رأي ومقالات

حقائق وزير المالية وأوهام الناشطين


وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور إبراهيم البدوي يحرص في مختلف المناسبات على إيضاح الموقف الاقتصادي في البلاد بشفافية ونزاهة، وبصورة علمية مدعمة بالأرقام. وعلى العكس من ذلك يعمد بعض الناشطين السياسيين على تغبيش وعي الجماهير من خلال ايراد معلومات، وسبك أرقام، مبنية على أوهام ما أنزل الله بها من سلطان.

وزير المالية في مقابلته مع الصحفي النابه فتح الرحمن شبارقة، والمنشورة بالسوداني الغراء بتاريخ 24-2-2020 قال: الاقتصاد الموازي مسيطر سيطرة كبيرة جداً على الاقتصاد، وأن معظم صادراتنا تهرب أو يتم تجنيبها، وأنه لا بد من تعويم سعر الصرف بصورة كلية ما عدا سعر احتساب الجمارك (الدولار الجمركي)، وأضاف انه يعتقد أن دعم السلع غير صحيح وغير عادل وغير فعال، ويجب التحول من دعم السلع لدعم المواطن. وقال ان السودان ينفق 36% من المصروفات الكلية على المحروقات، لدعم 10% من السكان بأسعار للمحروقات تقل عن كل الدول المجاورة، وعن كل الدول المنتجة للنفط ما عدا فنزويلا.

بالمقابل، وبالموازاة مع هذه التصريحات المسئولة، وفي نفس التوقيت، أدلى عادل خلف الله، عضو اللجنة الاقتصادية بقوى الحرية والتغيير، بتصريحات لصحيفة الانتباهة الغراء أشار فيها إلى أن الميزانية المخصصة للمجلس الوطني في موازنة 2019 في العهد البائد بلغت 680 مليار جنيه. وأن هذا المبلغ المخصص للمجلس الوطني يساوي أكثر من 12 ضعف المبالغ المخصصة لدعم الوقود (37 مليار) والكهرباء (6 مليار) والقمح (8 مليار) والتي تبلغ في جملتها 51 مليار جنيه. ويزعُم أن هذه الأرقام هي حسب كتاب الموازنة لسنة 2019.

لم أصدق عيني وأنا أقرأ هذا الكلام، وعدت لكتاب الموازنة لسنة 2019 فوجدت أن جملة الإيرادات العامة (بما فيها المنح الأجنبية) تبلغ 162.8 مليار جنيه. بينما تبلغ المصروفات العامة 194.7 مليار جنيه، متضمنة دعم السلع الاستراتيجية بمبلغ 51 مليار جنيه.
على ضؤ هذه الأرقام لا يعقل على الاطلاق أن يكون المخصص للمجلس الوطني في العهد البائد 680 مليار جنيه، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المصروفات العامة كلها. كان من المحتمل أن يكون الرقم المذكور خطأ مطبعياً، أو نقلاً غير دقيق من محرر الانتباهة. لكن التفاصيل التي دخل فيها عادل خلف الله جعلتني أوقن بأنه قصد هذا الرقم تحديداً أي 680 مليار جنيه (أكرر مليار وليس مليون يا ناس المالية والاقتصاد).

ذكرني هذا الرقم غير المعقول بأرقام أخرى بثها نشطاء آخرون على أجهزة الاعلام، مثل قول أحدهم أن ودائع مناصري النظام البائد بماليزيا تبلغ 64 مليار دولار. وقول آخر، مصحوب بكشف مطول، يوضح أن جملة ثروات مسئولي النظام البائد تعادل 240 مليار دولار.
هذا تلاعب بعقول الشعب السوداني، وتغبيش للوعي العام، ودليل على ضعف الكفاءة والمسئولية لمن يدلي بهكذا أرقام تجعل كل محاولة للإصلاح الاقتصادي تواجه برفض من الجماهير التي تم خداعها بهذه الطريقة الفجة.

ربنا يعين الأخ وزير المالية، ليس لمعالجة عثرات الاقتصاد فحسب، وإنما لمواجهة تغبيش الوعي الذي تمارسه حاضنته السياسية.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
94597


تعليق واحد

  1. الخلاف مع د. البوي في منهج النيوليبرالية, بمعني التوجه ملاءمته لواقعنا و فهم المدرسة دي انو الحكومة تطلع و تخلي الشعب الغلبان تحت رحمة التجار و الرأسمالية الجشعة و الفاسدة و أغلبهم فلول العهد البائد, بمعني البدوي سيشرعن لهم ما نهبوه,
    و هو يحاول لي دراع الشعب بتقاعسه في الفترة الماضية و خلق الازمات لتمرير سياسته, و تغبيش الوعي هو القول بخلاف دلك. يا أخي بحسب كلام مدني عباس ثلثي الشعب السوداني فقراء – و متعففين.- و داير تطبق اقتصاد حر؟ و طوباوية دعم مباشر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    أما عن الشفافية, لا توجد شفافية في أي أرقام متداولة ي السودان, ليت د, البدوي يخبرنا بحجم الكتلة النقدية المتداولة- نعم المتداولة في أيدي الحكومة و المواطنين, يا أخي عدد السكان فيه خلاف, هنالك اماكن لم تسمع باحصاء سكاني و كلو تخمين, صدقني لا احد يعلم, فكل ما يفعله د, البدوي هو قفزة في الظلام و بي بارشوت روشتة سسترسله و حمدوك الي أضابير التاريخ, والشعب الفقير لن يتحملها.
    لا شك في ضرورة رفع الدعم عن البنزين, و التريث لاجراء معالجات في قطاع المواصلات قبل تحرير الجازولين , لكن هل حسم البدوي الفساد و التجنيب؟ يجب أن يغادر قبل أن يدخل من جحر ضب الي جحر ضب خرب و يغطس حجر حمدوك و حكومته المترنحة. فهو اسوأ ما أنتجته قحت.