الفنانة انصاف فتحي ومبادرة حكامة:تحقيق السلام على ارض الواقع
الفنان الملتزم من كانت له قضية تتخطى التسلية والترفية والطرب. و اذا جمع الفنان المثقف قضية والتزم بها وفي ذات الوقت ابدع في فنه وتطريبه ووظفهما لخدمة قضيته كان من الخالدين: اولا يذكر الناس بوب مارلي في جذرالهند الغربية والمارتنيك وهاوي وكيف غزا العالم بغناء الريقي الملتزم؟ اولا يذكر الناس دريد لحام وكيف غزا العالم العربي وما بعده يعالج اسقام مجتمعه السياسية بالضحك و المزحة والكوميديا اللاذعة القارصة الصاعقة؟ اولا يذكر الناس الفنان الممثل الامريكي سير لورانس اوليفييه الذي سما بقضايا الصراع وكفاح اسلاف الامريكان السود و سعى للخروج بها من جب الاضطهاد والقهر الى قمم الابداع و المشاركة في بناء بلدهم ودمج مجتمعاتهم؟ وهل ينسى الناس الفنان مارلون براندو- نجم الفيلم الكلاسيكي الاب الروحي- وكيف دافع عن الضعفاء من الهنود الحمر والامريكيين الذين عانوا من ويلات التطور الصناعي فاهلكتهم الامراض والسقام وما كان لهم من صريخ الا من امثال براندو؟؟؟.
وهل ينسى الناس الفنان المالي سايفو كيتا الذي وقف منافحا عن قضايا ما نطلق عليهم في مجتمعنا “اولاد الحوور” وهو من اسرة ملكية باذخة المكانة في مجتمعة و غني لهم حتى ذاع صيته وانتشر و تقبلهم الناس و كانوا من قبل في شرق افريقيا و غربها معا يذبحون و يرملون مثلما الموؤدة في عهد العرب الغابر؟ لهؤلاء الفنانين قضية والتزام. ولفنانتنا في هذا التقريرالتزام: تحقيق السلام على الارض في السودان
ومع الفرق البين بين هؤلاء والسياق التاريخي والاجتماعي في كل، يظل الوقوف مع الضصعفاء والذين لاصوت لهم السعي لتحقيق السلام الاجتماعي هو العامل المشترك بين كل هؤلاء وبين الفنانة الاستاذة انصاف فتحي والتي نفرد لها هذ التقرير اذ ربما تكون على شاكلة هؤولاء ولكن في سياق ومحيط مختلف.
اما من حيث الطرب والفن والابداع فيقول الاستاذ احمد محمد عثمان ساطور المؤلف والموزع والعازف الموسيقي ان هذه الفنانة موعودة بالتميز مقارنة باقرانها من المطربين الشباب الذين ظهروا في السنوات الأخيرة. فقد اثنى المختصون في الموسيقى والغناء عليها لتميزها في الأداء، من بين رصيفاتها و رصفائها.
ويضيف “كنت فقدت الأمل في الاصوات النسائية الجديدة ولكن هذه الشابة تتميز بصوت جميل وأداء أجمل بالاضافة إلى انها شقت طريقها بأغانيها الخاصة عكس كثير من المطربين الشباب وتميز أدائها الجميل و قدرتها و تمكنها من فن المواجهة والإلقاء”.
ولئن كان كثير من المطربين يتخلى عن التحصيل الدراسي فقد تميزت انصاف بكفاحها الأكاديمي اذ تعد الن لنيل درجة الدكتوراة في هندسة المشروعات
ولكن الفنانة الشابة التي ملات الاسافيرغناء مميزا وخلقت جمهورا متميزا وواصلت مسيرة تفردها وهاهي تقرر ان تسخر فنها لانزال بروتكولات السلام والوثائق المكتوبة لارض الواقع لان الفن اقرب لفهم الانسان البسيط فاطلقت “مبادرة حكامة” يوم السبت الخامس من ديسمبر 2020
و”مبادرة حكامة ” هي مبادرة فنية لاجل السلام وتوظيف الفن والغناء للتبشير بالسلام وخلق دعم شعبي عام للسلام وملامسة حاجات الانسان البسيط في القرى والنجوع والوديان والمعسكرات واماكن اللجوء والمناطق المتاثرة بالحروب والنزاعات .
وتقول انصاف فتحي ” مبادرة حكامة هي مبادرة ترمي لترسيخ ثقافة السلام وتمليك ثقافة السلام للانسان البسيط عبر الفنون. الغناء واحد من تطبيقات هذه المبادرة و رؤيتنا اننا بالفنون قادرون على ان نخلق تغيير في مجتمعاتنا” المختلفة
اسباب تميزها الفني:
ويعزو الاستاذ مهند احمد حامد ، احد المتابعين لمسيرتها الفنية، تميز انصاف الفني لالتقائها مع بدايات مسيرتها الفنية باشخاص وضعوها في الطريق الصحيح ، الى جانب اجتهادها في تطوير مهنتها. ويضيف “هذا النجاح والتفوق لم يات صدفة بل كان نتاج معاناة وتعب حيث كانت انصاف تقطع الكيلومترات لتربط بين الدراسة في جامعة السودان ونشاطها الفني في نادي الخرطوم جنوب ثم العودة الي منزلها في حي الثورة بمدينة امدرمان .”
وتوضح إنصاف في لقاء اجرته معها المحررة النابهة((رقية الشقيع)) من مجلة (سوداناو) بمكتبها بمدينة الخرطوم بحري ان من بين الاشخاص الذين اسهموا في صقل تجربتها الاستاذ بابكر صديق مقدم برنامج نجوم الغد الذي تعتبره الاب الروحي ، ثم محطة مهمة مع الفنان الكبير محمد وردي في تواشيح النهر الخالد ثم تجربة برنامج اغاني واغاني والتقائها بعدد من نجوم الفن السوداني، حيث تتلمذت علي ايديهم : الموسيقار دكتور الماحي سليمان ، دكتور محمد حسن عجاج، الاستاذ محمد حامد جبارة مما كان له الاثر الكبير والدافع في زيادة قدراتها الابداعية ومنحها مزيدا من الثقة والشجاعة والتعامل باحترافية للسير في مجال الفن .
والدراسة كانت نقطة تحول في حياة الاستاذة انصاف الفنية، فبدات تضع ماتقدمه من فن في قالب مدروس وذلك بتطبيق دراستها في مجال تخصصها ( هندسة المشروعات) وتوظيف الفن علميا مشاريعها الفنية :
عصفورة السودان
يهدف المشروع الى التنقل في كل مناطق السودان والثقافات المختلفة بدون حواجز او حجب للرؤية بحيث تستطيع العصفورة النزول في اي منطقة واخذ ماتريده من ثقافة وفنون تلك المنطقة والتحليق مره اخري ثم النزول في منطقة ثانية وتكرار عملية الاخذ والعطاء وتبادل الثقافات وهكذا لربط التراث السوداني والتعريف به وتاكيد ان هذا التراث ملك للجميع .
وعبر هذا المشروع تغنت انصاف لكل مناطق السودان وبكل اللغات، في الشرق غنت البداويت بلغاته الاثنين ، في الشمال غنت باللغة النوبية، كما غنت بكل لغات غرب السودان و لهجات لغته العربية، وغنت بعربي جوبا كما كانت تغني اغنيات الإقليم المعين لاهل إقليم اخر فتجد تجاوبا وقبولا مما ينشئ نوعا من التالف و التصالح الجميل الذي يخدم عملية السلام .
اولا يذكر الناس الفنان المالي سايفو كيتا الذي وقف لوحده يدافع عن ما نسميهم “اولاد الحوور” في بلادنا حتي ذاع صيته عالميا و تقبيهم الناس في الغرب الافريقي و في اقصي الشرق الافريقي رو كانوا يقتلوا كما الموؤودة في جاهلية العرب الغابرة؟؟
مشروع عصفورة انطلق في سبتمبر 2019 و هو يهدف الي ترسيخ مفاهيم السلام وتحقيقه من خلال الغناء التراثي وصهر إيقاعات السودان المختلفة في بوتقة من الإبداع الواعي بمطلوبات المرحلة وحاجة المناطق المتأثرة بالحرب إلى مناخ السلام الاستقرار.
و تقول انصاف ان الفكرة كانت وليدة مكالمة هاتفية من احد النازحين بمعسكر كلمة تحدث معها مبديا اعجابه بفنها وصدقها ووطنيتها وطلب منها القيام بزيارة لمعسكرات النازحين والوقوف علي احوالهم والتعرف على مشاكلهم.
تقول الفنانة تحركت علي الفور و قررت السفر جبرا لخاطر هذا النازح واستجابة لطله في القيام برحلة سمتها (رحلة الي ديار المريود) ورفعت خطابات لكبار المسؤولين بالدولة علي راسهم وزارة الثقافة والإعلام والشركات الكبري عن مشروع الرحلة و عندما تاخرت الردود قررت ومن داخل مكتبها وبدعم ذاتي قررت السفر فاستاجرت بص سياحي للفرقة والمرافقين وانفقت بسخاء من حر مالها علي الرحلة ،
“بحمد الله وتوفيقه وصلت نيالا والفاشر ومن هناك استاجرت سيارات لاندكوزر للحركة داخل ولايتي دارفور وكردفان فقمت بزيارة اكبر معسكرين للنازحين هما معسكر ابوشوك بشمال دارفور ومعسكر كلمة بجنوب دارفور، وهي تاوي مئات الآلاف من النازحين” الذين شردتهم الحرب والنزاعات من مناطق دارفور المختلفة، وتقول انها استطاعت دخول المعسكرات بعد معاناة و ممانعة ومقاومة
تقول الاستاذة انصاف انها في داخل معسكر كلمة التقت النازحين اصحاب المعاناة الحقيقية وحكوا لها مرارات النزوح والحنين للعودة الي ديارهم وقراهم وما سببته الحرب من الالام واوجاع بفقدان الشباب وترمل النساء ويتم الاطفال كما اقعدتهم عن التنمية والانتاج وانهم سئموا العيش داخل المعسكرات وهجر منازلهم ومزارعهم.
بعض اسباب الحرب اجتماعية بحتة لا تحل الا بالتواصل:-
تضيف الاسستاذة انصاف انها من خلال لقاءاتها مع النازحين ردالا و نساء و شباب تمكنت من التعرف على ان بعض اسباب هذه النزاعات والحروب “اسباب اجتماعية بحته” ، موروثات وتقاليد مجتمعية متاصلة يجب التخلص منها بمزيد من التوعية والارشاد ، وتطيب الخاطر والتواصل بمزيد من الاهتمام ، فقد كان للزيارة صدي عظيم وترحيب واسع من النازحين وعلي حسب قولهم انهم منذ العام 1987 لم يحضر اليهم فنان من الخرطوم للغناء في مناطقهم حتي اصابهم الياس انهم صاروا منسيين تماما و تقول انها ، قدمت مجموعة من الحفلات تسبقها جرعات توعوية وتوجيهية عن نبذ العنف والنزاع واهمية العودة للديار للانتاج والتنمية ، وتغنت بأغنيات من تراث دارفور، كان لهما مفعول السحر في ملامسة وجدان النازحين وإثارة الذكريات، باغنيات الشوق والحنين للديار وترسيخ وتعميق العلاقات الانسانية والعودة من الغربة والاغاني التي تدعو الي المحبة والتسامح ونبذ الخلاف، ولم تغفل إنصاف أهداف مشروعها ( عصفورة السودان) فتغنت لنازحي دارفور بتراث كردفان وثقافة شرق السودان.
كما حرصت على زيارة قراهم المتأثرة بالحرب وشاركتهم عمليات البناء وإعادة تأهيل تلك القرى.
مبادرة حكامة:
ومن داخل معسكر كلمة للنازحين بولاية جنوب كردفان ومع التفاعل الكبير الذي وجدته فكرة عصفورة السودان تبلورت فكرة مبادرة جديدة (مبادرة حكامة ) بهدف نشر ثقافة السلام في السودان.
تقول الاستاذه انصاف جاء الاسم (حكامة) لتعريف العالم والاجيال بمكانة الحكامة الفنية والثقافية وقوة شخصيتها وتاثيرها علي انسان المنطقة وتعميم هذا المصطلح علي كل مناطق السودان
الأهداف العامة للمبادرة:-
وتتمثل الاهداف العامة للمبادرة في:
۱ -العمل (فنيا) على معالجة القضایا المسببة للنزاعات والعنف بجمیع أشكالھ و بالأخص المرتبطة منھا بثقافة المجتمع و موروثاتھ و تقالیده.
۲ -تملیك ثقافة السلام بصورة علمیة مواكبة للشخصیات الفنیة المؤثرة في المناطق المتصادمة و كیفیة طرحھا للمجتمع.
۳ -رفد المجتمع بجرعات عالیة من الطاقة الإیجابیة في كبسولات فنیة.
٤ -تقدیم قدوة مجتمعیة في التمازج والعمل الجماعي عبر الفنون.
الأهداف الخاصة للمبادرة:
* تھدف المبادرة لتأھیل الشخصیات الفنیة المؤثرة وعلى رأسھا الحكامات في مناطق النزاع و توجیھ رسالتھم نحو بناء السلام الإجتماعي وھدم المعتقدات السائدة ما قبل مرحلة السلام في السودان.
* خلق حراك فني ضخم في المناطق المتأثرة بالحروب و النزاعات للعمل على انزال السلام الى أرض الواقع.
الوسائل المدروسة للمبادرة
1-عقد مؤتمر حكامة الجامع للفنون الشعبیة والحدیثة. (في الفترة من ۱ الى ۲۸ فبرایر2021 )
۲ -مسابقات حكامة التنافسیة الفنیة (في الفترة من ۱الى ۳۰ أبریل ۲۰۲۱(
۳ – مھرجان حكامة لأغنیة السلام (في الفترة من ۱الى ۳۰ یونیو ۲۰۲۱(
٤ – مسرح حكامة المفتوح المتجول (في الفترة من ۱ نوفمبرالى ۳۰ دیسمبر۲۰۲۱.(
المدى الزمني للمبادرة- :
قدر المدى الزمني للمبادرة ب ۱۸ شھر من إنطلاقھا وتشمل مرحلة الإعداد والتنفیذ حسب الوسائل المطروحة والتقییم لمتابعة النتائج المرجوة من المبادرة.
مناطق الفعاليات:موزعة بین مختلف ولایات السودان
وتقول انصاف ان مبادرة حكامة وجدت اهتمام وترحيب وتبني الفكرة من ولاية جنوب كردفان ممثلة في سعادة والي الولاية الدكتور حامد البشير فهورجل مثقف ورجل سلام يعمل بخطط مدروسة لخلق استقرار وسلام دائم للولاية خاصة وللسودان عموما وهو أحد المحفزين الأوائل للعمل في صياغة اللبنة الاولى للمبادرة وقدشهدت ولايته تحول المبادرة من مجرد فكرة الى برنامج واضح المعالم .
كما رحب رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان ووعد بدعمها بعد ان اطلع على أهدافها وابدى اهتماما واضح وأشار إلى إمكانية رعايتها وتقول الاستاذة انصاف ان العديد من الفرق الشعبية والحكامات ومجموعة من المنظمات والجمعيات نضموا الان للمبادرة.
الشراكات الإستراتيجية
فتحت المبادرة آفاق المشاركة أمام كل فئات المجتمع (المؤسسات الحكومیة – المنظمات الدولیة – المؤسسات الخاصة – منظمات العمل المدني – المؤسسات العلمیة – الكیانات الفنیة – الأفراد) لتكوین جسم قادر على إنفاذ الأھداف في الفترة المقررة.
سونا