الشرطة.. خطوات تنظيم

* وددت لو كان بمقدوري أن أشد على يدي اللواء شرطة مدثر عبد الرحمن نصر الدين، مدير الإدارة العامة لشرطة المرور، ليس لأنه أمر منسوبيه بالكف عن انتزاع رخص القيادة وشهادات البحث الخاصة بسيارات المواطنين، وعدم إزالة التظليل من أي مركبة يحمل سائقها تصديقاً رسمياً، ولكن لأن قراره الصارم سيعفي السائقين من السخف والتسلط الغريب الذي يمارسه بعض رجال الشرطة معهم.
* الإجراءات التعسفية التي شرع اللواء مدثر في مناهضتها سعياً إلى القضاء عليها تتسع لتشمل نزع لوحات السيارات المخالفة، وتمزيق التظليل في عرض الشارع، وتوقيف السائقين لأوقاتٍ طويلةً، ذلك بخلاف سوء اختيار المواقع والتواقيت المخصصة لتدقيق ومراجعة الوثائق الخاصة بالسيارات والسائقين.
* إجراءات مُزعجة ومستفزة، تثير السخط بين الناس، لأنها تتم أحياناً في أوقات الذروة، وفِي طرقاتٍ مزدحمةً، لتتسبب في تعطيل حركة المرور.
* سبق لنا أن تناولنا ذلك الأمر عدة مرات، وناشدنا الشرطة في عمومها، وشرطة المرور على وجه الخصوص أن لا تتعسف في إجراءاتها مع المواطنين، وأن تلجأ إلى استخدام التقنية الحديثة، مثل كاميرات المراقبة والبوابات الإلكترونية، لضبط المخالفين، وتحديد ما إذا كانت السيارة مُرخَّصة أم لا، وتصوير من لا يلتزمون بالضوابط المرورية أثناء قيادتهم وصفَّهم للمركبات.
* معدات وأجهزة إلكترونية، لا تأكل ولا تشرب ولا تتسيب ولا تحصل على إجازات، ولا تكلف الشرطة بدلات ولا مُهمّات، ولا ترتشي، ولا تعرف المجاملة ولا المحسوبية ولا التعسف في تطبيق القانون.
* لم تحدث الاستجابة، وقد نجد العذر للقائمين على أمر شرطة المرور لأنهم يفتقرون إلى أبسط معينات العمل، ولأن قيادتهم لم توفر لهم حتى (الكرينات) اللازمة لسحب السيارات المُتعطّلة والمتوقفة بطريقة خاطئة، لذلك تتعسر الحركة في الشوارع، وتتكدس السيارات بالآلاف في الجسور، عند تعطل سيارة واحدة.
* الأصل في الأشياء الإباحة، وقد كفلت الوثيقة الدستورية للمواطنين حرية الحركة والتنقل، ومع ذلك يتم توقيف أي سائقٍ يعبر جسراً من جسور العاصمة ليلاً، لتدقيق أوراقه الثبوتية، وتفتيش سيارته بطريقة غير لائقة تثير حنق المواطنين، والويل لمن تحدثه نفسه بالتبرُّم من تلك الإجراءات المزعجة.
* يتم ذلك بعد إغلاق كل مسارات الكوبري، وتحديد (خُرم إبرة)، تمر منه السيارات الواحدة تلو الأخرى، سعياً لامتحان صبر السائقين، وهدر وقتهم في ما لا يفيد.
* التشدد غير المبرر مع المواطنين يحدث عادةً من بعض صغار الضباط، وذلك مردّه في تقديرنا إلى خلل في مناهج التدريب وأساليبه، حيث يُؤتى بأولئك الشباب اليافعين من المرحلة الثانوية إلى الكلية، ليبقوا فيها عُدّة سنوات، لا يحتكون خلالها بالمدنيين إلا لماماً، ثم يتخرجون بعدها ليجدوا أنفسهم ملزمين بالتعامل المباشر مع المواطنين، بلا سابق تهيئة ولا خبرات.
* لي مع بعض هؤلاء تجارب موجعة، حدث آخرها أمس في أحد أقسام شرطة محلية شرق النيل، عندما تعامل معي ملازم حديث التخرج بنهجٍ يخلو من اللياقة، وتحملت تعنيفه غير المبرر لي لمجرد أنني طلبت منه إذناً لزيارة أحد الموقوفين.
* بحمد الله تم إلغاء قانون النظام العام الذي خصم الكثير من رصيد الشرطة وأثر سلباً على سمعتها على أيام العهد البائد، ونتمنى أن تتواصل مساعي إلزام منسوبي الشرطة بالتزام اللطف، والابتعاد عن الغلظة، والكف عن التشدد غير المبرر مع المواطنين، كي يحتفظ الشعار الخالد (الشرطة في خدمة الشعب) ببريقه القديم.
مزمل ابو القاسم-صحيفة اليوم التالي
شكرا استاذ مزمل على هذا المقال الرائع .