تحقيقات وتقارير

ديون السودان .. رحلة بحث عن إزالة

يتطلع الشعب السوداني والحكومة الانتقالية لإحراز تقدم مماثل لخطوة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في التوصل لإعفاء كامل لديونه الخارجية المتراكمة والتي بلغت (60) مليار دولار.. فما هو الموقف الحالي؟

قالت المدير السابق لإدارة الدين الخارجي ببنك السودان المركزي د. ليلى عمربشير لـ(السوداني) إن إعفاء السودان لديونه الخارجية رهين ببذل الحكومة الانتقالية لجهود مكثفة لتحديث متطلبات واشتراطات الإعفاء حيث يشترط التمتع بإعفاء الدول المثقلة بالديون (الهيبيك) قيام السودان بمطابقة مبالغ الدين الذي عليه مع الدول الدائنة، وإعداد استراتيجية لمحاربة الفقر معتمدة من قبل المؤسسات الدولية.

وأشارت بشير الى أن حكومة الإنقاذ السابقة قطعت شوطا بعيدا في إنفاذ هذه الاشتراطات ولكن الحظر الاقتصادي الأمريكي ووضع السودان ضمن قائمة الدول الراعية للارهاب حال دون حصوله على الإعفاء، واصفة الإيقاع الحكومي بالضعيف في هذا الجانب لإهمال الحكومة السعي وراء تحديث متطلبات الإعفاء.

ونفت إعفاء البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية للديون على السودان، خاصة البنك الدولي والذي تمنع قوانينه إعفاء الديون على الدول، غير أنها أشارت لإمكانية قيام الدول الصديقة للسودان بمبادرة لتحمل سداد مديونياته الخارجية على أن يتم سدادها بقروض طويلة الأجل أو في شكل منح.

التزامات السداد
وكانت موازنة الحكومة للعام المنصرم 2019 قد حددت بنودا تقديرية لسداد الالتزامات الخارجية بحوالي (222,2) مليون دولار منها (166,6) مليون دولار سداد أصل القروض وحوالي (55,6) مليون دولار تكلفة تمويل المؤسسات التمويلية من أهمها الصناديق العربية والبنك الاسلامي للتنمية جدة.

وقالت د.ليلى إن الموافقة على إعفاء الديون الخارجية عملية معقدة وتستغرق وقتا طويلا تتطلب التفاوض مع دول نادي باريس والدول خارج نادي باريس وغيرها من مؤسسات التمويل الخارجية، مشيرة الى أن أي تأخر في السداد يفاقم من الفوائد والجزاءات والتي تقفز بإجمالي الدين لمبالغ ضخمة مقارنة بأصل الدين .

رئيس الوزراء والديون
وأشار رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك مؤخرا الى أن “رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب يؤهله للإعفاء من ديونه التي تجاوزت 60 مليار دولار”
وأعلن أنه منذ توليه المنصب بدأت محادثات حكومته مع صندوق النقد والبنك الدوليين والاتصال مع الدول الصديقة وهيئات التمويل بشأن إعادة هيكلة الديون الخارجية على السودان والتي قفزت للمبلغ المذكور من أصل الدين والذي يبلغ أكثر من(18) مليار دولار والمتبقى فوائد وجزاءات تراكمية منذ العام 1958 م والوصول لاتفاق حول الفوائد السيادية والتي تبلغ ثلاثة مليارات دولار .

وقال المحلل الاقتصادي، مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية د. خالد الفويل لـ(السوداني) إن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب يهيئ السودان للإعفاء من ديونه الخارجية التي تفاقمت بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة.
وأشار إلى أن كافة المؤشرات تؤكد أحقيته في ذلك باعتباره دولة فقيرة ومثقلة بالديون وخارجة من حروبات أهلية ويحتاج إلى التنمية والدعم الاقتصادي .

تقرير الصندوق
وأشار صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره خبراؤه مؤخرا الى التحديات الكبرى التي تجابه الحكومة الانتقالية في السودان من بينها ارتفاع نسب الدين العام والخارجي وصعوبة تحملها، حيث بلغت 211.7% و 198.2 % من إجمالي الناتج المحلي، على التوالي، خلال العام المنصرم 2019.

وأقر التقرير بالضائقة التي يعانيها السودان من الديون وأنه مؤهل لتخفيف هذا العبء بموجب مبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون التي أطلقت في العام 1996 .

ولفت الى أن إدراج السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب يشكل إحدى العقبات أمام تخفيف عبء الديون وشجع التقرير الحكومة السودانية على مواصلة التعاون مع الشركاء الدوليين لتأمين دعم شامل لتخفيف الديون وضرورة تعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي في السياسات والمدفوعات، من خلال تسديد الدفعات المنتظمة للصندوق أو على الأقل دفع ما يكفي لتغطية الالتزامات المستحقة.

وإستبعد الخبير المختص في شئون صندوق النقد الدولي بالسودان د. أمين ياسين في حديث لـ(السوداني) إمكانية إعفاء الدول الدائنة لديونها على السودان، وقال ان هذه الدول لن تعفي لكونها تعمل وفق مؤسسات وبرلمانات ومجالس تشريعية لن تسمح بذلك، مشيرا الى أن صندوق النقد الدولي وحده يضم (188) دولة ومن المستحيل أن يعفي الديون التي على السودان بمعزل عن موافقتها جميعا، غير أنه اشار الى امكانية حدوث توافق مع الدائنين على الجدولة في السداد .

الخرطوم: هالة حمزة
صحيفة السوداني