محمد عبدالقادر: من الذي سرق الثورة؟!
(من الذي سرق الثورة)، سؤال يقفز للاذهان مباشرة حين تقرأ اعلانا عن مواكب لاستردادها، لا اعتقد ان هذا السؤال يعني الشعب السوداني الذي ما زال يقف علي الرصيف بانتظار قطف ثمار تغيير دفع من اجله الغالي والرخيص وقدم الارواح والانفس والمهج.لن يختلف اثنان علي ان قضية استرداد الثورة شان داخلي يخص (قوى الحرية والتغيير ) ويندرج في اطار نزاعاتها المكتومة وخلافاتها التي لا تخفي علي احد ، واني لا استغرب كيف يزج بالشعب السوداني وتعطل مصالحه علي نحو ما حدث يوم الخميس الماضي بعد ان خنق موكب استرداد الثورة الحياة في العاصمة واوقف الحركة وجعل من شوارع الخرطوم جحيما لا يطاق.علي الذين دعوا لهذه المواكب التي لم تفعل سوى تعطيل حياة ومصالح الناس ان يحددوا العدو المقصود بشكل واضح و يضعوا اصبعهم علي الجهة التي سرقت الثورة ، من هي واين ذهبت بها وبكم ولمن باعتها؟، حتي يكون الشعب السوداني علي علم بمن حاك المؤامرات وسرق ثورته.لا اعلم كيف تكون قوى الحرية والتغيير حاكمة ومتنفذة علي النحو الذي نراه، تعتقل وتستجوب وتتحري وتوقف الصحف وتفصل الموظفين وتعين من تريد من عضويتها ، تفعل كل شئ في الدولة ثم تخرج هي نفسها للتظاهر ضد نفسها في مواكب تحت لافتات عديدة اخرها بلاغ لاسترداد الثورة ما زال مقيدا ضد مجهول اظنه معلوم لقوى الحرية والتغيير وهي تتظاهر ضد نفسها.حالة الانفصام الماثلة في تعاطي قوى الحرية والتغيير مع مجريات الاحداث اليومية تثير العجب والاشفاق والغثثان في ان واحد، قوى حاكمة تتظاهر ضد نفسها ، تستاثر بمجلس الوزراء والجهاز التنفيذي، تناصف العسكر المجلس السيادي وتشارك في وفد مفاوضات السلام ثم تاتي لتنفض يدها عن ما يدور بجوبا في طريفة لا تليق بعقلية رجال الدولة ولا تقاليد العمل السياسي، ثم هاهي الان تعتقل شوارع الخرطوم بعد قيادات الكيزان في سعيها لاسترداد ثورة تري انه تمت سرقتها جهارا نهارا لكنها (تتلولو) في تحديد الجاني رغم علم الشارع السوداني بالكثير المثير الخطر..كان الاجدي لقوى الحرية والتغيير ان تخرج في مواكب للتنديد بالغلاء بدلا عن استخدامها في معركة تعيين الولاة المدنيين التي يحركها سياسيون لا يهمهم سوى التمكين لانفسهم وحصد المواقع والمكاسب علي حساب معاناة ( الشعب الفضل).الحقيقة التي لا فرار منها ان الثورة تحتاج الي (اعادة تصحيح) وان حراستها من السرقة لن تتم الا بالسهر علي حقوق المواطن المغلوب علي امره وتلبية طموحاته في العيش الكريم.تسرق الثورات حينما تنصرف عن تحقيق امال الجماهير التي صنعتها واتت بقادتها الي كراسي الحكم، اخرجوا ضد الغلاء وانصراف حكومة التغيير عن مطالب المواطن الملحة، ثوروا ضد ازمات الوقود والخبز، اغضبوا لان من جاءت بهم ثورة رفعت شعار انهاء المعاناة يفكرون في زيادة سعر الرغيف الان بنسبة 100%، طالبوا بايضاحات حول ما رشح من تفاصيل غريبة في صفقة منح شركة الظافر احتكار الذهب، طالبوا بثورة القانون والعدالة ، اسالوا عن المجلس التشريعي ، اغضبوا علي خرق الوثيقة الدستورية وتعيين وزراء دولة، ولكن ان تخرجوا لاسترداد الثورة او تعيين الولاة المدنيين في مواكب لاصلة لها بمعاناة المواطن فهذا يضعكم ضمن لائحة المتهمين بسرقة الثورة…
صبرا ال (ابو القاسم الشريف)
اسال الله ان يفرغ صبرا علي الاخ الحبيب الدكتور مزمل ابو القاسم رئيس التحرير واسرته المكلومة ويعينهم علي احتمال نصال الحزن التي ظلت تتواتر وتدمي قلوبهم بسهام الاسي والفجيعة والفقد الاليم.
بالامس انضمت شقيقته الصغري (حليمة ابو القاسم) الي مواكب الراحلين الذين قطفهم الموت من افراد اسرة اجتباها الله وخصها بالمحبة والابتلاء الدائم فما لانت عزائمها ولا انهزم عندها الصبر والاحتساب والتسليم.رحم الله والدهم الشيخ الجليل ابوالقاسم الشريف الذي عاصرنا سماحته الوريفة وورعه الوقور في ربوع شندي ، فقد رباهم علي الايمان وزودهم بالتقوى وحصن قلوبهم بيقين وتسليم بالقضاء -خيره وشره _ لا يتوافر الا لاولي العزم من الصالحين المؤمنين( الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون) .
رحلت حليمة علي طريقة الانقياء الصالحين في ليلة مباركة، اودعناها مقابر الصحافة في ليل بالغ الاسي والفجيعة ، من منكم لم يتمني ( ميتة الخميس ودفن الجمعة ) ، انها اشارة لحسن الخاتمة، وقد جاء في الحديث ان من يرحل فيها يقيه الله عذاب القبر.اسال الله ان يصبر الحبيب مزمل واسرته وعائلته الكريمة ، وابناء الراحلة ( احمد ومحمد وصديق وريم) ، اللهم ارحم امتك حليمة واجعلها فى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة، وافرغ علي اهلها اهلها ومحبيها واسرتها صبرا.
ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم …
محمد عبدالقادر
صحيفة اليوم التالي