مزمل ابو القاسم

د. مزمل أبو القاسم: بالأفعال.. لا الأقوال


للعطر افتضاح
د. مزمل أبو القاسم
بالأفعال.. لا الأقوال
* لا مجال أمام رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لممارسة المزيد من (الفهلوة) والاستهبال السياسي في ما يتعلق بطريقة إدارته للأزمة الحالية، لأنها تتصل بحقائق راسخة، لا يجوز التعامي عنها بدفنها في رماد العبارات المُعمّمة، والحديث المزخرف عن متانة العلاقات السودانية الإثيوبية.

* العلاقات تُصان ابتداءً بمراعاة مبادئ حُسن الجوار، وباحترام كل دولة لسيادة جارتها، وبعدم تعدي أي طرف على أراضي الآخر، وبالتالي فإن محاولات التبرير الماسخة للاحتلال الإثيوبي المُزمن لأراضي الفشقة، بادعاء أنه تم بأيادي عصابات الشفتة الخارجة عن سيطرة السلطات الإثيوبية لن يجدي فتيلاً، ولن يبرر استمرار ذلك الوضع الشاذ.

* حتى حديث آبي عن عن وجود طرف ثالث يستهدف تشويه الصلات لا مكان له من الإعراب، فهو يستطيع أن يضع العلاقات في إطارها الصحيح، ليقيها شرور الصيد في ماء النزاعات العكِر باحترام المعاهدات والاتفاقات الدولية التي ترّسم الحدود بين البلدين، وعلى رأسها اتفاقية (هارنغتون منليك) لعام 1902، والاتفاق الثنائي السوداني الإثيوبي حول أراضي الفشقة للعام 1972، وبإلزام مواطنيه من قومية الأمهرة بالانسحاب من أراضي السودان، ومنع جيشه الفيدرالي من مساندة المحتلين، سيما بعد أن أدى ذلك السند القبيح إلى إهدار أرواح عزيزة لجنودنا البواسل في الأيام الماضية.

* لم يقبل آبي أحمد تعدي مواطنيه من قومية التقراي على جيشه الفيدرالي، فقاتلهم وشتت شملهم، ودكّ قواتهم ومدنهم وقراهم بالمدافع والطائرات، وأجبر عشرات الآلاف من أهله على اللجوء إلى السودان الذي احتضنهم وآواهم بمنتهى المحبة، فكيف يريد منا أن نقبل اعتداء عصابات الشفتة الإثيوبية (وقوات إقليم الأمهرة) على أراضينا وجيشنا الساعي إلى حماية أراضٍ تثبت كل المعاهدات والاتفاقيات تبعيتها الكاملة للسودان؟
* كما كتب الزميل الصديق عبد الجليل سليمان فقد أقضت عصابات الشفتة المجرمة مضاجع المزارعين والرعاة السودانيين، بنهبها للماشية والمحاصيل والآليات، واختطافها لبعض كبار المزارعين وابتزاز ذويهم بطلب فديةٍ، وقتل من لا يستجيبون لها، وبالتالي لم يعد أمام جيشنا ألا أن يمارس مهامه السيادية، ليطرد تلك العصابات المجرمة من أرضه، ويحمي مواطنيه منها، مهما كلفه ذلك من عنت.

* نعلم أن النزاع السياسي والعسكري المتصاعد بين القوميات الإثيوبية وضع ضغوطاً هائلة على عاتق آبي أحمد، المتورط في حربٍ أهليةٍ شرسةً مع التقراي، وندرك أنه بحاجة ماسة إلى دعم الأمهرة له بعد أن انقسم أهله من عرقية (الأرومو) في موقفهم منه، لكن السودان_ وكما أسلفنا_ ليس معنياً بمراعاة تلك الحسابات، وهو مُلزم بالتعامل مع إثيوبيا كدولة موحّدة، وليس كعرقيات متناحرة، يجمع بينها ما صنع الحداد.

* آبي أحمد ُمطالب بأن يثبت حسن نواياه، ويؤكد رغبته في تقوية العلاقات بياناً بالعمل، وبخطواتٍ عمليةً على الأرض، يكف عبرها عن الانقياد لرغبات نائبه ووزير خارجيته دمغي مكنن، الساعي إلى ترسيخ احتلال أهله الأمهرة لأراضي السودان، وقد رشحت أنباء تفيد أن مكنن نفسه وبعض المسئولين في الإقليم يمتلكون استثمارات زراعية في أراضي الفشقة، وأنهم يسعون لفرض سياسة الأمر الواقع بتعبيد الطرق ونشر القوات داخل المنطقة، مما يفسر أسباب غضبهم من إقدام الجيش السوداني على تنظيف أرضه من المعتدين.

* استغل مكنن منصبه كوزير للخارجية واستدعى سفير السودان في أديس لتعنيفه بادعاء أن الجيش السوداني دخل منطقةً (مُتنازع عليها) وأنه يحاول توسيع نطاق سيطرته على أراضٍ واستثمارات إثيوبية (داخل إثيوبيا).

* جاء رد السفير جمال الشيخ قوياً ومُفحماً، لأنه أثبت حقيقة أن كل الأحداث التي تناولها نائب رئيس الوزراء في حديثه تمت على أراضٍ سودانية، وأن الجيش السوداني لم يتجاوز الحدود مطلقاً، مع أنه تعرض لاعتداءاتٍ متكررةً من قوات إثيوبيةٍ، سببت خسائر في الأرواح والمعدات، وأنه سيواصل حمايته لأراضيه وممارسة حقوقه السيادية عليها.

* الثابت الأبرز في الأحداث الحالية أن السودان ما عاد قادراً على هضم الرواية المهترئة التي تتحدث فيها الحكومة الإثيوبية عن مليشيات متفلتة تعتدي على الأراضي والمزارعين داخل حدود السودان، لأن الجميع يعلمون أن تلك الهجمات تتم بواسطة قوات إقليم الأمهرة المدعومة بالجيش الفيدرالي الإثيوبي، وأن السودان عرض عدة مرات تكوين قوة مشتركة لتأمين الحدود بالنهج نفسه الذي تم مع تشاد، ولم يحظ بالاستجابة من الحكومة الإثيوبية، الساعية إلى فرض واقعٍ جديدٍ بحديثها الممجوج عن حدودٍ تم ترسيمها بعلاماتٍ عمرها أكثر من مائة عام.

* يجب على حكومتنا أن لا تقبل أي حديثٍ عن ترسيم الحدود لأنه يمثل دعوة باطل يُراد بها عين الباطل، وينبغي عليها عدم الدخول في أي حوار مع الإثيوبيين قبل أن تتوقف الاعتداءات، وتكف عصابات الأمهرة عن قصف الأراضي السودانية، وعلى الحكومة الإثيوبية أن تثبت جديتها في المحافظة على متانة العلاقه بلجم المعتدين، وتحجيم الشفتة الملاعين، وإلا.. سيكون من حق جيشنا المقدام أن يشتت شملهم، و(يعدمهم نفّاخ النار).

صحيفة (اليوم التالي)


تعليق واحد

  1. الله اكبر والله يااستاذ كفيت واوفيت لابد من استرداد جمع أراضي السودان المحتله ويجب ان يتم بالتزامن مع انتصارات جيشنا ان تعمر هذه الأرض بالشباب السوداني وان توفر الدوله كل معينات الحياة حتي لا تكون مطمعا للاعادي