تحقيقات وتقارير

الزواج في زمن السيول والفيضانات .. زفة بنكهة هدير المياه

الحياة مليئة بالتناقضات والمفارقات، نعيش الأتراح والأفراح في آن واحد، نبكي ونضحك في الوقت ذاته بالرغم من كارثة السيول والفيضانات التي مرت بها البلاد في الأيام الأخيرة، إلا أن الحياة لم تتوقف، مازال الناس يعيشون أفراحهم ويقيمون أعراسهم لم تمنعهم قتامة المشهد باللحظات المفرحة والأوقات السعيدة.

من المفارقات التي تحدث في الظروف الصعبة نجد كثيراً من البيوت والأسر السودانية المتأثرة بالفيضانات والسيول تقيم الأفراح ومناسبات الزواج وسط هذه الأجواء وصوت الأمواج وهدير المياه يصاحب صوت الموسيقى والطرب في كثير من الأحياء السكنية وحول هذا الموضوع أجرت (الصيحة) استطلاعاً مع عدد من المواطنين وخرجت بالحصيلة التالية.

بداية التقينا بالشاب أحمد بابكر(سائق) يسكن إحدى القرى المطلة على النيل في ولاية الجزيرة، سألناه عن رأيه في إقامة الأفراح والمناسبات، فقال: أرى انه لا مانع أن تسير الحياة رغم الظروف الكارثية التي مرت بالبلاد، وتأثرت بها بعض المناطق، أما بالنسبة للأفراح والزواج فهذه ترتبط بظروف الأسر وظروف الأزواج، فهنالك من حدد مواعيد زواجه منذ مده طويلة وتم التجهيز لها في هذا اليوم، ولم يستطع اأن يؤجله لأسباب تخصه، وحكى قصة طريفة في هذا الشأن، حيث قال: كان قد تم تحديد يوم الزواج وعندما حلت كارثة فيضان النيل وامتلأت الشوارع لم تستطِع تأجيله لظروف العريس، فقد اضطرت الأسرة لإقامة الفرح وسط هذا الجو، ولم يستطع العريس أن يأتي بالسيرة المتعارَف عليها، حيث أتى مع شخص واحد وبسيارة (تركتر زراعي)، ومن أجل أخذ العروس في هذا (التركتر) والذي كان يسير بصعوبة وسط الأمواج وكان المشهد طريفاً للغاية، حيث كان الأطفال والنساء يسيرون خلف (التركتر) الذي يحمل العرسان وسط أهازيج وزغاريد وهم يخوضون المياه حتى وصول العرسان إلى منزل الزوج، ويضيف أن هذا اليوم يعتبر يوماً تاريخياً ولم ولن يُمحى أبداً من الذاكرة.

كذلك تحدثت (للصيحة) حواء بشير استاذة بإحدى المدارس فى ولاية الخرطوم وتقطن أحد الأحياء المطلة على النيل الأبيض التي تأثرت بالفيضانات، وقالت: بالرغم من المنازل المتهدمة والأسر المتشردة في الأحياء السكنية، ولكن نسمع الموسيقى والطرب يتعالى هنا وهنالك، وتضيف: أنا شخصياً ذهبت إلى عدد من المناسبات فى هذه الظروف لمجاملة أهل المناسبة، حيث شاهدت بعض الناس لم يستطيعوا ارتداء الأحذية التي تتناسب والمناسبة، وهى مليئة بالطين وملابسهم مبتلة، ولكن رغم ذلك يحرصون على الحضور والمشاركة كعادة السودانيين وأرى هذا شيئاً جميلاً وهذه سنة الحياة ولابد أن تصير الحياة متى ما وجدت فرصة لذلك.

أما الطيب علي رجل سبعيني، فله رأي مخالف عندما سألناه عن إقامة الحفلات في ظل هذه الظروف أجاب منفعلاً (والله ما في داعي أن الناس تقيم هذه المناسبات وسط هذه الظروف (والدنيا ما طايرة)، والأسر متشردة والناس فقدت منازلها، ورغم ذلك صوت الفنانين من آذاننا ما راح. ويضيف عم الطيب: الناس تراعي مشاعر الآخرين المتأثرين ويؤجلوا هذه المناسبات لما بعد الفيضانات، لأنها فترة وحتعدي. ويرى الطيب أنه حتى لو كان لابد من إقامة الفرح ليس هنالك داعي لإقامة الحفلات في مثل هذه الظروف.

فى مشهد نادر ورائع جداً في وسائل التواصل الاجتماعي عريس يحمل عروسته وهما يرتديان أزهى ملابس الزواج وهو يعبر بها السيول وهذا المشهد وجد تفاعلاً وسط عدد كبير من المتابعين الذين عبروا عن مدى إعجابهم بهذا الموقف.

أجرته: عائشة الزاكي
صحيفة الصيحة