بعد عام من سقوط البشير .. ما الذي تغير في السودان؟
فيما لا يزال السودانيون يتلمسون طريق العبور ببلادهم إلى بر الأمان بعد 30 عاماً تحت قبضة نظام الرئيس السابق عمر البشير؛ مر عام على سقوط عرش “إسلاميو السودان”، وسط حزمة أزمات موروثة تحاول حكومة “الثورة” الخروج منها مدعومة بآمال الثوار وبزوغ شمس الحرية.
وقاد السودانيون ثورة شعبية في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، أسقطت نظام البشير الذي استمر لـ30 عاماً (1989 – 2019)، لكن لا تزال حكومة الائتلاف بين المدنيين والعسكريين، التي تقلدت السلطة في شهر أغسطس/آب الماضي، تسعى ببطء لتفكيك عناصر النظام السابق من مؤسسات الدولة التي تحولت تحت ذريعة “التمكين” إلى أفراد التنظيم الحاكم.
ويرى غالبية السودانيين إنه إن لم تتحقق أحلام ومطالب الثورة؛ فرحيل البشير ونظامه نعمة تغطي على نواقص فعل الحكومة الانتقالية، ويرددون “الجوع ولا الكيزان” في إشارة إلى نظام البشير.
كرامة الإنسان
ويعدد عمرو شعبان، القيادي بقوى الحرية والتغيير، التي قادت احتجاجات الثورة، وأطاحت بنظام البشير في 11 من شهر أبريل/نيسان، التغيرات الجذرية التي تحققت بعد “ثورة ديسمبر”؛ قائلا “إن عودة احساس الكرامة للإنسان السوداني هي أبرز التغييرات”.
وأكد شعبان لـ”إرم نيوز”، أنه “لا مجال للعودة إلى الوراء مرة أخرى سواء أكانت عبر محمولات إقليمية أو إعادة إنتاج النظام الإسلامي بلافتات جديدة لأن هذا تم سداد فاتورته بدماء الشهداء”.
وأفاد شعبان، وهو عضو إعلام قوى الحرية والتغير؛ أن “النموذج الحديث للثورة هو أن السودانيين قادوا حراك الثورة بأنفسهم، وأن الجماهير حركت نفسها بقيادة أفقية دون زعيم أو ملهم”. موضحا أن “الملهم الوحيد هو الوطن، والبطل الوحيد في الثورة هو السودان وتحرره واستقلالية شعبه وهذا أعاد إنتاج مفهوم الوطنية التي سعى نظام الإسلاميين لوضعها في (سياج) حكمه واختزل الدولة والمواطنين في نظامه”، لافتا إلى أن “عاما مضى على انتصار الثورة لكن الثورة لا تزال مستمرة”.
أوقفت النزيف
ويذهب أستاذ القانون الدولي بالجامعات السودانية، صلاح الدومة، إلى أن “رحيل البشير ونظامه من أكبر الإنجازات التي تحققت لكونه رجلا ظالما يشهد له بذلك أنصاره قبل معارضيه”.
ويقول إن حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، “أوقفت نزيف البلاد والقتل المجاني من جهاز الأمن على مواطني السودان في دارفور”، وفي الاحتجاجات، وفي “بيوت الأشباح”، وتحت ذرائع الحوادث المرورية، وأخطاء الأطباء، والاختفاء القسري لتصفية الخصوم.
وأفاد الدومة في حديثه لـ”إرم نيوز”، أن “الحكومة الانتقالية ورثت الأزمات الحياتية الحالية من نظام البشير، لكنها أوقفت وقللت تفاقم تلك الأزمات وشخصت أسبابها وتحاول حلها”.
وقال إن حكومة حمدوك “حلت مشكلة السيولة في المصارف بعد أزمة طويلة في عهد النظام السابق”، مضيفا أن “حكومة الثورة منحت الشعب الحريات، وأنه بإمكان أي مواطن أن يتحدث ويعبر عن نفسه دون خوف من الملاحقة الأمنية مثلما فعلت حكومة البشير طوال الـ30 عاماً الماضية من تكميم الأفواه”.
وأقر الدومة، بأن الوضع “لا يزال صعبا”، لكن الأمل موجود برغم أن الحكومة الحالية لم تفعل شيئا يذكر في تفكيك نظام البشير، وفق تعبيره.
وعلى صعيد علاقات السودان الخارجية التي كانت تعاني عزلة بائنة؛ يرى الدومة أن السودان تحول تحت حكومة حمدوك من “بغيض إلى وضع جيد في العلاقات الخارجية، وأن الأمم المتحدة صنفت السودان اجتماعياً كثاني دولة من حيث العلاقات الخارجية وصنفت الثورة السودانية بأنها ثالث ثورة عظيمة في العالم”.
وأشار إلى أنه في أزمتي الخبز والوقود على الأقل وصلت الحكومة لجوهر القضية والمشكلة، وقال: “على الأقل لم تتفاقم الأزمة، الطريق طويل لكن يوجد تحسن، التغيير جذري وأمل التقدم موجود”.
حريات متاحة
ويرى الخبير الأمني، الفريق عثمان بليلة، أن نظام البشير وضع السودان تحت قبضة أمنية طوال الثلاثين عاماً من حكمه، وقال إن جهاز الأمن السوداني “كان المسيطر الوحيد على جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى حين قيام الثورة التي حررت الشعب من هذه القبضة الصعبة”.
ويقول بليلة لـ”إرم نيوز”، إن الحريات الآن متاحة بقدر حاجة الشعب لها. مضيفا أن “الشعب السوداني مرتاح الآن بالحريات المتوفرة بكثرة”، لكن هنالك تخبط في إدارة الأزمات الاقتصادية والسوق مرده الفترة الطويلة التي أحكم فيها الإسلاميون القبضة على الدولة السودانية.
ويعتقد الخبير الأمني، أن “التغيير الحقيقي يحتاج لوقت طويل، لكن نتمنى عبور البلاد إلى الأفضل”.
“يخنق الاستثمار الخاص”
الناحية الاقتصادية لا تزال تشكل هاجساً لدى السودانيين لجهة استمرارها بين عهدي البشير والحكومة الانتقالية؛ حيث يقول الخبير الاقتصادي، هيثم فتحي، إن “بقاء السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب ما زال يخنق الاستثمار الخاص ويمنع تخفيف الديون من جانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية والمصرفية الدولية”.
ويرى فتحي في حديثه لـ “إرم نيوز”، أنه “لا يزال هناك ارتفاع مستمر وكبير في الأسعار مقرونا مع اتجاه الحكومة الانتقالية لإلغاء الدعم عن الوقود والخبز خاصة وأنها بدأت العمل فيه بخطوة أولى (الوقود التجاري) وزيادة سعر الخبز للضعف”.
وأشار إلى أن معدل التضخم في البلاد بلغ 64% مما جعل المستوى العام للأسعار يزيد بمعدلات أسرع كثيراً مع نقص في الخبز والوقود والدواء، فضلا عن زيادات حادة في الأسعار، مما جعل الاقتصاد السوداني مضطربا منذ الثورة، التي وعدت بأن الموازنة تهدف إلى الإصلاح المؤسسي وتثبيت الاقتصاد الكلي بما في ذلك خفض التضخم واستقرار سعر الصرف ورفع معدل النمو الاقتصادي.
ويذهب فتحي إلى أنه برغم مرور الربع الأول من عمر موازنة العام الحالي “لم يتحقق أي من تلك الأهداف وليس هناك أي بوادر لتحقيق تلك الأهداف”.
ملامح سياسية غير واضحة
ويرى المحلل السياسي، مجاهد بشير، أن المتغير الرئيس بين نظام البشير السابق وحكومة الثورة السودانية، هو اتساع مساحة الحرية سواء السياسية أو الدينية أو حتى الاجتماعية.
لكن يرى أن “الملامح السياسية للمستقبل تبدو غير واضحة المعالم بالكامل في ضوء الأزمة الاقتصادية والمتغيرات غير المتوقعة مثل أزمة فيروس كورونا، كما أن الأزمة الاقتصادية الموروثة زادت عمقا وخطورة، ما ينذر بالدخول في دائرة من عدم الاستقرار”.
وحول تحقيق السلام وإيقاف الحرب، يقول بشير لـ “إرم نيوز”، أنه بالمعنى التقليدي فقد مثل التغيير الذي حدث، بمشاركة قطاعات واسعة فئويا وجغرافيا وسياسيا فرصة كبيرة لإنهاء الحرب، لكن السلام بمعناه الشامل الواسع يرتبط بمفاهيم التنمية والاستقرار الاجتماعي، وللمفارقة، فبينما يبدو سلام الجيوش المتحاربة قريباً وممكناً بل مرجحاً، ما لم يحدث متغير جوهري في المركز، يبدو السلام بمعناه الواسع بعيداً.
ويذهب مجاهد وهو صحفي أيضاً، إلى أن “التغيير الذي حدث عكس أحلام الشارع والشباب في تغيير حياتهم اليومية نحو الأفضل، وأحلام المهمشين في السلام والعدالة، وأحلام النازحين في العودة لديارهم، وأحلام المثقفين في الحرية والنهضة والمشاركة”. ولكن “كل هذه الأحلام تحتاج عملاً حقيقياً ومشروعاً وطنياً واقعياً بقيادة فذة لتحقيق هذه الأحلام، وهو المشروع الغائب ما يزال، سواء على مستوى الاستراتيجية والرؤى، أو الأدوات والعوامل المساعدة، أو التنفيذ”.
المصدر: يحيى كشة – إرم نيوز
الحمدلله علي زوال حكم بنى كوز تجار الدين الذين سرقوا ونهبوا وقتلوا وقسموا البلاد وتنازلوا
عن حلايب وشلاتين لمصر ودمروا كل شئ جميل فى بلادنا واصبحنا دولة منبوذة وفقيرة
رغم الامكانيات الكبيرة بعد زوالهم ان شاء الله نتغلب علي الصعاب الموروثه من بنى كوز