تحقيقات وتقارير

السودان :إغلاق المدارس وضوابط بالمساجد والحدود لمنع “كورونا”


اتخذت السلطات الرسمية في السودان، حزمة من الإجراءات الاحترازية للحد من تسجيل إصابات جديدة بفيروس “كورونا” وسط المواطنين، بعد الإعلان يوم الجمعة عن وفاة مصاب بالفايروس، وشملت الإجراءات إغلاق المدارس والجامعات وتأجيل امتحانات الأساس، وقفل المسابح، وتعليق المؤتمرات وضوابط لأداء الصلوات في المساجد والكنائس، ومنع نصب سرادقات العزاء، وتجنب الزحام، وتجهيز مراكز للعزل، وإنشاء نقاط صحية على المعابر الحدودية.

وكان السودانيون عاشوا السبت، صبيحة الإعلان عن تسجيل أول وفاة بمرض “كورونا”، يوما حذرا، أبرز ما ميزه، غياب الازدحام بمواقف المواصلات العامة وقلة الحركة حيث بدت الشوارع العامة شبه خالية، وشهدت الصيدليات طلبات متزايدة للكمامات التي يتعذر الحصول عليها إما لعدمها أو لغلاء سعرها. وفيما شاب الحذر العام بعض الخوف والقلق، قلل استشاري الطب النفسي د. عادل محمد عبدالرحيم، في ورشة التوعية بفيروس كورونا للإعلاميين التي نظمتها وزارة الصحة ولاية الخرطوم بإشراف الوزارة الاتحادية بمباني الوزارة اليوم السبت، قلل من خطورة وباء كورونا، لافتاً إلى أن المرض ليس بالخطير بالصورة التي يتم الترويج لها .

وقال إن هناك حالة رعب غير عادية وسط المواطنين السودانيين باعتبار أن كورونا هي حرب بيولوجية واصفا جهل المواطن بالمرض بأنه أسوأ شيء قد يواجه مكافحة الوباء، مشددا على خطورة العامل النفسي للمرض مما يتطلب التخفيف من حدة الذعر لإنجاح المكافحة والحد من انتشار الفيروس وسط المواطنين، مشيرا إلى أن الدعم النفسي للمصاب يساهم في شفاء الحالات بنسبة 25%.

ولم تخف وزارة الصحة قلقها من انتشار الشائعات، حيث دعت وسائل الإعلام إلى التعامل مع المعلومات الرسمية فيما يخص ملف “كورونا”، قاطعة بأن ولاية الخرطوم هي خط الدفاع الأول أمام التصدي لفايروس كورونا وطالبت الإعلام بعدم التهويل. وأكدت على ضرورة الالتزام بالمعلومات الرسمية الصادرة عن الوزارتين الاتحادية والولائية، نافية وجود أي وصمة اجتماعية لمريض كورونا .

ووجه مجلس الوزراء المصغر الجهات الأمنية بدعم وزارة الصحة لتنفيذ إجراءات الحجر الصحي بمراكز العزل والإيواء لعزل وفحص المخالطين الرافضين الخضوع للإجراءات المحجرية. وبحسب بيان الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح فإن المجلس دعا خلال اجتماع طارئ عقده اليوم لمناقشة توصيات اللجنة التنسيقية العليا للتصدي لوباء الكورونا، إلى الاستفادة من المستشفيات العسكرية بالمركز والولايات كمراكز للإيواء ولتقديم الخدمات العلاجية.

وأصدر مجلس الوزراء المصغرعددا من القرارات شملت: إغلاق رياض الأطفال والمدارس السودانية والأجنبية والخلاوي والمعاهد الدينية بجميع المراحل لمدة شهر.، ووقف المهرجانات والمعسكرات وفصول التقوية. وتأجيل امتحانات شهادة الأساس في الولايات التي لم تجر فيها لموعد يحدد لاحقا.

وفيما أبقى على امتحان الشهادة السودانية في موعده ما لم يصدر قرار آخر، قرر إغلاق جميع الجامعات والكليات والمعاهد العليا ومؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والأجنبية لمدة شهر ووجه المجلس الوزارات و الوحدات الحكومية والخاصة باتخاذ التدابير الكفيلة بتقليص الازدحام في مواقع العمل، وباتخاذ إجراءات وضوابط صحية إضافية بالسجون ومراكز الإصلاح وقرر منع التجمعات العامة في الأفراح والأتراح والمناسبات العامة، وتشديد الرقابة على الأسواق العامة وضبط أسعار المواد التموينية و المستلزمات الطبية وغير الطبية وإجلاء المواطنين السودانيين العالقين بالمعابر مع جمهورية مصر العربية عبر معبر أرقين وإنشاء معسكر إيواء مؤقت وإجراء الفحص الطبي بواسطة فريق طبي متكامل.

من جهتها، دعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الائمة بالبلاد لتقصير المدة التي يقضيها المصلون في المساجد تفاديا للازدحام ومنعا لانتشار جائحة الكرونا واصدرت الوزارة تسع توجيهات جديدة لمنع انتشار فيروس كورونا، تضمنت تقليص الوقت بين الآذان والإقامة والصلاة بقصارالسور والإيجاز في خطب الجمعة والتخلي عن إقامة سرادقات للعزاء تجنبا للازدحام.

وقال وزيرالشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح في بيان قراءه من منبر (سونا)، السبت ان علي الأئمة التقصير في الصلوات وذلك بالاكتفاء بآيات قليلة مما تيسر من كتاب الله أو قصار السور وان على المصلين المباعدة بين الصفوف لما يزيد على المترونصف المتر حيث ثبت علميا ان انتقال فيروس الوباء يكون في مسافة متر بين المصاب والضحية الجديدة و دعا الوزبر قادة الكنائس بالبلاد الى التسريع في الصلوات في الكنائس والمعابد منعا للازدحام والتجمعات و ان على الآباء من المطارنة الآرثوذكس الاجتهاد في كيفية تفادي طقوس التناول في صلواتهم تحوطا من انتقال العدوى.

ودعت جماعة أنصار السنة المحمدية على لسان أمينها العام الدكتور عبد الله أحمد التهامي الأئمة و الدعاة إلى إحياء سنة القنوت لرفع البلاء، والالتزام بالتوجيهات التي تصدر من جهات الاختصاص لتفادي انتشار المرض. وفي كسلا، أعلنت حكومة الولاية عن تدابير وإجراءات احترازية لمنع دخول فيروس كورونا عبر الولاية وذلك بإحكام السيطرة على المداخل والمخارج من خلال وضع نقاط صحية في كل المعابر الحدودية مع دولتي إثيوبيا وإريتريا (حمداييت ـ عواض ـ القرقف ) .

وأعلنت وزارة الصحة بكسلا عن إقامة مراكز للعزل في ود الحليو ومستشفى عواض، كما خصصت نقاط توعية بالسوق الشعبي . وقالت مديرة عام وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية المكلفة الدكتورة إيمان محمود العوض إننا توقعنا دخول الحالات من دول الجوار إلا أنها وصلت للبلاد من الإمارات وتوفيت مؤخرا وأن زوجته من مواطني ولاية كسلا كانت في استقباله ومرافقه أثناء المرض ومن ثم مخالطة كل من كان حاضرا في المكان . وأضافت أن أي شخص تواصل مع المريض يعتبر مشتبها به ويجب عليه عزل نفسه والتواصل مع إدراة الوبائيات بالوزارة حالة ظهور أي أعراض للإصابة بالمرض الذي ليس له علاج محدد .

من جانبه، قال والي كسلا المكلف اللواء ركن محمود بابكر محمد همد لدى ترؤسه الاجتماع الموسع الذي ضم لجنة أمن الولاية والوزارت والمنظمات العاملة في المجال الصحي بالولاية إن الاجتماع استعرض موجهات وزارة الصحة بالولاية والتدابير التي يجب العمل بها والتي منها إقامة مقرات للعزل والمتابعة والوقوف علي خطة الطوارئ الصحية وتفريغ الكادر الطبي للرصد والمتابعة . وقال الوالي إن ولاية كسلا ولاية حدودية وتحتاج إلى كثير من التدابير في هذا المجال وأن الاجتماع خلص إلى تكوين لجنة تضم كل المعنيين تقوم بأدوار مختلفة في الجانب الصحي والأمني والوقائي وتثقيف المواطنين عبر المنابر الدعوية والبرامج الإعلامية عن كيفية التعامل مع المرض ومتابعة كل الحالات المشتبه بها .

وأمن الوالي على الدور الذي يعول على كلية الطب جامعة كسلا وكوادرها مطالبا المنظمات العاملة بالولاية خاصة معتمدية ومفوضية اللاجئين أن ترمي بسهمها خاصة معسكرات اللاجئين . كما طالب الوالي المحليات ولجان التغيير والخدمات بإقامة عمل مكثف في إصحاح البيئة لمنع انتشار المرض داخل المدن والتجمعات السكنية وتوصيل المعلومة بالإضافة إلى الدور الذي يعول على الشباب والأندية الرياضية في هذا الجانب . ووجه الوالي القادمين للولاية والخارجين منها بمنع الاكتظاظ في محطات السفر كإجراء وقائي واحترازي منعا للإصابة خاصة وأن الإمكانات دون المستوى المطلوب.

ورياضيا وجهت وزارة الشباب والرياضة الاتحادية اليوم بإقامة الفعاليات الرياضية دون جمهور، وتأجيل بطولات الجمهورية والمؤتمرات والفعاليات الشبابية وإلغاء سفر الوفود والبعثات إلى الدول الموبوءة إلى حين إشعار آخر. وطالبت الوزارة الاتحادات الرياضية المنظمة للفعاليات بضرورة اتخاذ قرارات في مواجهة مرض كورونا بإقامة المباريات والفعاليات الرياضية دون جمهور. كما وجهت الاتحاد العام للسباحة وعبره الاتحادات الولائية بتوجيه جميع المسابح الخاصة والعامة بإيقاف نشاطاتها إلى حين إشعار آخر.

من جانبها حظرت وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم الزيارات إلى الدور الإيوائية ابتداءً من اليوم الرابع عشر من الشهر الحالي ولمدة اسبوعين مع استمرار قبول التبرعات والهبات احترازا من مرض كورونا ووجه مدير عام الوزارة الأستاذ ناظم حسن سراج خلال اجتماعه صباح اليوم بدار الطفل اليتيم بالمايقوما. مديري الدور الايوائية بضرورة الالتزام بالاشتراطات الصحية للعاملين بالدور الإيوائية مع الاهتمام بالنظافة اليومية لكل العاملين بالدور ، مع تعقيم العنابر وغرف الأطفال بالدور كافة. .

وخصصت ولاية الجزيرة مركزا مهيأ للعزل خارج مستشفي مدني التعليمي، كما أطلقت برنامجا متكاملا للتثقيف الصحي لرفع وعي المواطنين ودعا د. إيهاب عبد الله التوم المدير العام لوزارة الصحة بولاية الجزيرة في تصريح لـ(سونا) المواطنين المصابين بأمراض الجهاز التنفسي العلوي إلى أهمية استخدام الكمامات.

وفيما تناقل ناشطون الرسائل التوعوية عن وسائل الوقاية من الإصابة بالمرض، قالت د. نجوى يحيى مدير الإدارة العامة لتعزيز الصحة الاتحادية في ورشة التوعية بفيروس كورونا للإعلاميين التي نظمتها وزارة الصحة ولاية الخرطوم بإشراف الوزارة الاتحادية بمباني الوزارة اليوم السبت إن العدوى بفيروس كورونا لا تنتقل عبر الهواء بل عن طريق رزاز المريض، مشيرة إلى عدم وجود علاج للمرض حتى الآن ولكن يتم العمل على تخفيف الأعراض مثل الحمى والصداع . وطالبت د. نجوى الجميع بتحمل مسؤولية مكافحة الوباء ومنع انتشاره مشددة على أهمية التوعية وسط المواطنين فضلا عن أهمية دور الإعلام في التوعية كدور أساسي، واصفة ولاية الخرطوم بأنها خط الدفاع الأول لمواجهة الوباء.

من جانبها، أكدت د. يسرا محمد عثمان نائب المدير العام لوزارة الصحة ولاية الخرطوم أن نسبة خطورة كورونا لا تتجاوز 16%، واصفة نسبة الإماتة بالفيروس بالضئيلة جدا ولا تتعدى 2,1% وأن انتشار المرض على بعد 6 أقدام، وطالبت يسرا الإعلام بمراعاة الجانب النفسي باعتباره أهم عنصر في نقل المعلومات والتخفيف من حالة الهلع والخوف الذي يعايشه المواطنون هذه الأيام.

ولفتت د.جواهر محمد عبدالرحمن مدير إدارة تعزيز الصحة ولاية الخرطوم إلى أهمية الشراكات في تمليك المعلومات للمواطنين وتصحيح المغلوط منها، مشيرة إلى اختلاف أعراض فيروس كورونا عن الأنفلونزا العادية . واستعرضت مدير إدارة الإعلام والتثقيف والاتصال أماني أحمد في العرض الذي قدمته طرق الوقاية والانتشار وأعراض الإصابة بكورونا، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يظهر فيها فيروس كورونا في العالم حيث ظهر سارس في العام 2015 ولكن هذا العام ظهر بشكل جديد ومطور مؤكدة على ضرورة اتخاذ إجراءات الحماية الشخصية وتوصيل الرسالة لجميع الناس والوصول إليهم. وأعلنت وزارة الصحة الاتحادية في تعميم صحفي أنه لم تسجل أي حالات للإصابة بفايروس كورونا بالسودان اليوم السبت 14 مارس 2020م حتى الساعة 4 مساء.
تقرير: عمار سليمان
سونا