تحقيقات وتقارير

خطة لإلغاء دعم الوقود تحرم السودانيين من “هدنة الغلاء”


يترقب السودانيون خطة حكومية لإلغاء دعم الوقود بالتوافق مع صندوق النقد الدولي، وسط مخاوف من موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، تبدد آمالهم في الحصول على هدنة من الغلاء المتواصل، الذي ساهم في تأجيج التظاهرات الحاشدة، التي أطاحت بنظام الرئيس عمر البشير في إبريل/نيسان الماضي.

ودعا صندوق النقد، يوم الإثنين الماضي، إلى تحرير سعر صرف الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وإلغاء دعم الوقود بشكل تدريجي، من أجل “إصلاح الاقتصاد المتردي”، وذلك بعد يوم واحد من إعلان الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، عن تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات رفع الدعم عن البنزين والغازولين في موازنة العام المقبل 2020، باعتباره القضية الأساسية في الموازنة. وبحسب إحصائيات حكومية سابقة، فإن قيمة الدعم على المحروقات بجميع مشتقاتها تصل إلى 2.25 مليار دولار سنوياً.

وقال صلاح وهبي، المستشار السابق لوزير النفط، لـ”العربي الجديد”، إن إلغاء دعم الوقود يؤثر سلبياً على المواطنين، ويمتص زيادات الأجور المرتقبة في موازنة العام المقبل 2020، حيث سيؤدي إلى زيادة تكلفة المعيشة، داعيا إلى ضرورة التراجع عن أي خطوة من شأنها تحميل السودانيين المزيد من الأعباء في هذه المرحلة.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن أسعار المستهلكين (التضخم) قفزت إلى 60 في المائة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019. ونقلت وسائل إعلام محلية، في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن مصادر بوزارة الطاقة والتعدين، أن خطة رفع الدعم عن البنزين ستدخل حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني المقبل، برفع سعر الغالون إلى 98 جنيهاً (2.2 دولار) بدلا من 28 جنيها، ما يشير إلى زيادات متوقعة بشكل كبير في أسعار الكثير من السلع، لزيادة تكاليف النقل والتشغيل.

وقال عادل خلف الله، عضو اللجنة الاقتصادية في قوى الحرية والتغيير، إن اللجنة دفعت بملاحظات جوهرية حول مشروع موازنة العام المقبل، منها الرفض القاطع لإلغاء الدعم تحت أي مسمى.

وفي السياق، قال مسؤول بارز في الجهاز المركزي للإحصاء (حكومي) إن رفع أسعار المشتقات النفطية، خاصة الغازولين، سيؤثر على قطاع النقل والبضائع، وبالتالي يرفع تكاليف السلع بشكل عام، بينما يؤثر البنزين على أصحاب المركبات الخاصة وكذلك العاملة في نقل الركاب، ما يجعل المواطنين يدفعون كلفة الزيادة المرتقبة في كل الأحوال.

لكن إسحاق بشير جماع، وزير النفط السابق، قال في المقابل إن هناك ضرورة لتحرير أسعار البنزين كليا، على أن يتم التدرج في تحرير أسعار الغازولين لاعتماد أنشطة كثيرة عليه، مشيرا إلى أن الدعم الحالي مشجع للاستهلاك.

وتبرر الحكومة رغبتها في إلغاء دعم الوقود بالتحكم في النفقات العامة، معتبرة أنه في مقابل الإلغاء التدريجي للدعم ستتم مضاعفة أجور موظفي الدولة.

وقال جماع لـ”العربي الجديد”: “رغم الأثر السلبي لإلغاء دعم الوقود على المواطنين، إلا أنه لم يعد هناك خيار آخر غيره، خاصة أنه ليس لدى الدولة موارد كافية لتستمر في الدعم”.

وتواجه الحكومة تحديات كبيرة، حيث ارتفع عجز المالية العامة من 7.9 في المائة في 2018 إلى 9.3 في المائة خلال العام الجاري، بحسب بيان صندوق النقد. كما انكمش النشاط الاقتصادي العام الماضي بنسبة 2.3 في المائة، ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 2.5 في المائة في 2019.

العربي الجديد