خبيرمالي يحلل تأثير التوترات الجيوسياسية على أسواق النفط
أكد الاقتصادي وخبير المال عمرو زكريا عبده تأثير التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط على النفط أكثر من أي سلعة أخرى لوجود أكبر المنتجين (دول الخليج) بالمنطقة واستيراد أكبر المستهلكين منها (الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، والهند)، بالإضافة إلى وجود أهم المنافذ البحرية لنقل النفط مضيقي باب المندب وهرمز، وأشار في تحليله لأوضاع أسواق النفط عقب الأزمة التي اشتعل فتيلها بالعراق إلى أنه بالرغم من كل التحديات، لم تكن القفزة في الأسعار مستدامة والسبب لوجود لاعب عملاق جديد في أسواق الطاقة وهو قطاع النفط الصخري الأمريكي الذي جعل أمريكا تصدر بكميات قياسية ليصل معدل الصادر اليومي للنفط من أمريكا 4.5 ملايين برميل يومياً، مضيفاً أن المعروض كافٍ لطمأنة الأسواق بكفاية سد النقص الذي يتوقع حدوثه نتيجة توترات المنطقة.
وعن تأثير حدة التوتر على أسواق النفط قال عمرو في تصريح لـ(سونا) إن الأسواق العالمية أصبح لديها مناعة من التوترات الجيوسياسية، وأضاف مردفاً: “نادراً ما نجد الأسواق المالية تتأثر بالحدث السلبي لأكثر من 24 أو 48 ساعة بالكثير لأن البنوك المركزية تستمر في ضخ المليارات من الدولارات في النظام المالي العالمي وتلك السيولة الضخمة هي بمثابة الموج العالي الذي يرفع كل المراكب بغض النظرعن حجمها وجودة أساسياتها”، متوقعاً ارتفاعاً طفيفا للنفط بسبب الاحتياطي العالمي الكبير والمعروض منه الذي يعوض أي احتمال للنقص، مشيراً إلى أنه في حال ارتفاع النفط وفقا لاحتدام الأحداث سيرتفع الين الياباني بقوة وهو ملاذ آمن ويؤثر على الاقتصاد الياباني الذي يعتمد على التصدير ويجعله غير قادر على المنافسة، متوقعا زيادة معدلات التضخم في الاتحاد الأوروبي إذا استمر ارتفاع النفط بشكل مستدام لفترات طويلة وهو يشكل فرصة للبنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة مما ينتج عنه قوة اليورو.
وأشار إلى أن المضاربات دائماً موجودة بأسواق النفط وترتفع بزيادة التذبذب في حركة الأسعار، مضيفاً أن السيولة التي يدخل بها المضاربون لها أهمية كبيرة في توزيع المخاطر على رؤوس الأموال المستعدة للمخاطرة.
وعن اتفاق (أوبك) مع المنتجين دول خارج منظمة أوبك الذي يقضي بنقص الإنتاج بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً قال إنه في حال حدوث مشكلة في إمدادات النفط يمكن تعطيل الاتفاقية مؤقتا للحفاظ على الأسعار في مستويات معقولة، منبهاً إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها احتياطي استراتيجي يقدر بـ 635 مليون برميل من النفط سيلجأ له ترامب خاصة وأن هذا العام سيشهد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، مقراً بأن اتفاق (أوبك) حقق هدفه باستقرار أسعار النفط وفي حالة حدوث توتر فإن الدول تعوض الخلل الناتج من الطاقة الإنتاجية الفائضة، مضيفاً أن ارتفاع سعر النفط يدخل إمدادات جديدة كان ممكن أن تكون غير مربحة في ظل انخفاص أسعار النفط مثال الغاز الرملي في كندا الذي يتميز بتكلفة إنتاج عالية وكلما ارتفع سعره زاد ضخه، متوقعا أن يرتفع سعر النفط في ظل تماسك الأسواق ليتراوح حد المخاطر ما بين 10 إلى 15 دولارا في حالة التوترات الحالية.
وأشار إلى أن حالة ارتفاع التوتر تزيد من المخاطر والتأمين على السندات مما يؤثر على قدرة الحكومات في منطقة الخليج على الاقتراض عدا السعودية و الإمارات وقطر وذلك للاحتياطي النقدي الكبير فيما تتأثر البحرين وسلطنة عمان لارتفاع تكلفة الأعمال، لافتاً إلى ارتفاع أسعار القمح في بورصة السلع العالمية في أمريكا بنسبة 34% منذ مايو 2019 بالإضافة إلى أن العام 2020م شهد ارتفاع الأسهم الأمريكية لرقم قياسي دون وجود مؤشرات محددة أسهمت في ارتفاعه.
وعن تأثير حالة التوترات في المنطقة على السودان قال عمرو إن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الماضية وبنسبة 9.6% خلال العام الماضي في ظل انهيار العملة الوطنية الجنيه يزيد من الضغط على الميزانية ويؤدي لارتفاع أسعار السلع، مبيناً أن أي أرتفاع في أسعار النفط عالمياً من شأنه أن يحدث مشاكل معقدة في السودان، مرجعاً ذلك إلى أن حجم الضغط على الميزانية يرتفع بشكل مباشر نتيجة زيادة السعر العالمي للنفط ويرتفع بشكل غير مباشر نتيجة دعم العملة (الفرق بين السعر الرسمي والموازي) إضافة إلى فاقد ضرائب القيمة المضافة، مما يؤدي لاستنزاف الأحتياطي النقدي من العملة الأجنبية ويفاقم من حركة ضعف العملة المحلية الذي يؤدي بدوره إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطن السوداني، لافتاً إلى ارتفاع الدولار عالميا خلال ال 12 شهرالماضية بنسبة 2.43% وبالتالي فإن شراء الدولة للمحروقات من السوق العالمي يتم بالدولار المرتفع عالميا والجنيه المنخفض داخليا، مطالباً بضرورة تفهم تأثير الأحداث بالأسواق العالمية على شراء السلع المدعومة.
سونا