(شوف يا مدير أنا أبقى خروج نهائي خلاص)؟
أيام اقامتي بالسعودية قبل سنوات مضت، كان لي صديق هندي يحلو الأنس معه، مع خفة دمه وبداهته فهو صاحب حكمة لايخطئها العقل.
باع كل مدخراته وضحى بالقليل والكثير من أجل أن يشتري فيزا، ويحضر إلى العمل بالمملكة السعودية بعد أن ترك عائلته الصغيرة التي كان لايقوى على فراقها ساعة، حالماً بأنه سيعود لهم بالكنوز والأموال والجواهر يبني بنها مملكة وعزاً في أرض الهند.
عندما وصل إلى أرض الاحلام المفترضة، اصطدم صاحبنا بواقع مرير، أمر مما كان فيه، لم يخطر أبداً بباله!
فمن سوء حظه أن وقع في يد كفيل جشع ليست له ساعات محددة للعمل فهو يعمل ليل نهار وتحت أي ظرف وزمان ويتقاضى نهاية الشهر بالكاد ٦٠٠ ريال، ولايوفر له غير السكن.
لم يكمل صديقنا العام بعد، وبدأ يندب حظه التعيس وأن مشروعه الذي خطط له وفارق أهله وضحى من أجله لايستحق كل ذلك، وأن جميع الأحاديث والأمنيات التي حدثه بها أصحابه عن جدوى الاغتراب كانت كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده!
ففي آخر نهار يبدو قد فاض به الكيل، و ضرب فيه الأخماس مع الأسداس، وحكم عقله، جاءني داخل للتو من عمل شاق والعرق يتصبب منه، حازما أمره!.
بعد أن اتكأ على أريكة بجانبي وقد دلق قاروة ماء بارد في جوفه، رفع رأسه وهو يحدق في وجهي: (شوف يا مدير أنا أبقى خروج نهائي خلاص)؟.
صدمني قراره المفاجىء، بدأت اتحدث لأهدىء منه، فإذا يبادرني قائلاً: ( ايش فائدة اجلس، هنا فلوس مافي مدام مافي، هناك فلوس مافي مدام في)!.
ألجمني تقييمه، وكأنه يقول لي بالفصحى إذا خُيرت بين السيىء والأسوأ، فمن العقل أن تختار (السيىء) وليس (الأسوأ)!
وهكذا?
ابومهند العيسابي