هذه أولويات الخرطوم في اجتماع “أصدقاء السودان”
حددت الحكومة السودانية عشر أولويات للمرحلة المقبلة وطلبت الدعم من أصدقاء السودان للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، وتوقع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك دعم أصدقاء السودان لجهود الحكومة الانتقالية عبر الاستثمار والإصلاح الاقتصادي.
وأكد حمدوك مخاطبًا اجتماع أصدقاء السودان، الذي بدأ أعماله اليوم الأربعاء في الخرطوم، دعم عملية السلام وأهمية وجود مخرج حقيقي لتحقيق السلام.
وأضاف “ليست لدينا أجندة خفية”، ولكنه توقع من الشركاء العمل سويا لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمساعدة في تخفيف عبء الديون. وأضاف “لقد ورثنا تركة ثقيلة من النظام السابق، ولكن الآن البيئة أصبحت مهيأة للإصلاح”.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى التحديات الاقتصادية، وقال إنها كبيرة “الدعم، التمويل والديون، ومن بينها إصلاح القطاع الاجتماعي والخدمة المدنية”. وأكد ثقة الشعب السوداني في حواره مع الأمم المتحدة بأن يثمر بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
واعتبر حمدوك حضور أصدقاء السودان إلى الخرطوم ومشاركتهم في الاجتماع تأكيدا على “الالتزام والشراكة لمناقشة أولوياتنا والتحديات التي تواجهنا وإدارة العملية للوصول للغايات”. وقال “رغم المخاطر، إلا أننا استطعنا إنشاء هياكل الحكومة الانتقالية”.
ورأى أن حكومة السودان حددت عشر أولويات للمرحلة المقبلة، على رأسها السلام وإدارة الأزمة الاقتصادية واستعادة الأصول المسروقة ومشاركة النساء إلى جانب الشباب، إضافة إلى خلق بيئة مواتية للشباب للمستقبل بدلًا من الهجرة محفوفة المخاطر عبر البحر، والحرص على خلق فرص أكيدة لتوظيف الشباب ومعالجة القضايا ذات الطابع الاجتماعي في مجالات الصحة والتعليم وتنمية الموارد البشرية.
وقالت نائبة وزير الخارجية النرويجي ماريان هيغان إنه حان الوقت “كأصدقاء للسودان”، أن نساهم في مساعدته ودعمه اقتصاديا، وأشارت إلى الإنجاز الكبير الذي حققته الحكومة السودانية خلال الأشهر الثلاثة الأولى متمثلة في الإصلاحات بالمراجعة الشاملة للقطاعات والمراجعة في كافة التشريعات ومحاربة الفساد وتأكيد عمق علاقات السودان مع الدول.
وتوقع بيان صادر عن مجموعة “أصدقاء السودان” أن تحدد المناقشات التي تجري اليوم بالخرطوم في اجتماع أصدقاء السودان أفضل طريقة لدعم المجموعة لأولويات حكومة السودان، بما في ذلك عملية السلام ودعم النمو الاقتصادي بما يشمل دعم الصحة والتعليم. وسيمهد الاجتماع لمؤتمر دولي لإعلان التبرعات المقرر عقده في منتصف 2020.
وتشكلت مجموعة “أصدقاء السودان” في يونيو/حزيران الماضي بعد أحداث القيادة العامة التي راح ضحيتها أكثر من 100 معتصم وآلاف الجرحى والمفقودين، وتمكنت بعد أول اجتماع لها في 21 يونيو/ حزيران في برلين من الضغط على المجلس العسكري الذي تسلم السلطة بعد إطاحة نظام البشير لإبرام اتفاق مع المدنيين.
وتضم المجموعة الولايات المتحدة الأميركية، وألمانيا، والنرويج، وبريطانيا، وفرنسا، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وإثيوبيا، والإمارات، والسعودية، ومصر، وقطر.
وانعقد الاجتماع الثاني للمجموعة في واشنطن خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحضور وزير المالية والتخطيط الاقتصادي إبراهيم البدوي، وتم خلاله الاتفاق على إنشاء صندوق لدعم برنامج الإصلاحات الاقتصادية.
وأعلنت واشنطن في الاجتماع أنها بدأت مباحثات مع الحكومة السودانية حول رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
وكان وزير المالية إبراهيم البدوي قد عرض في أكتوبر الماضي خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن المراحل الثلاث للبرنامج الاقتصادي لبلاده التي تستمر حتى العام 2030، وبدأت المرحلة الأولى في سبتمبر/ أيلول 2019 وتستمر حتى يونيو/ حزيران 2020، وتركز على معالجة الوضع الاقتصادي وعجز الموازنة وهيكلة القطاع المصرفي.
وتبدأ المرحلة الثانية في يوليو/ تموز من العام المقبل وتستمر حتى نهايته، وتشمل حشد الجهد المالي لتعزيز الموارد والإيرادات لتصل إلى 10% من إجمالي الناتج المحلي.
كما تؤكد هذه المرحلة ولاية وزارة المالية على المال العام، وتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) والانتقال من دعم السلع إلى دعم المواطنين عبر شبكات الضمان الاجتماعي.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتبدأ مطلع العام 2021 بالتركيز على تقليل الاقتراض من المصارف، وترشيد الإنفاق مع مراجعة بنود الموازنة وإدارة السيولة.
وطالب خبراء اقتصاد في أحاديثهم مع “العربي الجديد”، الحكومة السودانية بالاتجاه إلى الحلول الداخلية لحل مشكلات الاقتصاد بدلا عن الاعتماد على الخارج، وقالوا إن الأنظمة الدولية تحمل الكثير من الاشتراطات ربما ترهن القرار السوداني.
وأشاروا إلى أنه “يمكن أن يحصل السودان على منح لدعم موازنة 2020 ولكنها تستهدف مشاريع بعينها”.
وقال الاقتصادي إبراهيم الزين إن إمكانات السودان الذاتية تسمح بخلق موارد اقتصادية إذا تم تفعيلها يمكنها العبور بالأزمة الراهنة، ودعا إلى تفعيل طاقات الاقتصاد السوداني عبر الشباب وبذل مزيد من الجهود لاسترداد الأموال المنهوبة وإعادة تأهيل المشروعات الرئيسية بالبلاد والإيفاء بمتطلبات السلام لتغطية الصرف الضروري في الفترة الانتقالية والعمل على تحسين الوضع المعيشي.
وبين أن الحلول الخارجية بالنسبة للسودان غير مجدية وغالبا ما تعود بعواقب وخيمة وتغرق البلاد في مزيد من الديون، وشدد على أهمية استفادة السودان من وجود الأصدقاء في الخرطوم والعمل على رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب كقضية أساسية.
ولكن الخبير الاقتصادي محمد محمود اعتبر أنه من الممكن أن يلعب اجتماع أصدقاء السودان دورا أساسيا في دعم موازنة العام المقبل. ولكنه يرى وجود تحديات، أبرزها شروط صندوق النقد والبنك الدوليين المتمثلة في إعادة الهيكلة ورفع الدعم عن السلع اللذين ربما يعقدان المشهد الاقتصادي وتبرز من خلالهما أزمات اقتصادية وسياسية.
العربي الجديد