مقالات متنوعة

صفوف الخبز .. السقوط الكبير!!


أتمنى صادقاً أن يوفق الأخ مدني عباس مدني وزير التجارة والصناعة في إنجاز وعده للشعب السوداني بإنهاء صفوف الخبز خلال ثلاثة أسابيع تكتمل في الثاني عشر من شهر فبراير المقبل.
تظل هذه أمنية عزيزة لكل من يواجهون مشقة الحصول على الرغيف، للصابرين من أبناء الشعب السوداني المرابطين في مشوار الوجع اليومي لإدراك قوت يسدون به الرمق ويواجهون به جيوش الجوع التي لا ترحم، لكل من راعه وأحزنه منظر الشيوخ المسنين والنساء والأطفال و(عيونهم مجروحة الأحداق ذابلة البريق) بانتظار ما تجود به المخابز من مطلوب عزيز ونادر (في انصاص الليالي) أو في (الساعات الأولى من الصباح).
على أيام الأحزاب وفي اسوأ أيام الديمقراطية الثالثة كتبت على (كيس رغيف) كنت أجوب به الأفران بحثاً عن قطعة خبز مجتزأً من أغنية خالدة للفنان الكبير حمد الريح ( رجعت وأسفي في عيوني ودرب الرجعة ما عرفتو)، كان هذا واقعنا في منتصف الثمانينيات وأنا صبي يافع، لا يعقل أن أحمل ذات الأغنية بعد 35 عاماً وأجوب بها مخابز الخرطوم، تخيلوا أن نعود إلى الوراء على هذا النحو المؤسف وأن تظل الرغيفة هاجساً قومياً لحكومات السودان المتعاقبة، أي فشل أكبر من هذا.
مازال الخبز سلعة سياسية في المقام الأول تسقط الحكومات وتتحكم في مصائر البلد، لذا فقد ظلت الأفران والمطاحن ملعباً لتصفية الحسابات بين الأحزاب، هي ساحة لنصب الكمين السياسي وممارسة الصراع دون مراعاة لمصلحة المواطن المرهق بفواتير الهموم اليومية العديدة.
لن ينصلح حال البلد ما لم يتواضع السياسيون على ميثاق لممارسة التنافس ينأى عن استخدام قوت المواطنين كسلاح في معركة الصعود للسلطة.
أحزنني أن البعض أخذ يحسب لمدني في أيام المهلة بانتظار فشله الذي يعني قبل هزيمته وإحراجه كوزير تجويع المواطن وإرهاق الأسر بالبحث عن بدائل الخبز، ألمني أن تكون سلعة بهذه الخطورة ساحة للصراع والتنافس السياسي، مازلت أبحث في ركام السقوط اليومي عن سياسيين عقلاء يفرقون بين مصلحة المواطن وأجندة السياسة، يدركون أن الناس ملوا من ضيق الأفق والتشاكس على حساب احتياجاتهم الأساسية.
سأحترم أي صوت يدعم مدني عباس مدني في سعيه لإنهاء الأزمة باعتباره الوزير المسؤول حتى الآن وإن اختلف معه سياسياً، لا بد من تناول مسألة الخبز كهم قومي، شخصياً أرفض استخدام الرغيف كسلاح لإحراج وإسقاط الحكومات وزيادة معاناة المواطن السوداني الذي يواجه حتفه الآن في معركة الحصول على لقمة العيش.
في المنعطفات الكبيرة أتمنى أن نفعل جميعاً شيئاً من أجل الوطن، بعيداً عن التصنيفات والانتماءات السياسية لا بد للجميع من أفعال كبيرة تتجلى فيها حالة إشفاق على البلد وأهله، السياسة في أسهل تعريفاتها هي (خدمة الناس)، وللأسف هذا آخر ما يفكر فيه السياسيون.
على أهل السياسة والناشطين وأعضاء لجان المقاومة جميعاً الإقبال على إنجاح خطة مدني لإنهاء صفوف الرغيف خاصة من أنصار النظام القديم وأصحاب التجارب المختلفة، افعلوا شيئاً أيها الساسة من أجل المواطن عله يغفر لكم الفشل المزمن في إدارة شؤونه خلال فترات متعاقبة حكم وفشل فيها الجميع، امنحوا مدني فرصة عله ينجح لا تحاربوه قبل أن يبدأ.
على مدني عباس مدني الانفتاح على الجميع لتقبل أي مقترحات تساعده على الحل عبر صندوق مخصص لتقبل الآراء أو ورش ومنتديات ومؤتمرات، المهم افعلوا شيئاً من أجل المواطن عله يغفر لكم..

صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد