قصة نجاح ملهمة ومثيرة لسوداني عصامي احرز المركز العاشر في امتحانات السودان
بسم الله الرحمن الرحيم
بتشجيع من الصديق نورين Mohamed Norain أشارككم قصّتي علها تلهم غيري، وبالأخص الذي يظن أن وضعه المادي قد يكون عائقاً أمام تحقيق أحلامه وأهدافه.
في خريف العام 2000م كنت أنا وصديقي طه أبكر Wad Abaker Abaker في المدينة عرب نبني حيطة الأدبخانة (الحمام البلدي لمن لا يعرف) بتاعتنا الوقعت بسبب الأمطار. العصرية ختو لينا صينية الغداء، اتغدينا ورجعنا نواصل شغلنا. أبوي وهو طالع قلت ليه: أبوي الليلة المؤتمر الصحفي وبزيعو نتيجتنا، خليك قريب من الرادي. قال لي: أصلاً الأوائل كلهم بجو من الخرطوم وما بتلقوا فرقة معاهم. رديت ليه: في واحد من مدرستنا متوقعين يزيعوه. أبوي ما اشتغل بكلامي وطلع. بعد انتهينا من الحيطة شكرت صاحبي طه ومشى بيتهم وأنا مشيت استحميت . قبل ما أطلع جاء ود عمي يس آدم Yassin Adam من قريتهم مساعد ريفي طيبة الشيخ عبد الباقي. طلعت وسلمت عليه واتقالدنا قال لي: جيت أحضر معاك النتيجة.
طلعنا مشينا دكان عمو موسى بابلي (موسى الترزي) عشان نحضر المؤتمر الصحفي (عندهم تلفزيون ملون في الدكان ونحن ما كان عندنا واحد في البيت). لقينا حسنو (معلمي وصديقي) وعمو موسى مافيشين، مشو حواشاتهم. خشيت البيت جبت مفتاح الدكان وفتحناه، وقفلنا روحنا من جوة وفتحنا التلفزيون. وصلنا مع بداية المؤتمر الصحفي.
لم بدو يزيعو الأوائل حسيت بقلق رهيب بالذات إنو يس متوقع يسمعني، وتّرني زيادة إنّو الثالث مشترك تلاتة طلاب وأعادو إزاعة الأوائل أكتر من مرة لأنهم كانو كل مرة بنسو واحد منهم وأعتقد هو صديقي د. محمد ممدوح Mohamed Mamdooh. الإعادة دي وترتني شديد، ولم زاعو السابع مشترك وطلعوا 3 طلاب برضو، بديت أشعر بالإحباط. لم المذيع قال العاشر عيسى يحيى أحمد محمد، يس نط فيني وبقينا نصرخ بصورة هستيرية لحدي أولاد عمو موسى جو دقو باب الدكان مخلوعين، يس وراهم إنو عيسى زاعوه في النتيجة، باركوا لي وطلعنا جري على البيت.
لحظة إزاعة النتيجة صادف إنّو أبوي كان في السوق ومعاه أصحابه وجوارهم رادي شغال بصوت عالي. لمن سمع إسمي نط فووق وقعد يكبر وقال :”دا ولدي”، وجرى على أقرب دكان شال كيس بلح وزعو على أصحابه وجيرانو في السوق، وركبو بوكسي صاحبه آدم محمد أبكر (آدم بوش) وجو على البيت.
ونحن داخلين على بيتنا أشوف ليك واحد جاري علينا وخش فيني حضن عميق وقال لي: “أنا حلفت أكون أول واحد يبارك ليك من برا ناس بيتكم”، بعد داك رجع يفتش سفنجتو الاتملصت وهو جاري علينا. دا كان صديقي أسعد عثمان Asaad Othman.
دخلنا البيت والجيران والأصحاب ملو البيت والكل مبسوط ويبارك. أبوي وعمو آدم جو خاشين البيت وأخدت قلدة دافئة مع أبوي وبكيت في اللحظة ديك. بعد الأوضاع هدت شوية سألت أصحابي لو في زول سمع النسبة كم، رد لي واحد إنها كانت 95.1٪. بالنسبة لي دا كان يوم مميز وفتح لي أبواب كتيرة جداً، فالحمد والشكر لله من قبل ومن بعد.
اسمي عيسى يحيى، نشأت وترعرعت في المدينة عرب، وأصولي من شمال دارفور، منطقة تبرا بمحلية طويلة. بسبب الدمار الممنهج لمشروع الجزيرة وتأثر أحوال الأسرة تبعاً لذلك، وكحال الكثير من الأسر الفقيرة في المنطقة، أضطررت للعمل منذ وقت مبكر من عمري لتوفير بعض إحتياجاتي الشخصية وعشان أخفّف على أبوي شوية وما أطلب حاجة هو ما بقدر يوفرها لي. من الحاجات الإشتغلت فيها:
– زراعة البصل (شتل ونظافة لما كنت صغير، ولامن كبرت شوية إشتغلت في القلع والتعبئة.
– عملت باسطة وكنت ببيعها بالقطعة في الشارع قدام البيت.
– اتعلمت أعمل تسالي ومدمس وكنا بنطلع بيه الشارع الرئيسي نبيعه لركاب مواصلات مدني المناقل.
– كنا برضو بنجيب القش بالشوالات من الحواشات ونبيعها في السوق بالمساء.
– اتعلمت الحباكة وتركيب الكلف مع معلمي الترزي حسنو وطلعت منها مصاريف كويسة. ولما يكون المعلمين مزنوقين في الأعياد ومع المدارس، بمشي مدني أجيب ليهم الخيوط والزراير والكلف.
– عملت طعمية وبيض مسلوق. كنت بشيل طبق البيض من والدة صديقي حذيفة Huzayfa Saligia وبدفع ليها بعد أبيعو بالقطاعي، أبوي كان عنده مطعم، بصحى الصباح بدري أرمي الطعمية وأسلق البيض، وأمشي أختها لأبوي في كشكه في سوق المدينة يمشيها مع قدرة الفول، نهاية الدوام برجع بشوف مشى منها قدر كم ونتحاسب. الباقي بلف بيها السوق ساعة ساعتين بتخلص.
– اشتغلنا أنا وود عمي يس في المنقة فترة من الزمن. نمشي المزارع في مدني نجيبها بالمية ونبيعها بالقطاعي في الحلة، بمرور الوقت اتعلمنا نجيب من المنقة جزء مستوي شديد وجزء أقل وجزء أخضر، عشان نقدر نبيعها كلها على كم يوم من غير ما تتلف.
– عملت عصير ليمون مركز وببيعو يوم السوق وكان بدخل لي قروش ما بطالة، وبقيت عندي زبائن ما بسيطين، ودي آخر شغلة كنت مواصل فيها لحدي ما مشيت الجامعة.
قبلوني في جامعة الخرطوم، كلية الهندسة قسم الهندسة الكهربائية والحمد لله اتخرجت بمرتبة الشرف الأولى وبعد سنة اتعينت مساعد تدريس، قبلها اشتغلت مساعد باحث بمركز النيل للأبحاث. في العام 2009 كان مفروض أمشي أعمل ماجستير في جامعة نوتنغهام ببريطانيا بمنحة كاملة، لكن رفضتها لأنو اتعيّنت قبلها بستة شهور مهندس في شركة زين للهاتف السيار والحمد لله قدرت أحل جزء كبير جداً من مشاكل الأسرة المادية وفي وقت قليل، وقررت أواصل في الماجستير البديتو في جامعة الخرطوم. بعد خلصتو اترفعت لوظيفة محاضر. بعد داك فضيت لنفسي شوية واتزوجت في العام 2013 الحمد لله.
بدعوة كريمة من الأخ والصديق د. إسماعيل عبد الرحمن Ismail Abdelrahaman قدمت وحصلت على فيزا سياحية للولايات المتحدة الأمريكية في العام 2015. سافرت أمريكا وقضيت شهر ورجعت السودان. في 2016 تاني قدمت لفيزا سياحية لأمريكا وسافرت، وقررت أزور د. كرار Abdelrahman Karrar (أستاذي بجامعة الخرطوم وزميلي لاحقاً بعد اتعينت مساعد تدريس) في جامعة تينيسي. وهو ما قصر في ظرف يومين لفّفني الجامعة والمدينة وقابلني بالطلاب السودانيين وعمل معاي شغل تسويق جامد للجامعة، وقررت أجي أواصل تعليمي هنا. سألت من المطلوب، رجعت السودان امتحنت GRE و IELTS وقدمت للجامعة وقبلوني وجيت بديت الدراسة نهاية العام 2017، الحمد لله خلصت الماجستير وبمعدل 4.0 وغالباً العام القادم أبدأ الدكتوراه والحمد لله من قبل ومن بعد.
عشان القصة ما تطول كتير سوف أواصل فيها في سلسلة حلقات أسميها (أسماء في حياتي) أذكر فيها ققصي مع الناس القدمو لي مساعدات جليلة ساعدتني كثيراً على تجاوز الكثير من العقبات. أسأل الله العليّ القدير أن يجزيهم عنَّي خير الجزاء.
عيسى يحيى أحمد
تينيسي، الولايات المتحدة الأمريكية.
2020/2/2م
أعجبني مقالك الرائع
تفوقك جميل جدا ،خاصة وإنه جاء في بيئة فقيرة،ولو كان الفقر رجلا لخنقته أولا
وأجمل من ذلك التفوق كفاحك المستمر
فكثير من أوائل الشهادات ،ولكنهم تفوقوا وملاعق الذهب في أفواههم
ونحمد الله كنا من الذين أنعم الله عليهم
قصة ملهمة فعلا وهذا يوضح النجاح ما عايز امكانيات فقط عزيمة وصبر وجلد وانت كنت ولد بار
والدك واصلك طيب واهم شئ والدك عمل علي ترييتك بالمال الحلال وربنا بارك فيك ربنا يوقفقك
كمان وكمان وتكون قصتك دافع للكثيرين ان الوصول الى النجاح والتفوق لا يحتاج اكثر من العزيمة
والاصرار ومهما كانت الظروف تستطيع تتغلب عليها والله المستعان
عفارم عليك رجل بمعني الكلمه.