تحتاج الثورة إلى فراشة أخري !!

مرافعات … أشرف خليل
——–
▪️مضي الطالب (أسامة عبدالقيوم) ابن الرباطاب النحيل في مثل هذا اليوم 19 ديسمبر من قبل عامين إلى كافتيريا مدرسة (عطبرة الصناعية) ليشتري ساندويتش الفطور اليومي، مد يده بكل ما كان لديه في جيبه وهي الخمسة جنيهات ثمناً للساندويتش..
تفاجأ بأن سعر الساندويتش اصبح 10 جنيهات.. وما بين جوعه والإحباط خرج هتافه الساخط..
لا يذكر ذلك الفتى المحبط ما قاله بالضبط يومها لكن رفاقه الذين ساندوه طوروا هتافه الي
(شرقت شرقت عطبرة مرقت .. والشعب جعان لكنو جبان.. وعايزين فطور).
وامتد هتافهم إلى الشارع العريض الذي يربط إحياء السودنة والداخلة والسكة حديد بالسوق الكبير.. وهوناً ما وغلت عطبرة واستجرأت على كسر حاجز الصمت الطويل.. من تلك الشرارة اندلع اللهيب…
إذن الحكاية بدأت بساندوتش(طعمية) ثم معالجات فطيرة للازمة من ولاية نهر النيل شجعت بقية الولايات على تكرار نموذج عطبرة..
ذلك النموذج الحي على صدق نظرية (تأثير الفراشة) التي تقول بأن الأحداث متناهية الصغر، قد تشكّل نتائج هائلة الاتساع.. وهي نظرية فلسفية فيزيائية تعتقد بأن الأسباب الصغيرة، لها تأثير كبير على النتائج على مدى واسع وكبير..
وبمعنى أبسط يمكننا القول إن تحريك جناح الفراشة في بقعة من الأرض كفيل بإحداث تغيير ضخم في بقعة أخرى.
أن التفاصيل الصغيرة التي لا ندرك تأثيرها قد تكون سببًا في خلق التغيير مع التراكم والوقت.
شرقت عطبرة وغرب نظام الانقاذ الوطني..
تلك الفوضى التي خلّقها اسامة -او فلنقل خلفها ساندويتش الطعمية- في ذلك اليوم أنتجت فوضاها العنقودية الخلاقة وأكرم صحة والبدوي وعباس مدني انتهاءً بصورة (خلق آدم) في منهج الصف السادس أساس وبمصاحبة واستصحاب قانون الكونغرس اللقيط لصنع الفسيخ من شربات الثورة المستحيل، تلك (التخليقة) غير المأمونة ودون أي تجارب سريرية والتي يحاول الامريكان حشرنا فيها بتطبيق قوالب جاهزة لحلب الثيران السودانية ودق القراف، لن نبقي من بعدها ظهرا ولن نقطع أرضاً !!
(نرجع لي موضوعنا)…
ود عبدالقيوم المتعرض للاستفزاز الشديد المفاجئ لم يكن ليصدق أن هتافه الصادق يومها سيتحول إلى ثورة شعبية تعم السودان..
تحدث الأشياء رغماً عن كل ذلك النظام الظاهري، برغم فوضاها فإنها لا شك تملك قوانينها وثمة فوارق خاصة غير منظورة أسندت الأمر لساندويتش الطعمية المغالي فيه..
ورغم معاناته اليوم فإنه لازال يرغب ويرقب علي نحو ما استعدال الحال وانقلاب العسر يسرا…
(قِنع) من حمدوك ولا (فِتر) من البرهان فان
الاحوال تسوء بين يديه لحظة بلحظة ولايبدو ثمة امل ولا بدر ولا فقيرى..
وهاهي الذكري الثانية تمر لتراهم في ذهول وحسرة كيف يحاولون تمرير أحكامهم الأخلاقية على الأحكام الأخلاقية الخاصة بثقافة أخرى، وكيف يحاولون الحكم على تصرفات الناس من منظور ثقافات لا تتصل وهذه البلاد ولا معتقداتها..
عامان من عمر الثورة ولم يري اسامة مشهدا متصلاً بالشعائر التعبدية لدولته التي خرجت من أعطاف هتافه المجنح سوي في الجنائز الرسمية!!
▪️مضي العامان ولم يمضي اسامة الي المدرسة، واذا عاد فلن يجد سعر ساندويتش الطعمية في ذات سعره يوم المظاهرة قبل عامين بل سيجده فاق الـ100 جنيه لكنه لن يهتف مجدداً فقد رمي (نرده) قبل عامين وجاب (ستتين)..
ولا أمل مطلقاً في تحقيق ذات النتيجة رغم الفرص والظروف المواتية..
(انك لا تستطيع أن تدخل رجلك في الماء مرتين)..
تراكمت الاسباب خلف هتاف عطبرة الصناعية لتصنع هذا التغيير الذي لم يراوح..
يحتاج التغيير إلى تغيير!!..
والتغيير الي فراش..
والي انسجام العوامل واتفاقها معه..
مثل ما حدث قبل عامين في عطبرة!!
ماذا لو كان يملك اسامة يومها العشرة جنيهات قيمة الساندوتش؟!
ماذا لو كان غير حاتم الوسيلة واليا لنهر النيل؟!.
ماذا لو لم يكن صلاح قوش مديرا للامن والمخابرات العامة؟!..
ولو لم يكن للخائنين خصيما؟!..
تلك أيام مضت ويا حليلا ..
بقت أحلام بتتأول!!..
▪️ في أكتوبر
كان فراشها القرشي
و(أجمل من فراشة مجنحة على ضفاف المقرن الجميل)
وفي ابريل كان (الفراش الحائر) و(بالله ليه يا فراش خلاك وراح القاش؟!)
في ديسمبر كان فراشاً وطنيا خالصاً حتى أن الجميع وقف على التخوم والشرفات يغني له:
(وكان تعب منك جناح..
في السرعة زيد)..
لكن تاثيره كان مستورداً لذا لم يستطع أن يواصل ويكمل المشوار !!.
كل من خرج سابقا لإسقاط البشير بسبب فشل اقتصادي أصبح اليوم جاهز ومستعد الخروج ضد حمدوك لأن الفشل أصبح اقتصادي وأضيف له فشل أخلاقي برعاية مدير المناهج الجمهوري القراي ووكيل الاعلام الشيوعي البلدوزر الرشيد سعيد ووزير المريسة نصر الدين والوزير الباحث عن اليهود وعبدة الأوثان مفرح … كل هؤلاء وغيرهم أتي بهم حمدوك المغرور ليعينوه على حربه القذرة على القيم والأخلاق التي يتمسك بها الشعب السوداني ومستعد ليقدم الحلقة الثانية من ثورته قريبا دفاعا عن اسلامه وقيمه التي اتي هؤلاء ليستبدلوها بقيم الدول التي كانوا يعيشون فيها وان شاء الله ستزول حكومة حمدوك قريبا بسبب أفعال يده