تحقيقات وتقارير

العام الدراسي .. استعدادات (فاترة) وسط أزمات عاصفة

في الثاني والعشرين من الشهر الجاري ستقرع الأجــراس إيذاناً ببداية عام دراسـي جديد في كنف وبــاء كــورونــا الــذي تـجـدد بعد اختفائه لأشهر ، عام مليئ بالتحديات الكبيرة التي تواجه الحكومة أبزرها أزمة الخبز والمواصلات وارتفاع الأســعــار ، خـاصـة وأن السيول والفيضانات عصفت ببعض المدارس وانهار عدد كبير منها ، فضلاً عن عدم طباعة الكتاب المدرسي ، هذه الأسباب كفيلة بتعثر و استقرار العام الدراسي، فيما رجحت مصادر بوزارة التربية والتعليم تأجيل العام الدراسي الجديد وذلـك لصعوبات كبيرة تواجه العملية التعليمية وموعد بدء العام الدراسي، هذا الــعــام الـــذي ليس كمثله عــام، واستعدادات لا ملمح لها أو معلم.

ويرى خبراء تربويون بأن المعطيات والأزمــات الحالية وظهور موجة ثانية لكورونا سيؤدي إلى تأجيل العام الدراسي، سيكون العام في ظرف غير طبيعي، و يحتاج لإجراءات غير اعتيادية.

عدد كبير من المدارس تعرضت لانهيار جزئي وكامل جراء السيول والفيضانات التي ضربت البلاد منذ أشهر وتسببت في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات معا، ولم تخضع لصيانة من قبل الجهات المختصة حتى تصبح جاهزة لاستقبال الطلاب، الشاهد أن وزير التربية والتعليم أقر بوجود صعوبات كبيرة تواجه العملية التعليمية تتمثل في عدم طباعة الكتاب المدرسي والمواصلات وغيرها من الازمات الأخرى التي ظلت تعاني منها البلاد منذ سنة ونصف تقريباً

(۲)
ويعاني طلاب شهادتي الأساس والثانوي معاناة بالغة في الحصول على الخبز لوجبة الإفطار بالمدرسة خاصة وأن بعض المدارس لا توفر الوجبة المدرسية وبالتالي يضطر الطلاب إلى الوقوف ساعات طويلة أمام المخابز للحصول على الخبز الأمر الذي جعل عدداً كبيراً منهم يتغيب عن الطابور الصباحي بالمدرسة، وارتفاع سعر الكراسات والكتاب المدرسي وارتفاع سعر الرسوم الدراسية زاد الطين بلة.

(۳)
أنين الأمهات من العام الدراسي المبهم ، وأزيـز الآباء الذين اثقلت الهموم وارتفاع الأسعار كاهلهم، وأصبح جل تفكيرهم في هذا العام الدراسي الذي يطرق الأبواب غير معلوم المصروفات وغير متوقع الإرهاصات مقابل أحلام أطفالهم وفلذات أكبادهم.

(٤)
أبدى عدد كبير من الأسر تخوفهم من انطلاقة العام الدراسي الجديد من دون توفير الإجراءات الاحترازية الصحية لمنع انتشار الوباء وسط الطلاب خاصة وأن المدارس تفتقر للوسائل الصحية لمنع تفشي كورونا، مقابل عجز السلطات في توفير بيئة سليمة ليكمل الأطفال دراستهم، وطالبوا وزارة التربية والتعليم باعتماد نظام التعليم عن بعد خوفاً من تفشي الوباء.

(٥)
ومن جانبه قال صاحب مكتبة الوحدة الوطنية لـ(الجريدة) إن نسبة إقبال الطلاب وأولياء الأمور لشراء المستلزمات المدرسية ضعيف جداً بسبب ارتفاع الأسعار حيث تباينت أسعار الكراسات والكتب مابين ۷۰۰-۹۰۰ جنيه، واصفاً الوضع بالسيئ، وأضاف بأن هنالك أسر فقيرة لا تستطيع شراء المستلزمات المدرسية بهذا السعر المرتفع.

(٦)
ودعمت جامعة الخرطوم طباعة الكتاب المدرسي إذ تبرعت بمبلغ اثنين مليون جنيه، لصالح دعم طباعة الكتاب المدرسي، وأكدت الجامعة أنها كانت تأمل أن تدعم هذا المشروع الوطني الكبير بأكثر مما قدمته، لكن الأوضاع التي تمر بها الجامعة والخسائر التي لحقت بها جراء أحداث فض الاعتصام حالت دون ذلك. يذكر أن جامعة الخرطوم تكبدت خسائر فادحة، في الأحداث التي صاحبت فض اعتصام القيادة العامة، قدرت بـ(۱٥ ) مليون دولار. وكانت وزارة التربية والتعليم قد كشفت عن مبادرة وطنية لجمع أموال طباعة الكتاب من تبرعات المواطنين تقوم بها كل من المنظمة السودانية لدعم التعليم، ومبادرة الأستاذة زينب بدرالدين، والشهيد أحمد الخير.

(۷)
وفـي ذات السياق قالت الأسـتـاذة روضــة عبدالرحمن لـ(الجريدة) إن هنالك تحديات كبيرة تواجه العام الدراسي الجديد تتمثل في عدم توفر الكتاب المدرسي و الإجلاس الذي يحتاج إلى إعادة نظر سواء في المدارس التي انهارت بسبب الأمطار أو تلك التي أصبحت دوراً لإيواء المتضررين من السيول فضلاً عن أزمة الخبز الذي جعلت الطلاب يصطفون أمام الأفران للحصول عليه مع عجز المدارس في توفيره ،و هناك نقص للمعلمين في بعض المدارس بأطراف العاصمة كمناطق ابودليق وام ضوبان والتعويضات وريفي امبدة.

(۸)
وقال مدير مدرسة التهليل الأساسية الأستاذ عبدالوهاب علي لـ(الجريدة) إن الظروف الاقتصادية الحالية أثرت على قطاع التعليم بشكل عام ،فالمدارس الخاصة في السابق كانت توفر الكتاب المدرسي بأسعار في متناول الأيدي ويخصم من الرسوم الدراسية دون أن يشعر بثقلها أولياء الأمور ، وزادت الأسعار بصورة جنونية ولكن الآن تغير الوضع كثيراً مما جعلنا نعجز عن توفير الكتاب المدرسي بل عجزنا عن توفير الإجلاس لعدم توفر سيولة واتجاه أولياء الأمور إلى نقل أطفالهم إلى مدارس حكومية خوفاً من الرسوم الدراسية.

(۹)
وبالمقابل كشف وزير التربية والتعليم محمد الأمين التوم، صعوبات تواجه بداية العام الدراسي في ۲۲-۱۱-۲۰۲۰ م وقال الوزير في حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق إن هذا العام وفق التاريخ الذي حددته الوزارة مسبقاً يعتبر عام تحد للعملية التعليمية نسبة للظروف والأوضاع الصعبة التي تعانيها البلاد من أزمة مواصلات وأزمة الخبز والغلاء الفاحش للمعيشة. واعترف الوزير بعدم طباعة الكتاب المدرسي بصورة كاملة لأسباب تم توضيحها سابقاً مشيراً إلى متابعة الوزارة لطباعة الكتاب في المطابع الحكومية والخاصة كاشفا ً عن إنجاز جزء كبير من كتاب الصف الأول والثالث. وقال ” إذا فشلنا في توفير الوجبة المدرسية والمواصلات فان العام الدراسي سيواجه صعوبات كثيرة” ، مؤكداً متابعة الوزارة لأمر الوجبة المدرسية بصورة يومية. كما أقر وزير التربية والتعليم بعجزهم عن طباعة الكتاب المدرسي وحمل وزارة التربية والتعليم مسؤولية تعثر العام الدراسي وطباعة المناهج في الوقت الذي رفضت فيه كل من سفارة المانيا واليابان واندونيسيا وكوريا الجنوبية المساعدة والدعم في طباعة الكتاب المدرسي.

(۱۰)
وقال الخبير التربوي مبارك يحيى لـ(الجريدة) إن العام الدراسي الجديد به كثير من التحديات الكبيرة التي كان يجب أن تحسم من قبل، ويجب حل تل التحديات بصورة جذرية وأن بعض المدارس تحتاج لصيانة كبيرة والجهات المختصة لم تقم بالتأهيل اللازم، وأضاف بأن واقع التعليم في السودان يحتاج إلى دراسة شاملة للوضع البيئي السليم والظروف الصحية الآمنة، فضلاً عن ضرورة توفر الإجلاس وتوفير بيئة سليمة معافية، وأضاف مبارك يحيى بأن الحكومة منذ بداية الحكم أقرت بمجانية والزامية التعليم ولكنها تراجعت دون تحقيق ذلك الشعار الذي سيعاني على إثره كثير من الأسر المستعففة.

(۱۱)
وفي ذات السياق قالت عضو لجنة المعلمين والقيادية بتجمع المهنيين قمرية عمر لـ(الجريدة) إن العام الدراسي الجديد سيبدأ في موعده، وجميع الاشكاليات التي يتوجب على وزارة التربية والتعليم حلها قد انجزت ، أما التي تخص وزارات أخرى كالمالية التي وعدت بطباعة الكتاب المدرسي وتوفير وجبة مدرسية مجانية للطلاب ولكنها لم تلتزم بما وعدت به ، بل تنصلت وزيرة المالية عن جميع الوعود التي قطعتها من قبل ، بل أنها تماطلت في فتح حساب في بنك السودان حتى لانزال التبرعات الوطنية التي وعد بها أبناء الخيرين من أبناء الوطن بالخارج ،وأضافت بأن هنالك مدارس خضعت للصيانة عقب جائحة السيول والأمطار وأخرى لم تخضع للصيانة بسبب عدم توفر ميزانية كافية للصيانة، ويجب أن تكون هنالك صيانة دورية سنوية على جميع المدارس حتى من دون حدوث كوارث طبيعية، أما فيما يخص المناهج فقد كونت لجان لجميع المواد التعليمية على رأسها خبراء كل مادة على حده.

تحقيق : عرفة خواجة
صحيفة الجريدة