نيوزيلندا تحارب الجرذان بزبدة الفول السوداني
تشتهر مدينة ولينغتون، عاصمة نيوزيلندا، بالإنتاج السينمائي ورياحها العنيفة وفنونها الإبداعية وثقافتها، لكن في الآونة الأخيرة لم يعد الكثير من المناقشات التي تجري في تجمعات احتساء القهوة تدور حول الأفلام والفن، ولكن عن كيفية قتل الجرذان وابن عرس وغيرها.
وتقتل الجرذان وابن عرس وغيرها من هذه الحيوانات المفترسة -التي أدخلها جميعا البشر إلى نيوزيلندا- نحو 25 مليونا من الطيور المحلية في البلاد كل عام.
وإلى أن وصل البشر إليها قبل نحو 1250 عاما، لم تكن هناك ثدييات، باستثناء بعض الخفافيش، في الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهادئ. الآن يعاني 80% من أنواع الطيور المحلية من أزمة، ويواجه العديد منها خطر الانقراض.
وفي حين أعلنت حكومة نيوزيلندا خطة طموحة لجعل البلاد بأكملها خالية من الجرذان وابن عرس بحلول عام 2050، فإن الجماعات الشعبية الهادفة إلى القضاء عليها تبذل جهودا بأيديها، وتبرع أحد منتجي زبدة الفول السوداني بدلاء منه لاستخدامها طُعما للجرذان.
وأصبح إعداد الفخاخ للإيقاع بهذه الحيوانات نشاطا رائعا، ولم يعد فقط من اشتعلت رؤوسهم شيبا هم من يضعون المصائد في أفنية منازلهم، بل والعائلات والمتقاعدون والجميع.
أمهات
ويقول دان هنري، من المجموعة الشعبية “بريداتور فري ميرامار”: “لقد انضم إلينا تجار، وبيننا محاسبون، ولدينا أمهات يعملن في منازلهن، وآباء يمكثون في المنازل؛ لدينا نظام تحديد مواقع ومن بيننا لاجئون“.
وأظهر استطلاع حديث أجراه مجلس المدينة أن ثلثي سكان ولينجتون يشاركون في أعمال إخلاء المدينة من الحيوانات المفترسة، أو يرغبون في المشاركة.
وانتشرت عشرات المجموعات الشعبية لصيد هذه الحيوانات في كل ضواحي ولينجتون تقريبا، وتعقد اجتماعات منتظمة لبناء وضبط الفخاخ.
ويقول جيمس ويلكوكس، مدير مشروع بريداتور فري ولينغتون إن “مشروعنا يدور حول تغيير النظام؛ مما يدل على أنه في مواجهة التدهور البيئي العالمي واسع النطاق يمكن لجماعة من الناس أن تكرس جهودها لتغيير الاتجاه”.
وأصبحت نتائج عمل المجموعات المجتمعية مرئية؛ فطيور البطريق الزرقاء الصغيرة تبني منازلها على الواجهة البحرية الداخلية للمدينة، وتصيح ببغاوات الكاكا بصوت عال حول مبنى البرلمان؛ ويمكن سماع أصوات طيور التيوي بنقراتها المميزة في جميع أنحاء المدينة.
وستصبح ضاحية ميرامار المورقة، التي تقع في شبه جزيرة ويحيط بها ساحل صخري ومنحدرات شديدة الانحدار وشواطئ رملية، أول منطقة حضرية قتلت آخر الجرذان بها.
ويقول دان هنري “لم يتم تجريب القضاء على كل جرذ وابن عرس في منطقة حضرية قبل ذلك أبدا”.
وبدأ هنري وفريقه توزيع المصائد المرقمة المجانية قبل عامين، وسرعان ما بدأت المنافسة. الرسائل الحماسية على صفحة المجموعة على فيسبوك سرعان ما بدأت تظهر جنبا إلى جنب مع صور الجرذان المقتولة.
وبينما تساءل بعض أعضاء المجموعة عما إذا كانت الصور الفوتوغرافية ضرورية، يعتقد هنري أن لديها غرضا. ويقول “رأيي هو أنها تتيح للناس الاحتفال بالنجاح والتباهي، نحن كائنات محبة للتنافس، ويحفز الكثير منا التنافس الودي داخل المجموعة”.
شركات محلية
وبعد فترة وجيزة، بدأت شركات محلية المشاركة، وتبرع أحد منتجي زبدة الفول السوداني بدلاء من المنتج اللذيذ لاستخدامه طُعما، وعرضت المقاهي المحلية تسليم روادها “القليل من طُعم الفئران” كهدية منفصلة بعد حصولهم على مشروب القهوة .
وتقول كيلي ريفز من “بريديتور فري ميرامار”: “تعد عملية الاستئصال الخاصة بنا أكبر عملية استئصال حضري في نيوزيلندا، وربما واحدة من أكثر هذه العمليات تعقيدا في العالم”.
وفي يوليو/تموز الماضي، وضعت المجموعة أكثر من ستة آلاف مصيدة في منطقة يعيش فيها عشرون ألف شخص ويعملون ويلعبون.
وتقول “حققت المرحلة الأولى من عملية الاستئصال الخاصة بنا (نجاحا كبيرا)، حيث تمكنا من القضاء على أغلب الجرذان”.
وتوضح بالقول “نحن نعمل الآن في منطقة مجهولة، ونتعامل مع فئران ذكية فردية هربت من مصائدنا حتى الآن”.
ولا تزال المجموعة تأمل الحصول على كل جرذ أخير وتصبح خالية منها في عام 2020.
الجزيرة نت