خطيئة الحكم: هيمنة المناورات السياسية علي حقائق الاقتصاد
عندما تولت هذه الحكومة زمام الأمور ، قلنا لها عبر العديد من القنوات أن أهم مشكلة تواجه الوطن هي معدلات التضخم المرتفعة وانه يجب تبني توجه يضمن ان ترويض التضخم أولوية قصوى للأمن القومي بناء علي ثلاثة أسباب:
– إن ترويض التضخم شرط مسبق ملزم لنجاح أي إصلاحات اقتصادية. بدون السيطرة على التضخم ، جميع الجهود المبذولة لتحسين الاقتصاد محكوم عليها بالفشل المؤكد.
– يؤدي التضخم إلى تآكل الدخل الحقيقي للمواطنين وتعميق فقرهم. علاوة على ذلك ، فإن تأثيره علي الشرائح الاجتماعية الاضعف اعلي من تأثيره علي الشرائح الأخرى.
– يقود استمرار التضخم إلى تآكل الدعم السياسي للحكومة ويفتح الباب لمزيد من الاضطرابات الاجتماعية والتشرذم السياسي والانهيار الأمني ويضع مصير الوطن في مهب الريح.
لكن هذه الحكومة لا تستمع ولا تفهم. وبدلاً من محاربة التضخم، فقد فاقمته وزادت الطين بلة.
في عام 2020 ، كان التضخم في كل شهر أعلى من الشهر السابق. لذا بدلاً من معالجة المشكلة ، فقد ضاعفتها حكومة الثورة ولا تستطيع ان تلقي باللوم علي نظام الإنقاذ فيما يتعلق بارتفاع الأسعار في 2020.
في أكتوبر 2020 ، بلغ التضخم 230٪. ومع ذلك فإن وزارة المالية بلغت بها الجرأة علي الحق ان تقول في وثيقتها الجديدة المعنونة “أسس و قواعد إعداد الموازنة العامة للعـام المالـي 2021م ” أن التضخم لعام 2020 بأكمله سيكون في حدود 128 في المائة ، وهذا تدليس.
تكرر هذه الحكومة خطيئة كل الدكتاتوريات السابقة وتعيد انتاج هيمنة المساومات السياسية علي الاقتصاد في أسوأ صورها. بمعني ان الحكومة تتخذ قرارات كبيرة مدفوعة باعتبارات سياسية قصيرة النظر وبدون ان تدرس ما يترتب علي هذه القرارات اقتصاديا وهذا من أسوة أنواع الحوكمة.
الحكم الرشيد يدرس الاثار الاقتصادية لأي قرار سياسي ويستصحبه ولا يقفز فوقه.
ولكن بدلا من ذلك فان هذه الحكومة تتخذ قرارات بدوافع سياسية ثم تفرض علي السياسة الاقتصادية ان تتكيف مع خياراتها السياسية قصيرة النظر في حين ان الحكم الرشيد يستدعي ان يتكيف القرار السياسي مع الحقائق الاقتصادية, لا العكس.
معتصم أقرع