شيء آخر، الانسان لما يكون مسؤول في الدولة يجب أن تتوفر فيه شروط رجل لدولة (دا موضوع مهم جدا وضروري).

*كثيراً ما كنت تحذر في مقاطع فيديو تبثها من لندن من عدم وصول الثورة إلى غاياتها ..الآن أنت في السيادي والثورة أصبحت مجرد تسوية؟

أولاً لازم نتكلم عن ماهي اهداف الثورة، وأولها على الاطلاق تحقيق السلام الذي يوقف الحرب ويعالج جذور الازمة في السودان، ثم كتابة دستور يعالج قضايا الدولة وحقوق المواطنة وتوزيع السلطات بين المركز والاقاليم، ثم اجراء انتخابات سليمة وصحيحة للوصول لنظام ديمقراطي يعترف به الجميع وينقل البلد من الشراكة الثنائية الى نظام ديمقراطي مدني، وانا جزء من ملف السلام وكل طاقتي في الستة شهور الاولى سأسخرها لقضية السلام، والسلام هو المدخل الصحيح لمعالجة قضايا السودان الاخرى المتعلقة ببناء نظام ديمقراطي مدني، كذلك كتابة دستور يحقق متطلبات السودانيين، هذه هي مطالب وقضايا الثورة واعتقد حكومة الثورة ستنجزها، في المقابل كل الناس بتكلموا عن الثورة حسب تطلعاتهم، والشيء الذي خلصت اليه الثورة شيء آخر، فلا أحد كان يتصور بأن النظام سيزول وسينتهي الى شراكة بين المدنيين والعسكريين، و أنا ما كنت أتصور واتطلع الى ذلك.

*ماذا كنت تتوقع؟

كنت بتوقع زوال نظام البشير، والشعب السوداني يقرر تشكيل حكومة مدنية انتقالية والعسكر يسلمون السلطة، لكن الثورة انتهت بشراكة أقل من التطلعات هذه حقيقة، ولكن هذا لا يعني أن الشراكة ليس بامكانها ان تحقق القضايا الثلاث الأسياسية التي تحدثت عنها، أنا افتكر اذا فعلاً في نوايا والتزام بالوثيقة الدستورية سوف ينتهي بنا المطاف الى الوصول لسلام دائم وكتابة دستور واجراء انتخابات.

*ماحقيقة الخلافات داخل المجلس السيادي ؟

لا يمكن ان تتصور أن مؤسسة بها 11 شخصاً ينتمون لكيانات مختلفة، واراء مختلفة، ومدارس مختلفة لا يكون بينهم تباين في وجهات النظر هذا أمر طبيعي، والسؤال هل هذه الخلافات سوف تؤثر على الشراكة، في تقديري الناس عندها قدرة من المسؤولية لمعالجة هذه الخلافات مادام أنها ملتزمة بوثائق الفترة الانتقالية.

*هل وجودكم في المجلس السيادي انت وود الفكي مؤقت وهل ستسحبون لصالح الحركات المسلحة حال التوقيع على السلام؟

لا أعتقد.. دائماً الناس عندما يتكلموا عن المجلس السيادي يتحدثوا عن ود الفكي والتعايشي، فالمجلس السيادي به عناصر صلدة من المكون المدني، وتدفع بالتغيير الى الأمام، هناك صديق تاور وعائشة موسى وحسن شيخ ادريس ونيكولا، ولكن دائماً الناس يتحدثون عن التعايشي وود الفكي، كلنا ملتزمون بالتغيير ومطالب الثورة، وان تحقق الفترة الانتقالية أهدافها.

*لماذا تم تأجيل المفاوضات؟

الوفد الحكومي في فترة وجيزة توصل لاعلان جوبا والاتفاق السياسي مع الجبهة الثورة، مشكلة ادارة التفاوض في قضايا الحرب في السودان ما عندها علاقة بعدم معرفة الناس بطرح حلول أم لا؟ هي مشكلة تأريخية، والسؤال ماذا كانت هناك ارادة لتحقيق السلام؟، أنا ملف السلام مسخر (ليهو) نفسي ومنذ أن كنت في الجامعة (بقابل) نشطاء مختلفين لهم علاقة بملف السلام، قضية الحرب الكل ملم بها، وكل قطاعات الشعب السوداني تدرك أبعادها وحلولها فقط تحتاج إلى الارادة من قبل الأطراف المعنية بتحقيقها في أقرب وقت ممكن.

*هل حميدتي هو الشخصية المناسبة لقيادة وفد التفاوض؟

حميدتي او أي شخص آخر في الوفد المفاوض هو جزء من الحكومة، وهذه المسألة غير مرتبطة بالأشخاص، أو المجلس السيادي أو الحكومة، دائما هناك من يحاول أن يقلل من شأن الآخرين، فكل من أعضاء وفد التفاوض له دور من أجل تحقيق السلام، ولكنه ليس دوراً فرديا وإنما يدار عبر مؤسسة، وكذلك غير محصور على المجلس السيادي والحكومة فهناك حرية وتغيير ونازحين وكثير من أصحاب المصحلة.

*ما علاقة المجلس السيادي بالتفاوض..؟

المجلس السيادي هو المشرف على عملية السلام، بحسب الوثيقة الدستورية، وهذه منذ البداية لم تكن مشكلة، بل اتفق المجلس والحكومة على تشكيل مجلس أعلى للسلام يضم أعضاء من الحكومة والمجلس، وهو مسؤول عن الاشراف على عملية السلام على أي حال هو الآن المسؤول عن ادارة ملف السلام.

*الوفد المفاوض ضعيف ولم يجب على شروط الحلو؟

هذا الكلام غير صحيح الحلو لم يطلب مهلة، الثورية هي التي طلبت مهلة، والوساطة رأت تأجيل التفاوض دون ذكر أي أسباب…الوفد ضعيف هذا التقييم غير موضوعي وأنا كما أسلفت الشعب السوداني كله ملم بقضية الحرب والازمات المتشعبة منها ويمتلك حلول، أما الوفد الحكومي فتشكيله كان محل إشادة من قبل المجتمع الدولي فالتمثيل به تنفيذيون (وزراء) وأعضاء من المجلس السيادي وهذا من شأنه إتاحة الفرصة لمناقشة القضايا بالتفصيل واتخاذ القرار بشأنها، لأن الوزراء متفهمين لمطلوبات القضايا ذات الصلة بوزارتهم وقادرين على الاجابة عليها مباشرة والوصول لاتفاق مع نظرائهم المفاوضين من قبل حركات الكفاح المسلح وهكذا!

*أنت مؤيد لرفع الدعم عن السلع؟

تحدثت عن جزئية معينة متعلقة بالعدالة الاجتماعية، فأنا لست ضد دعم الحكومة للمواطنين وإنما معه، وتجدني مؤمن بالنظام الاقتصادي الاجتماعي في السودان الذي يرسي للعدالة الاجتماعية ويمكن الدولة من دعم سلع معينة لصالح قطاعات معينة، الحكومة تدفع أكثر من 75% من ميزانيتها لدعم الوقود والدقيق ويستفيد من هذا الدعم قطاعات محددة جداً لا تتجاوز 12% من العدد الكلي للسكان، وهؤلاء يمثلون الطبقة الوسطى غير المحتاجة للدعم الذي ينبغي أن يذهب إلى القطاعات المسحوقة المحتاجة للدعم والتي ليس لديها مصادر دخل تمكنها من العيش الكريم، أو وظائف تضمن لها رواتب من الحكومة ولذلك أنا انطلق من مبدأ العدالة الاجتماعية وليس رفع الدعم. والحكومة الانتقالية ورثت تركة ثقيلة فعناصر النظام البائد هم الذين يمتلكون السيارات والوابورات والادوات الكهربائية في منازلهم ويتمتعون بالدعم في حين أن الطبقات المسحوقة تعاني وكذلك الحكومة التي مازالت تدعم 80% من وقود السيارات و68% من خبز المواطن في المدن الرئيسية، فالذين يحتاجون الدعم لا يصلهم لأنهم في الغالب بعدين عن سلطة اتخاذ القرار وهذه هي المعادلة المختلة التي يجب أن توزن عبر العدالة الاجتماعية.

*الأزمة الاقتصادية ما زالت مستفحلة؟

الازمة الاقتصادية مازالت موجودة لأن عواملها موجودة، فما لم يتم ضبط الصادرات (الذهب، الصمغ، الحبوب) وتتوقف عملية التهريب، لن نستطيع إحداث موازنة من شأنها ضبط سعر الصرف، فقضية كبح جماح التهريب قضية مهمة والحكومة تبذل جهوداً مقدرة في ذلك، للسيطرة على محصلات العملية الانتاجية وضخها في النظام المصرفي، وغيرها من السياسات التي وضعت بدقة لتجاوز الخلل الاقتصادي والتدهور الناتج بسبب خطل سياسات النظام البائد والتي سارت بالبلاد نحو الطريق المؤدي للهلاك، فالآن تتم تسوية هذا الطريق بفك العزلة الدولية وغيرها من الخطوات التي من شأنها أن تعجل بالحل.

*كنت تمني الناس بواقع أفضل بعد الثورة والآن لا انجاز يذكر؟

أنا مازالت مقتنع بأن السودانيين قادرين على تحويل هذا الوضع الى أفضل والتحول من شعب فقير إلى شعب غني، فالسودان دولة منتجة وبها كثير من الموارد والامكانات كانت فقط تحتاج للاستقرار السياسي أولا، وتحقق الآن باسقاط النظام وليكتمل الاستقرار لا بد من وقف الحرب وتحقيق السلام الدائم، وبالتالي تسخر الميزانية للتنمية والخدمات، وهذا لا يتم بين ليلة وضحاها ولا أحد يستطيع القول إنه سيسقط النظام اليوم وغداً يحول السودان إلى دولة غنية فهذه رحلة مليئة بالتحديات، ولكن اسقاط النظام هو الخطوة الأهم، لأنه يمهد لوقف الحرب ومن ثم ستدخل المناطق التي تدور فيها الحروب لدائرة الانتاج وتسخر الموازنة للتنمية كما أسلفت وتعالج اشكالات السودان فيما يتصل بالعقوبات الاقتصادية المرتبطة تأريخياً بدخول الدولة في حروب ضد مواطنيها، هذا هو الطريق وأنا مازلت مؤمناً تماما بأن المستقبل أفضل .

*حدد لنا المعالجات بشكل أدق؟

مافي معالجات من غير معاناة، ولكن الشعب السوداني هو الذي يقرر وليس سواه، فلا أحد يستطيع أن يملي على الشعب السوداني ما يريده فهو عصي على ذلك، وكما أسلفت الطريق الذي يؤدي الى الحل هو وقف الحرب وتحقيق السلام وحسم (التمكين) وارساء المؤسسية، وكل البلاد التي شابهت أوضاعها أوضاعنا مرت بهذه التجارب من أجل تحقيق النهضة والتنمية فالموضوع (داير صبر).

*لم تحاسبوا الفاسدين أليست لديكم إرادة لذلك؟

المحاسبة التي يتحدث عنها الناس ما ينبغي لها أن تكون محاسبة سياسية بل هي محاسبة قانونية، تقوم على أسس قانونية من شأنها أن ترسي العدالة، ومهتمنا كما أشرت هي بناء المؤسسات العدلية غير الخاضعة للتأثير والموثوق بها، وافراد نيابات متخصصة أو تشكيل لجان أو مفوضيات وغيرها من الخطوات التي تجعل المحاسبة مرتكزة على أسس منهجية، والسياسي ليست مسؤوليته محاربة الفساد من زاوية الحكم القانوني بشكل مباشر لأنه لا يملك أدوات المحاكمة أو منع الفساد، ولكنه إذا رسخ لقيام مؤسسات عدلية وأعطاها الاستقلالية الكاملة يستطيع كبح جماح الفساد عبر هذه المؤسسات المعنية بأمره، ولعل مفوضية مكافحة الفساد ستشكل قريباً، وعلى كل المواطنين الذين يمتلكون أدلة أو ملفات فساد أن يتقدموا بها الى المؤسسات العدلية، فنحن سنودع أي من تحوم حوله شبهة فساد السجن، وكل من ارتكب جريمة في حق هذا الشعب سيحاسب بالقانون وسينال عقوبته.

*كثيرة هي المستندات التي بطرفكم وتكشف فساد عناصر النظام البائد لكنكم تترون خوفاً من تخريب محتمل؟

المجلس يدعم ويتابع المحاسبة، التي هي من صميم مسؤولية الحكومة التنفيذية، (وهم شغالين يشيلو الناس العندهم ارتباط بالنظام السابق ) هذا الموضوع لن يتم بين ليلة وضحاها ويحتاج لزمن، لكن المهم في الأمر هو اعادة هيكلة المؤسسة المدنية في السودان، صحيح وجود عناصر النظام البائد هو أحد العقبات المهمة، ولكن هناك عقبات أخرى كثيرة فالمؤسسة نفسها تداخلت فيها المحسوبية العرقية والمحسوبية السياسية ومعالجة ذلك لا تتم بقرار سياسي وإنما بهيكلة مؤسسات الخدمة المدنية، كذلك هذه المؤسسات متضخمة ولا تظهر التنوع الذي يتميز به السودان وقومية المؤسسات المدنية، وبالتالي لا بد من اعادة هيكلة هذه المؤسسات لتتواءم مع أهداف الثورة.

*هيئة محاميي دارفور أصدرت بياناً إشارت فيه لاستمالة المكون العسكري للمدنيين أعضاء المجلس السياسي؟

مع احترامي لهيئة محامين دارفور وهي هيئة مهنية قامت بأدوار كبيرة، وهذه الهيئة بالتأكيد تعلم وتدرك هذا النوع من الاتهامات وما يتصل بها من اجراءات من حيث الاثبات، فالموضوع (دا) موضوع سياسي وحكاية تماهي تختلف من (زول لآخر)، بمعنى أنا أشتغل في مؤسسة ارتضينا أن نكون فيها بموجب اتفاق والآخر يرى في ذلك تماهياً، وبالتالي هذا (الكلام) المنسوب للهيئة غير صحيح.

حوار: هنادي عثمان الحاج
صحيفة الجريدة