مقالات متنوعة

الجيش والشعب .. مسيرات دق الإسفين !


صباح الخميس اولا من أمس .. خرجت باكرا عليَ أصيب بعض الرزق .. ولكن إرادة قيادة القوات المسلحة – من بعد الله -فرضت أمرا آخر.. فقد قضيت سحابة نهاري جائلا فى كيلو متر مربع .. محاولا الوصول إلى مكتبي .. وفي تجوالي ذاك .. التقيت برهط من الناس .. عمالا وموظفين .. مرضى وأصحاء .. شباب ومسنين .. نساء ورجالا .. طلابا وتجارا .. و( حتى ضباط لابسين ملكى) .. كل يمشي على غير هدى .. بحثا عن حجة يتجاوز بها ارتكازات الجيش .. أو منافذ ينفذ منها إلى حيث ينوي .. كان جليا أن مصالح قد تعطلت .. وأن بيعا قد أغلقت .. ومكاتب قد هجرت .. ثم مع كل هذا لم تكن العين لتخطيء صفوف السيارات وهي تتراص على كل الشوارع .. عاجزة عن الحركة .. البطء سيد الموقف .. لا قيمة للوقت ولا تقدير ولا مراعاة لمصالح الناس التي تعطلت بسبب تعذر وصول كثير من العاملين إلى مواقع اعمالهم .. وإن شئنا دقة الوصف لقلنا دونما حرج .. إن الجيش قد احتل شرق الخرطوم .. فتعطل غربه.. أي أن العاصمة كلها كانت في حالة من التكلس و التكدس .. ولم تكن هي المرة الأولى .. ولن تكون الأخيرة ..!
بالطبع إن احترام القوات المسلحة .. وتقدير أدوارها الوطنية على مر الحقب هو واجب على كل مواطن .. قبل أن يكون حقا للقوات المسلحة .. لكن هذه الحقيقة لا يجب أن تسقط حق الناس في الاختلاف مع تقديرات القيادة احيانا .. صحيح للجيش حرمة وقواعد وتقاليد وإجراءات .. لا ينبغي للمدنيين أن يتدخلوا فيها .. مثل انفتاح الجيش في مناطق العمليات .. ولكن الصحيح ايضا . . أن انفتاح الجيش بين شارعي الجامعة والجمهورية .. على سبيل المثال .. يغلق السبل إلى مصالح هؤلاء المدنيين .. مما يجعل من حقهم أن يناقشوا أثر هذا الانفتاح عليهم .. خاصة إذا كان ذلك في وقت يفترض أنه .. وقت سلم واستقرار .. وفي منطقة نشاط مدني بكامل تفاصيله .. لقد ظل المراقبون يلحظون بوضوح أنه ما إن تعلن أية جهة أنها بصدد تنظيم مسيرة إلى القيادة العامة .. أيا كانت تلك الجهة .. وأيا كانت مشروعية حقها ذاك .. إلا وتسارع قيادة القوات المسلحة لإغلاق الطرق المؤدية إلى القيادة العامة .. وغني عن القول أن تجربة الاعتصام فى ابريل 2019 وتداعياتها وما انتهت اليه ..لا شك أنها تشكل هاجسا أمنيا مزعجا لقيادة القوات المسلحة .. والمؤكد أنها ليست على استعداد لتكرار تلك التجربة..لا في مستوى الحدث ولا في تداعياته ..!
ولكن ثمة اسئلة وملاحظات تفرض نفسها على تلك الإجراءات اﻻحترازية التي تتخذها قيادة القوات المسلحة .. أهمها أن الإعلان عن إغلاق الطرق المؤدية إلى القيادة العامة فور إعلان اي جهة رغبتها تنظيم مسيرة .. يعني بصورة مباشرة اعترافا من قيادة القوات المسلحة بحق تلك الجهة في تنظيم تلك المسيرة .. وهذا أمر فى حاجة لمراجعة وإعادة تقدير ..وهذا يقود لفرضية أخرى .. اليس فى وارد الاحتمال أن جهة ما تتعمد إطلاق هذه المسيرات لهدف آخر غير المعلن ..؟ فإن كان الهدف المعلن التوجه إلى القيادة العامة .. فهي تعلم أنها لن تستطيع فعل ذلك .. ولكنها ستحقق هدفا آخر .. ولعله المطلوب فعلا .. وهو دفع الجيش لإغلاق الشوارع .. ليتبع ذلك التضييق على الناس .. الذي يتبعه الضيق من تلك الإجراءات .. ثم الضيق من من يقوم بتلك الإجراءات .. وهذه في السياسة مما تسمى .. دق إسفين بين الجيش والمواطن .. !
ثم .. ثمة أسئلة تفرض نفسها .. حول مدى التنسيق الذي تقوم به قيادة القوات المسلحة مع الأجهزة الأخرى .. أو تلك ذات الاختصاص .. مثل جهاز الأمن والمخابرات و قيادة الشرطة .. فإن كانت الأولى معنية بتوفير المعلومات .. وتحديد حجم الحراك المتوقع ومدى أثره وبالتالي حجم الإجراءات المطلوبة لمواجهته .. فإن الثانية .. وبها إدارة كاملة للمرور .. فهي معنية بإعادة تنظيم حركة المرور بل وتحديد الشوارع التي يمكن إغلاقها بما يضمن الحيلولة دون وقع أي اختراق .. وفي ذات الوقت ضمان عدم تأثر الخرطوم بما يعطل مصالح مواطنيها بالكامل..أو الحفاظ على ذلك في حده الأدنى ..
وأخيرا فهذه سانحة نناشد فيها جهة اﻻختصاص في قيادة القوات المسلحة للتوجيه بفتح الطرق الفرعية التي شارف إغلاقها الشهر الآن ..!
محمد عبداللطيف
السوداني


تعليق واحد

  1. ليه ما تخاطب الحكومة المدنية المناط بها اعطاء تصريح المسيرات ام فاقد الشىء لايعطيه عندما تقوم الشرطة بواجبها وتستعمل القانون يطل كل واحد من وزراء هذه الحكومة وحتى والى الخرطوم وهو مسؤول باادانة الأستعمال المفرط مع المسيرة وهو مكنكش فى وظيفته وكلهم على هذه الشاكلة لذا أصبحت كل الأجزة الأمنية سلبية ليه أسأل بنعبر ( حمدوك ) شكرا محمد لطيف على وزن شكرا حمدوك .