رأي ومقالات

معتصم أقرع: الشيطان الحقيقي هو طباعة العملة رب رب


خرافة ناكوسي الصادرات وسعر الصرف:
أحد الأخطاء الشائعة في الخطاب الاقتصادي هو الادعاء المتكرر باستمرار بأن سعر صرف الجنيه ضعيف ومتهاوي بسبب ضعف أداء قطاع التصدير وما يترتب على ذلك من عجز في الميزان التجاري.

هذا الادعاء خاطئ وغير مقبول من كائن درس الاقتصاد أو تولي زمام ادارته بما إنه يعكس العلاقة بين سعر الصرف والصادرات.
ظل سعر الصرف في السودان يتدهور لا بسبب سوء أداء الصادرات ولكن بسبب التضخم الناجم عن الطباعة غير المنضبطة للنقود لتمويل عجز الموازنة. واستمر أداء الصادرات ضعيفًا لأسباب عديدة ، من بينها سعر الصرف الذي عجز عن مواكبة التضخم بشكل فوري.
وارتفاع التضخم بمعدلات أعلى من معدلات التغير في سعر الصرف يخلق وضع يصير فيه سعر الصرف الحقيقي أقوى, وغير صديق للتصدير, على الرغم من تدهور سعر الصرف الاسمي. في عهد هذه الحكومة فاقت معدلات التضخم درجة تدهور سعر الصرف لذلك ارتفعت قيمة سعر الصرف الحقيقي مما ساهم في اضعاف الصادر وزيادة الواردات.

لنرى كيف يعكس الخطاب الاقتصادي المضروب العلاقة بين سعر الصرف والصادرات ويقلبها رأساً على عقب كما نسمع من أعلى مستويات اتخاذ القرار الاقتصادي في الجمهورية ، يكفي أن نلاحظ أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري هائل لأن قيمة الدولار قوية – نسبة لضخامة تدفقات الاستثمار المالي الأجنبي لووول ستريت وكون الدولار هو عملة التجارة والاحتياطات الدولية – في حين أن ألمانيا والصين دولتان مصدرتان رئيسيتان لأن كلاهما يتمتع بعملة منخفضة القيمة نسبيا ومقيمة بأقل من قيمتها – بفضل اليورو القوي بالنسبة لاقتصادات مثل اليونان واسبانيا ولكن ضعيف في سياق أسس الاقتصاد الألماني.

أما في الحالة الصينية فان انخفاض سعر الصرف يأتي بسبب تصميم سياساتي متعمد في إطار السياسة الصناعية. وقد ظلت الولايات المتحدة تشكو لطوب الأرض من انخفاض قيمة اليوان بصورة مصطنعة بما يوفر للصين ميزة تصديرية معتبرة ولم تكل عن التهديد ومطالبة الصين بتقوية عملتها.

رغم ان الصادرات تستجيب لسعر الصرف ولا تحدد قيمته وحدها بـأي درجة الا ان الخطاب الرسمي يلقي باللوم علي الصادرات, عن جهل أو عمد, ويتناسى ان الشيطان الحقيقي هو طباعة العملة رب رب لان تزييف الحقيقة نوع من الخلط المريح الذي ينفي مسؤولية الحكومة ويعلق الجرس علي رقبة الشعب السوداني بتصويره ضمنيا وزورا علي انه الكسول الجهول العاجز عن التصدير المهدر لقيمة العملة الوطنية.

معتصم أقرع