الاقتصاد وخروج السودان من قائمة الإرهاب اللعينة
كان موقف الحكومة الذي عقب زيارة وزير الخارجية الأمريكي صحيحًا في الإصرار علي ان الرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع ملفان منفصلان ، ولا علاقة منطقية بين الاتهام بالإرهاب وتوجهات السياسة الخارجية التي لا تعتدي علي أحد.
ولم يتضح بعد سبب تراجع الحكومة وقبولها بـربط الملفين. يطرح هذه المزاوجة تساؤلات هامة حول الهدف الحقيقي للعقوبات وتضع غيرة الحكومة علي سيادة القرار الوطني في المحك.
وفيما يتعلق بالتأثير الاقتصادي للرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، فمن المؤكد أنه سيكون إيجابيا مع انه لن ينعكس على الظروف المعيشية للغالبية العظمى من الشعب خارج الفئات العليا من طبقة واحد في المائة العليا.
من ناحية، سيتحسن وصول البنوك السودانية والقطاع المالي إلى سوق المال العالمي خاصة فيما يتعلق بخدمات المراسلات المالية مع البنوك الأجنبية. هذا في حد ذاته أمر إيجابي ، لكنه لن يؤدي وحده إلى تعظيم الصادرات كما يدعى البعض لان زيادة الصادرات تبدا بإنتاج ما يكمن تصديره قبل الخدمة البنكية. ضعف أداء الصادرات بسبب وجود عقبات حقيقية تعوق إنتاج السلع التصديرية تتعلق بضعف البنية التحتية والسياسات الاقتصادية المتقلبة والمخاطر العالية والقرارات التعسفية المتكررة التي تذهب بيقين المنتجين والمصدرين.
لذا لن يكون للرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب تأثير فوري على الصادرات ولا على الاقتصاد الحقيقي المتمثل في الإنتاج وفرس العمل ولن يحسن ظروف المعيشة للمواطن المقهور اقتصاديا . يتمثل تأثير الرفع الرئيسي على المدى القصير في تحسين الوصول المالي والقدرة على استيراد سلع تكنولوجية معينة لا يستطيع سوى القليل من شراءها أو الاستفادة من خدماتها, فمثلا لو تم تدشين خدمات بطاقة الفيزا والماستر كارد, فما هي نسبة الشعب الذي سوف تتحسن حياته؟.
من ناحية أخرى ، قد يترافق مع الرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب وإعادة توجيه السياسة الخارجية وصول بعض المساعدات الخارجية. يمكن لهذه المساعدات أن تمول استيراد القمح والوقود لبضعة أشهر ، ولكن سريعا ما تعود الأزمات لتغض مضاجع الجميع. كما يقول المثل القديم، إذا أعطيت فقيرًا سمكة ، فقد ضمنت له وجبة ، واحدة ، ولكن الحل الحقيقي هو أن يتعلم الرجل الفقير كيف يصطاد لنفسه ويتولى اطعامها في كل وجبة.
وفيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي ، فإن رفع العقوبات لن يجتذب الكثير منه لأن المخاطر السياسية والاقتصادية التي تعوق وصوله تظل مرتفعة ، والبنية التحتية لا تزال ضعيفة. قد يأتي عدد قليل من الشركات الأجنبية للاستثمار في القطاعات الاستخراجية مثل التعدين والذهب أو النفط ، ولكنها ستكون قليلة ، ولن تولد عددًا كبيرًا من الوظائف وستستخرج الفائض الاقتصادي وتصدره إلى الخارج بلا منفعة تذكر للشعب أو اقتصاده، وفي الوقت نفسه ستضر بمصالح المنتجين المحليين بنفس الطريقة التي سرق بها دجاج كنتاكي والبيتزا هوت بعض زبائن المطاعم المحلية.
ولكن حتى تلك الفوائد المحتملة تظل عصافير علي أشجار , فكثيرا ما تم التنصل عن الوعود. في بداية الالفية تم اغراء الحكومة السابقة للتوقيع علي اتفاق نيفاشا مقابل إزالة السودان من قائمة الدول الداعمة الإرهاب ، إضافة الِي وعود بـمساعدات مليارية، وتدفق هائل للاستثمار الأجنبي ، وإعادة الادماج في مجتمع الدول المتحضرة المعصومة من الإرهاب. ولكن لم يتم الوفاء بأي من الوعود وأتي بدلا منها المزيد من المطالب السياسية المذهبة للسيادة.
وفي بداية العام طولبت الحكومة بـدفع 70 مليون دولار كتعويضات لأسر ضحايا التفجيرات مقابل إخراج البلاد من قائمة دول الإرهاب. ولكن بعد ان دفعت الحكومة لم تتم الإزالة من القائمة اللعينة واتت بدلا منها المزيد من المطالب المالية والسياسية.
الهدف من التأملات أعلاه ليس التثبيط أو نشر اليأس بل التنبيه للمرة الألف إلى أن حل مشاكلنا في أيدينا ويكمن في الداخل ، وليس في تجنب عصي الأجنبي أو الريالة خلف جيبه المنتفخ. وما من سبيل للعبور سوى تعبئة الموارد الوطنية البشرية والاقتصادية لمضاعفة الإنتاج وتعزيز الاعتماد علي الذات وصيانة الكرامة الوطنية والشخصية. إن البحث عن حلول خارج الدار يهدر وقتًا ثمينًا ويغذي أوهامًا خطيرة تشجع علي التطبيع مع الاعتماد على الأجنبي الذي لا يقود الا الِي عبودية طوعية.
خلاصة القول ان رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لو تم سيكون امرا هاما وإيجابيا وعادلا ومستحقا ولكنه ليس عصا سحرية كما يصور البعض الذي يبالغ في تقدير تأثيراته الإيجابية كما بالغ النظام السابق في تهويل مضاره حتى صار شماعة للفشل الاقتصادي في العهدين .
ولكن من الناحية الأخرى فان ربط ملف الإرهاب بإهدار السيادة الوطنية علي السياسة الخارجية سيكون ثمنا باهظا معنويا وسياسيا يضعف من فرص إعادة بناء السودان كدولة مستقلة, ذات سيادة يحكمها أهلها من الخرطوم.
د. معتصم أقرع
حتى لو لعق البرهان اقدام نتنياهو لن يتم رفعكم من قائمة الارهاب حتى يتم اقالة و محاكمة الفلول البرهان و الكباشي و حميدتي و بقية الكيزان الذين مازالوا مندسين في الجيش و الخدمة المدنية و السوق
بعد التطبيع حيقولوا ليكم غشيناكم خليكم عايشين شحادين بس يمكن يسمح لكم بالشحجة في الشوارع الرئيسية بدلا عن الشحدة في الزقاقات
عاوزين تغشوا ال CIA يا كيزان هههههه 😂💉
مواهيم