القادم أسوأ ولا يحتاج التوجس والوعي به الِي شائعات عن وصول حاويات مشحونة بورق طباعة العملة رب رب
ذبح الاقتصاد باسم السلام:
ذهبنا أمس الِي ان أحد اهم أسباب انهيار الاقتصاد وانغلاق افاق السياسة السودانية هو هيمنة المناورات السياسية علي حقائق الاقتصاد.
وقلنا ان ان الحكم الرشيد يستدعي ان يتكيف القرار السياسي مع حقائق الاقتصاد, ولكن ما يحدث في أرض الواقع ان من يملك مقاليد الحكم يتخذ قرارات بدوافع سياسية ثم يفرض علي السياسة الاقتصادية ان تتكيف مع قراراته التي اتخذها بدون دراسة ما يترتب عليها اقتصاديا.
في اعتقادي ان طغيان السياسي وسيادته علي منطق الاقتصاد هو أحد اهم محاور فشل الحوكمة المزمن العابر للنظم.
وفي صحافة اليوم تبرع القيادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله بتوفير مثال توضيحي بليغ علي ما ذهبنا اليه من خطيئة الحكم بـهيمنة السياسي علي ارقام الاقتصاد.
فقد أوضح السيد عادل خلف الله ان الحكومة المرتقبة سترفع عدد الوزارات الِي 26 وأقر بأن عدد الوزارات كبير وسيزيد الانفاق [ وبالتالي يفاقم معدلات التضخم وانهيار سعر الصرف].
وقال عادل اعترضنا على ذلك داخل الاجتماعات وطالبنا ب13وزارة فقط ولكن تم تغليب رأي الأغلبية. ولكنه عاد ليبرر القفز فوق منطق الاقتصاد وارقامه بأنه يأتي في اطار زيادة الوفاق الوطني.
ولا ادري أي نوع من وفاق وطني هذا الذي يأتي علي حساب تأجيج نيران الفشل الاقتصادي.
وفي هذا المنعطف لا نملك الا ان نتساءل عن صدقية طاقم الحكم الذي جاهد بحماس لرفع الدعم عن السلع الأساسية بدعوي توفير الموارد لتمويل الإنتاج والصحة والتعليم.
ولكن رغم تنفيذ رفع الدعم فانه لم يحدث أي تحسن في تمويل الأنشطة المذكورة ولا حتى تراجع لمعدلات التضخم أو عجز الموازنة.
فقد انعدمت الادوية المنقذة للحياة واعلن الأطباء النواب الاضراب لانهم ظلوا يعملون مجانا كأقنان في نظام سخرة خطر علي صحة المواطن – ولا ادري من يريد ان يخضع لجراحة تحت مبضع نائب اخصائي يعمل سخرة بلا مرتب وربما يكون جائع بعد سندوتش فول بائس أو مصاب بالنعاس الشديد بعد ساعات طويلة كسائق ترحال.
أما وزارة التربية فقد عجزت عن طباعة الكتاب المدرسي وفشي الجوع في اكثر الأقاليم ثراء بالإمكانيات الزراعية والحيوانية والسمكية.
وفي التبرير لضعف تمويل الصحة والتعليم يتحجج الطاقم الحاكم بضعف الموارد ولكنه الان ينسي هذا الضعف ويرفع عدد الوزارات الِي 26 لشراء رضاء حلفاءهم الاستراتيجيين من أهل الجبهة الثورية.
ولن يتوقف انفراط الصرف الحكومي عند رفع عدد الوزارات، فالقادم أسوأ ولا يحتاج التوجس والوعي به الِي شائعات عن وصول حاويات مشحونة بورق طباعة العملة رب رب.
معتصم أقرع